مفكر فرنسي:«الحرب العالمية الثالثة» بدأت فعلا بأشكال مختلفة!

  • 1/26/2023
  • 01:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

أجرى‭ ‬الحوار‭: ‬ألكسندر‭ ‬ديفيكيو لقد‭ ‬بدأت‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثالثة،‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬اقتصاديًا‭ ‬–‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬الرأي‭ ‬المثير‭ ‬للجدل‭ ‬الذي‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬المفكر‭ ‬والمؤرخ‭ ‬وعالم‭ ‬الإنثروبولوجيا‭ ‬والسياسة‭ ‬الفرنسي‭ ‬إيمانويل‭ ‬تود‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬الأخير‭ ‬‮«‬لقد‭ ‬بدأت‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثالثة‮»‬‭. ‬ يعتبر‭ ‬المؤلف‭ ‬أنه‭ ‬كلما‭ ‬طال‭ ‬أمد‭ ‬النزاع‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬زاد‭ ‬الموقف‭ ‬تشددا،‭ ‬وهو‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬الحل‭ ‬لإنهاء‭ ‬الصراع‭ ‬هو‭ ‬إجبار‭ ‬نظام‭ ‬كييف‭ ‬على‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬جعل‭ ‬بلده‭ ‬منطقة‭ ‬منزوعة‭ ‬السلاح‭ ‬ومحايدة‭ ‬مثل‭ ‬سويسرا‭. ‬لنتذكر‭ ‬أن‭ ‬الحياد‭ ‬الدائم‭ ‬للاتحاد‭ ‬السويسري‭ ‬ناتج‭ ‬عن‭ ‬إعلان‭ ‬السلطات‭.‬ يذكرنا‭ ‬المؤلف‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬وضع‭ ‬الحياد‭ ‬الدائم‭ ‬للاتحاد‭ ‬السويسري‭ ‬ناتج‭ ‬عن‭ ‬إعلان‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القوى‭ ‬الأوروبية‭ ‬بتاريخ‭ ‬20‭ ‬مارس‭ ‬1815‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬فيينا‭.‬ تعتبر‭ ‬سويسرا‭ ‬نموذجا‭ ‬للحياد‭ ‬الدائم،‭ ‬وقد‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬النموذج‭ ‬قائما‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭. ‬يمكن‭ ‬للنموذج‭ ‬السويسري‭ ‬أن‭ ‬يقنع‭ ‬بعض‭ ‬الأوكرانيين‭ ‬بجدوى‭ ‬اللجوء‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬إلى‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الحل‭. ‬ يؤكد‭ ‬المؤلف‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬الدائرة‭ ‬رحاها‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬لها‭ ‬بعد‭ ‬ثقافي‭ ‬وآخر‭ ‬إيديولوجي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬الطاحنة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أبعادها‭ ‬العسكرية‭ ‬والجيوسياسية‭ ‬والاستراتيجية‭. ‬فهناك‭ ‬صدام‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الغرب‭ ‬الليبيرالي‭ ‬وبقية‭ ‬مناطق‭ ‬العالم‭. ‬ يبدي‭ ‬مؤلف‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬السقوط‭ ‬النهائي‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬تنبأ‭ ‬فيه‭ ‬بانهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬عام‭ ‬976،‭ ‬تحفظه‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬بشأن‭ ‬مسألة‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭. ‬احتفظ‭ ‬عالم‭ ‬الإنثروبولوجيا‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬بمعظم‭ ‬مداخلاته‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬للجمهور،‭ ‬حتى‭ ‬أنه‭ ‬نشر‭ ‬في‭ ‬الأرخبيل‭ ‬الياباني‭ ‬كتابا‭ ‬بعنوان‭ ‬اعتبرته‭ ‬بعض‭ ‬الدوائر‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬استفزازيا‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬بدأت‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثالثة‭ ‬بالفعل‮»‬‭.‬ ‭- ‬ما‭ ‬السبب‭ ‬الذي‭ ‬دفعك‭ ‬إلى‭ ‬نشر‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬حول‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬في‭ ‬اليابان‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬فرنسا؟ اليابانيون‭ ‬هم‭ ‬معادون‭ ‬لروسيا‭ ‬مثلهم‭ ‬مثل‭ ‬الأوروبيين،‭ ‬لكنهم‭ ‬بعيدون‭ ‬جغرافيًا‭ ‬عن‭ ‬الصراع،‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬شعور‭ ‬بدقة‭ ‬الموقف،‭ ‬وليس‭ ‬لديهم‭ ‬ارتباط‭ ‬عاطفي‭ ‬بأوكرانيا‭. ‬لدي‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬والغرب‭ ‬سمعة‭ ‬سخيفة‭ ‬بأنني‭ ‬‮«‬مفكر‭ ‬تدميري‮»‬،‭ ‬بينما‭ ‬أنا‭ ‬في‭ ‬اليابان‭ ‬عالم‭ ‬إنثروبولوجيا‭ ‬ومؤرخ‭ ‬وعالم‭ ‬جيوسياسي‭ ‬مرموق،‭ ‬يتحدث‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الصحف‭ ‬والمجلات‭ ‬الكبرى،‭ ‬ويتم‭ ‬نشر‭ ‬كتبه‭.‬ يمكنني‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬نفسي‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬جو‭ ‬هادئ،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬أولاً‭ ‬في‭ ‬المجلات،‭ ‬ثم‭ ‬بنشر‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب،‭ ‬وهو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المقابلات‭. ‬يحمل‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثالثة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬بالفعل،‭ ‬وقد‭ ‬بيع‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬أيامه‭ ‬الأولى‭ ‬فقط‭ ‬100‭,‬000‭ ‬نسخة‭.‬ ‭- ‬لماذا‭ ‬اخترت‭ ‬هذا‭ ‬العنوان‭ ‬لكتابك‭ ‬الجديد؟ لأن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الواقع،‭ ‬لقد‭ ‬بدأت‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثالثة‭ ‬بأشكال‭ ‬مختلفة‭. ‬صحيح‭ ‬أنها‭ ‬بدأت‭ ‬‮«‬صغيرة‮»‬‭ ‬واشتملت‭ ‬على‭ ‬مفاجأتين‭. ‬لقد‭ ‬ذهبنا‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬بفكرة‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭ ‬كان‭ ‬قويًا‭ ‬جدًا‭ ‬وأن‭ ‬اقتصاده‭ ‬كان‭ ‬ضعيفًا‭ ‬جدًا‭.‬ كان‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬أوكرانيا‭ ‬سوف‭ ‬يتم‭ ‬سحقها‭ ‬عسكريًا‭ ‬وأن‭ ‬روسيا‭ ‬سوف‭ ‬يسحقها‭ ‬الغرب‭ ‬اقتصاديًا،‭ ‬لكن‭ ‬العكس‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭. ‬أوكرانيا‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬سحقها‭ ‬عسكريًا‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬فقدت‭ ‬16‭%‬‭ ‬من‭ ‬أراضيها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ؛‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬سحق‭ ‬روسيا‭ ‬اقتصاديًا‭. ‬بينما‭ ‬أتحدث‭ ‬إليكم،‭ ‬ارتفعت‭ ‬قيمة‭ ‬العملة‭ ‬الروسية‭ ‬‮«‬الروبل‮»‬‭ ‬بنسبة‭ ‬8‭%‬‭ ‬مقابل‭ ‬الدولار‭ ‬و18‭%‬‭ ‬مقابل‭ ‬اليورو‭ ‬منذ‭ ‬اليوم‭ ‬السابق‭ ‬لبدء‭ ‬الحرب‭.‬ لذلك‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬الفهم،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬الصراع‭ ‬الذي‭ ‬ينتقل‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬إقليمية‭ ‬محدودة‭ ‬إلى‭ ‬مواجهة‭ ‬اقتصادية‭ ‬عالمية،‭ ‬بين‭ ‬الغرب‭ ‬كله‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬وروسيا‭ ‬المدعومة‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬عالمية‭ ‬بأتم‭ ‬معنى‭ ‬الكلمة،‭ ‬وحتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬منسوب‭ ‬العنف‭ ‬العسكري‭ ‬منخفضًا‭ ‬مقارنة‭ ‬بما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬العالمية‭ ‬السابقة‭.‬ ‭- ‬ألا‭ ‬تبالغ‭ ‬بعض‭ ‬الشيء؟‭ ‬الغرب‭ ‬ليس‭ ‬طرفا‭ ‬مباشرا‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭.‬ كلا،‭ ‬الغرب‭ ‬يكثف‭ ‬من‭ ‬تقديم‭ ‬الأسلحة‭. ‬نحن‭ ‬نقتل‭ ‬الروس‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬نفضح‭ ‬أنفسنا‭. ‬لكن‭ ‬يظل‭ ‬صحيحًا‭ ‬أننا‭ ‬نحن‭ ‬الأوروبيين‭ ‬ملتزمون‭ ‬اقتصاديًا‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭. ‬نحن‭ ‬ندرك‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬دخولنا‭ ‬الحقيقي‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭ ‬سيأتي‭ ‬من‭ ‬بوابة‭ ‬التضخم‭ ‬ونقص‭ ‬المواد،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المواد‭ ‬الاستهلاكية‭.‬ لقد‭ ‬ارتكب‭ ‬الرئيس‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬خطأً‭ ‬فادحًا‭ ‬في‭ ‬البداية،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬له‭ ‬أهمية‭ ‬اجتماعية‭ ‬وتاريخية‭ ‬هائلة‭. ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬اهتموا‭ ‬بدراسة‭ ‬حالة‭ ‬أوكرانيا‭ ‬حتى‭ ‬عشية‭ ‬الحرب‭ ‬لم‭ ‬يروا‭ ‬أنها‭ ‬ديمقراطية‭ ‬وليدة،‭ ‬بل‭ ‬مجتمع‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬انحلال‭ ‬و«دولة‭ ‬فاشلة‮»‬‭ ‬في‭ ‬طور‭ ‬التكوين‭.‬ تساءلنا‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬أوكرانيا‭ ‬قد‭ ‬فقدت‭ ‬10‭ ‬ملايين‭ ‬أو‭ ‬15‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭ ‬منذ‭ ‬استقلالها‭. ‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نقرر؛‭ ‬لأن‭ ‬أوكرانيا‭ ‬لم‭ ‬تجر‭ ‬تعدادًا‭ ‬سكانيًا‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2001،‭ ‬وهي‭ ‬علامة‭ ‬كلاسيكية‭ ‬لمجتمع‭ ‬يخاف‭ ‬من‭ ‬الواقع‭.‬ أعتقد‭ ‬أن‭ ‬حسابات‭ ‬الكرملين‭ ‬كانت‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬المتحلل‭ ‬سوف‭ ‬ينهار‭ ‬عند‭ ‬الصدمة‭ ‬الأولى،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬يقول‭ ‬‮«‬مرحباً‭ ‬يا‭ ‬أمي‮»‬‭ ‬لروسيا‭ ‬المقدسة‭.‬ لكن‭ ‬ما‭ ‬اكتشفناه،‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬المجتمع‭ ‬المتحلل،‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬تغذيته‭ ‬بالموارد‭ ‬المالية‭ ‬والعسكرية‭ ‬الخارجية،‭ ‬والغربية‭ ‬تحديدا،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يجد‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬نوعًا‭ ‬جديدًا‭ ‬من‭ ‬التوازن،‭ ‬وحتى‭ ‬الأفق‭ ‬والأمل‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بوسع‭ ‬الروس‭ ‬توقع‭ ‬ذلك‭. ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يستطيع‭.‬ ‭- ‬ألم‭ ‬يقلل‭ ‬الروس‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬أوكرانيا‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬والقوة‭ ‬التي‭ ‬يدعم‭ ‬بها‭ ‬الغرب،‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬نظام‭ ‬كييف؟‭ ‬ألا‭ ‬تقلل‭ ‬أنت‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬أوكرانيا‭ ‬على‭ ‬الصمود؟ لست‭ ‬أدري‭. ‬أنا‭ ‬أدرس‭ ‬هذه‭ ‬المسألة‭. ‬لكن‭ ‬كباحث،‭ ‬هذا‭ ‬يعني‭ ‬الاعتراف‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬أشياء‭ ‬لا‭ ‬نعرفها‭. ‬ومن‭ ‬الغريب‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬المجالات‭ ‬التي‭ ‬لدي‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬لاتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬بشأنها‭ ‬هو‭ ‬أوكرانيا‭.‬ يمكنني‭ ‬أن‭ ‬أخبرك،‭ ‬استنادًا‭ ‬إلى‭ ‬البيانات‭ ‬القديمة،‭ ‬بأن‭ ‬نظام‭ ‬الأسرة‭ ‬في‭ ‬روسيا‭ ‬الصغيرة‭ ‬كان‭ ‬نوويًا،‭ ‬أكثر‭ ‬فردية‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬الروسي‭ ‬العظيم،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬أكثر‭ ‬جماعية‭.‬ لكن‭ ‬ما‭ ‬أصبحت‭ ‬عليه‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التحركات‭ ‬السكانية‭ ‬الهائلة،‭ ‬والاختيار‭ ‬الذاتي‭ ‬لأنواع‭ ‬اجتماعية‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬مكانها‭ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الهجرة‭ ‬قبل‭ ‬وأثناء‭ ‬الحرب،‭ ‬لا‭ ‬يمكنني‭ ‬إخباركم‭ ‬بذلك،‭ ‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نفعل‭ ‬ذلك‭. ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭.‬ بادئ‭ ‬ذي‭ ‬بدء،‭ ‬أعترف‭ ‬أنني‭ ‬فوجئت‭ ‬ببدء‭ ‬الحرب،‭ ‬ولم‭ ‬أصدق‭ ‬ذلك‭. ‬أشارك‭ ‬اليوم‭ ‬تحليل‭ ‬العالم‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬‮«‬الواقعي‮»‬‭ ‬الأمريكي‭ ‬جون‭ ‬ميرشايمر‭.‬ لقد‭ ‬أدلى‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬بالملاحظة‭ ‬التالية‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬كانوا‭ ‬يخبروننا‭ ‬أن‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬التي‭ ‬استولى‭ ‬جنود‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ (‬الأمريكيون‭ ‬والبريطانيون‭ ‬والبولنديون‭) ‬على‭ ‬جيشها‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2014‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬كانت‭ ‬بالتالي‭ ‬عضوًا‭ ‬فعليًا‭ ‬في‭ ‬الناتو،‭ ‬وأن‭ ‬الروس‭ ‬قد‭ ‬أعلنوا‭ ‬أنهم‭ ‬لن‭ ‬يتسامحوا‭ ‬أبدًا‭ ‬مع‭ ‬أوكرانيا‭ ‬العضو‭ ‬في‭ ‬الناتو‮»‬‭.‬ لذلك‭ ‬فإن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الروس‭ (‬كما‭ ‬أخبرنا‭ ‬بوتين‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬السابق‭ ‬للهجوم‭) ‬يخوضون‭ ‬حربا‭ ‬وقائية‭ ‬واستباقية‭ ‬ودفاعية‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظرهم‭ ‬الدفاعية‭ ‬والوقائية‭. ‬ يعتبر‭ ‬ميرشايمر‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬لدينا‭ ‬أي‭ ‬سبب‭ ‬للفرح‭ ‬بالصعوبات‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬الروس‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬لأنه‭ ‬نظرًا‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬سؤال‭ ‬وجودي‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم،‭ ‬فكلما‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬أكثر‭ ‬صعوبة،‭ ‬صعدوا‭ ‬وكثفوا‭ ‬من‭ ‬عنف‭ ‬ضرباتهم‭ ‬لأوكرانيا‭. ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التحليل‭ ‬صحيح‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تشهده‭ ‬اليوم‭. ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬الغرب‭ ‬طرفا‭ ‬‮«‬مباشرا‮»‬‭ ‬لكنه‭ ‬يخوض‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬بأشكال‭ ‬عدة‭. ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أضيف‭ ‬تكملة‭ ‬ونقدًا‭ ‬إلى‭ ‬تحليل‭ ‬ميرشايمر‭.‬ ‭ -‬ما‭ ‬الذي‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تضيفه؟ عندما‭ ‬يقول‭ ‬ميرشايمر‭ ‬إن‭ ‬أوكرانيا‭ ‬هي‭ ‬بحكم‭ ‬الواقع‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬الناتو،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يذهب‭ ‬بعيدًا‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬الكفاية‭. ‬أصبحت‭ ‬ألمانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬شريكين‭ ‬ثانويين‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬الناتو،‭ ‬ولم‭ ‬تكونا‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العسكري‭.‬ تم‭ ‬انتقاد‭ ‬السذاجة‭ ‬الفرنسية‭ ‬والألمانية‭ ‬لأن‭ ‬حكومتنا‭ ‬لم‭ ‬تؤمن‭ ‬بإمكانية‭ ‬الغزو‭ ‬الروسي‭. ‬بالتأكيد،‭ ‬لكن‭ ‬لأنهم‭ ‬لم‭ ‬يعرفوا‭ ‬أن‭ ‬الأمريكيين‭ ‬والبريطانيين‭ ‬والبولنديين‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يسمحوا‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬شن‭ ‬حرب‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬أكبر‭. ‬المحور‭ ‬الأساسي‭ ‬لحلف‭ ‬الناتو‭ ‬الآن‭ ‬هو‭ ‬واشنطن‭ - ‬لندن‭ - ‬وارسو‭ - ‬كييف،‭ ‬وليس‭ ‬فرنسا‭ ‬وألمانيا‭. ‬ لنأتي‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬النقد‭ ‬–‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬جوني‭ ‬ميرشايمر،‭ ‬مثله‭ ‬مثل‭ ‬أي‭ ‬أمريكي‭ ‬جيد،‭ ‬يبالغ‭ ‬في‭ ‬تقدير‭ ‬بلاده‭. ‬وهو‭ ‬يعتبر‭ ‬أنه،‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الروس‭ ‬وجودية،‭ ‬فهي‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الأمريكيين‭ ‬مجرد‭ ‬‮«‬لعبة‮»‬‭ ‬قوة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬ألعاب‭ ‬أخرى‭.‬ وبعد‭ ‬الكوارث‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬فيتنام‭ ‬والعراق‭ ‬وأفغانستان،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬إذا‭ ‬عاشت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬كارثة‭ ‬أخرى‭. ‬تتمثل‭ ‬البديهية‭ ‬الأساسية‭ ‬للجغرافيا‭ ‬السياسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الآتي‭: ‬‮«‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نفعل‭ ‬ما‭ ‬نريد‭ ‬لأننا‭ ‬محميون،‭ ‬بعيدون،‭ ‬بين‭ ‬محيطين،‭ ‬ولن‭ ‬يحدث‭ ‬لنا‭ ‬شيء‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‮»‬‭.‬ لن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬شيء‭ ‬وجودي‭ ‬لأمريكا‭. ‬هذا‭ ‬التحليل‭ ‬غير‭ ‬المنقوص‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬اليوم‭ ‬إلى‭ ‬الاندفاع‭ ‬المتهور‭. ‬كلا،‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬دولة‭ ‬تعاني‭ ‬بدورها‭ ‬من‭ ‬الهشاشة‭. ‬لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬صمود‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الروسي‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يدفع‭ ‬النظام‭ ‬الإمبريالي‭ ‬الأمريكي‭ ‬نحو‭ ‬الهاوية،‭ ‬عسكريا‭ ‬واقتصاديا‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أحد‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬يصمد‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الروسي‭ ‬أمام‭ ‬‮«‬القوة‭ ‬الاقتصادية‮»‬‭ ‬لحلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭. ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الروس‭ ‬أنفسهم‭ ‬لم‭ ‬يتوقعوا‭ ‬ذلك‭.‬ إذا‭ ‬قاوم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الروسي‭ ‬العقوبات‭ ‬إلى‭ ‬أجل‭ ‬غير‭ ‬مسمى‭ ‬وتمكن‭ ‬من‭ ‬استنفاد‭ ‬قدرات‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬بينما‭ ‬حافظ‭ ‬هو‭ ‬على‭ ‬مرتكزاته،‭ ‬مدعومًا‭ ‬من‭ ‬الصين،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬انهيار‭ ‬الضوابط‭ ‬النقدية‭ ‬والمالية‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬تهيمن‭ ‬بها‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬العالم،‭ ‬وينهار‭ ‬معها‭ ‬احتمال‭ ‬أن‭ ‬تمول‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عجزها‭ ‬التجاري‭ ‬الهائل‭.‬ لذلك‭ ‬أصبحت‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬وجودية‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وعلى‭ ‬غرار‭ ‬روسيا،‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يمكن‭ ‬للأمريكيين‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬أو‭ ‬التخلي‭ ‬عنه‭. ‬لهذا‭ ‬نحن‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭ ‬لها،‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬نتيجتها‭ ‬انهيار‭ ‬أحدهما‭ ‬أو‭ ‬الآخر‭. ‬يبتهج‭ ‬الصينيون‭ ‬والهنود‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬آخرين‭.‬ ‭- ‬لكن‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭ ‬يواجه‭ ‬تحديات‭ ‬وصعوبات‭ ‬كبيرة،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬يراهن‭ ‬على‭ ‬انهيار‭ ‬نظام‭ ‬موسكو‭. ‬ما‭ ‬رأيك؟ كلا‭. ‬في‭ ‬البداية‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬تردد‭ ‬في‭ ‬روسيا،‭ ‬وشعور‭ ‬بالتعرض‭ ‬للمغالطة‭ ‬وعدم‭ ‬التهيؤ،‭ ‬لكن‭ ‬الروس‭ ‬عدلوا‭ ‬بوصلتهم‭ ‬وحافظوا‭ ‬على‭ ‬استقرارهم‭ ‬في‭ ‬الحرب،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬بوتين‭ ‬يستفيد‭ ‬من‭ ‬شيء‭ ‬ليس‭ ‬لدينا‭ ‬أي‭ ‬فكرة‭ ‬عنه،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬سنوات‭ ‬حكم‭ ‬بوتين،‭ ‬كانت‭ ‬بالنسبة‭ ‬للروس‭ ‬سنوات‭ ‬عودة‭ ‬التوازن،‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬الطبيعية‭ ‬بعد‭ ‬الإهانة‭ ‬التي‭ ‬تعرضوا‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬سلفه‭ ‬بوريس‭ ‬يلتسن‭. ‬لقد‭ ‬كانت‭ ‬سنوات‭ ‬التسعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬فترة‭ ‬معاناة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬لروسيا‭.‬ وبالمقبل‭ ‬فإن‭ ‬الرئيس‭ ‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‭ ‬يمثل‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الفرنسيين‭ ‬عنوانا‭ ‬لاكتشاف‭ ‬عالم‭ ‬خطير‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التنبؤ‭ ‬به،‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬الخوف‭ ‬وهواجس‭ ‬الماضي‭ ‬الأليم‭.‬ كان‭ ‬العقد‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭ ‬بمثابة‭ ‬عودة‭ ‬إلى‭ ‬الوضع‭ ‬الطبيعي،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬مستويات‭ ‬المعيشة‭: ‬لقد‭ ‬رأينا‭ ‬معدلات‭ ‬الانتحار‭ ‬والقتل‭ ‬تتراجع،‭ ‬وفوق‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬المؤشر‭ ‬المفضل‭ ‬لدي،‭ ‬وهو‭ ‬معدل‭ ‬وفيات‭ ‬الرضع،‭ ‬ينخفض‭ ‬وحتى‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬المعدل‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬ يجسد‭ ‬بوتين‭ ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬الروس‭ ‬هذا‭ ‬الاستقرار‭. ‬وبشكل‭ ‬أساسي،‭ ‬يعتقد‭ ‬المواطنون‭ ‬الروس‭ ‬العاديون،‭ ‬مثل‭ ‬رئيسهم،‭ ‬أنهم‭ ‬يخوضون‭ ‬حربًا‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬أنفسهم‭ ‬وبلادهم‭. ‬ إن‭ ‬الروس‭ ‬يدركون‭ ‬أنهم‭ ‬ارتكبوا‭ ‬أخطاء‭ ‬في‭ ‬البداية،‭ ‬لكن‭ ‬إعدادهم‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الجيد‭ ‬زاد‭ ‬من‭ ‬ثقتهم،‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬ولكن‭ ‬ضد‭ ‬ما‭ ‬يسمونه‭ ‬‮«‬الغرب‭ ‬الجماعي‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وأتباعها‮»‬‭.‬ إن‭ ‬الأولوية‭ ‬الحقيقية‭ ‬للنظام‭ ‬الروسي‭ ‬ليست‭ ‬الانتصار‭ ‬العسكري‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬وليس‭ ‬فقدان‭ ‬الاستقرار‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الذي‭ ‬اكتسبه‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬العشرين‭ ‬الماضية‭. ‬لذا‭ ‬فهم‭ ‬يشنون‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬‮«‬على‭ ‬الاقتصاد‮»‬،‭ ‬وخاصة‭ ‬على‭ ‬‮«‬اقتصاد‭ ‬الرجال‮»‬،‭ ‬لأن‭ ‬روسيا‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬مشكلتها‭ ‬الديموغرافية،‭ ‬حيث‭ ‬يبلغ‭ ‬معدل‭ ‬الخصوبة‭ ‬1‭.‬5‭ ‬طفل‭ ‬لكل‭ ‬امرأة‭. ‬لذلك‭ ‬يسعى‭ ‬الروس‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬اقتصاد‭ ‬حرب‭ ‬جزئي،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الرجال‭.‬ هذا‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬انسحاب‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬خيرسون‭ ‬بعد‭ ‬انسحابه‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى‭ ‬شملت‭ ‬خاركيف‭ ‬وكييف‭ ‬وهي‭ ‬استراتيجية‭ ‬ذكية‭. ‬نحن‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬نحسب‭ ‬الكيلومترات‭ ‬المربعة‭ ‬التي‭ ‬استولى‭ ‬عليها‭ ‬الأوكرانيون،‭ ‬لكن‭ ‬الروس‭ ‬ينتظرون‭ ‬سقوط‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الأوروبية‭.‬ نحن‭ ‬الغربيون‭ ‬نمثل‭ ‬جبهتهم‭ ‬الرئيسية‭. ‬بالطبع،‭ ‬قد‭ ‬أكون‭ ‬مخطئًا،‭ ‬لكني‭ ‬أعيش‭ ‬مع‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬السلوك‭ ‬الروسي‭ ‬مقروء،‭ ‬لأنه‭ ‬عقلاني‭.‬ ‭- ‬أنت‭ ‬تعتبر‭ ‬أن‭ ‬الروس‭ ‬ينظرون‭ ‬إلى‭ ‬النزاع‭ ‬الحالي‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬تمثل‭ ‬‮«‬حربا‭ ‬دفاعية‮»‬‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬حاول‭ ‬غزو‭ ‬روسيا‭. ‬بسبب‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لحلف‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬بمثل‭ ‬هذا‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬الشرقية،‭ ‬فيما‭ ‬تسعى‭ ‬دول‭ ‬البلطيق‭ ‬إلى‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحلف‭.‬ ‭ ‬إذا‭ ‬نظرنا‭ ‬إلى‭ ‬خريطة‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬نرى‭ ‬دخول‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭ ‬من‭ ‬الشمال‭ ‬والشرق‭ ‬والجنوب‭. ‬نتبين‭ ‬بالفعل‭ ‬الرؤية‭ ‬الكامنة‭ ‬وراء‭ ‬التدخل‭ ‬العسكري‭ ‬الروسي‭. ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬نظرنا‭ ‬إلى‭ ‬الصورة‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تظهر‭ ‬لنا‭ ‬العالم‭ ‬–‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وحلفائها،‭ ‬فإننا‭ ‬سنرى‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬بنادق‭ ‬وصواريخ‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬موجهة‭ ‬من‭ ‬مسافة‭ ‬بعيدة‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬المعركة،‭ ‬وهي‭ ‬حركة‭ ‬أسلحة‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬قبل‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭.‬ تقع‭ ‬‮«‬باخموت‮»‬‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬8400‭ ‬كيلومتر‭ ‬من‭ ‬واشنطن‭ ‬و130‭ ‬كيلومترًا‭ ‬من‭ ‬الحدود‭ ‬الروسية‭. ‬تسمح‭ ‬قراءة‭ ‬بسيطة‭ ‬لخريطة‭ ‬العالم،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أعتقد،‭ ‬بالنظر‭ ‬في‭ ‬الفرضية‭ ‬القائلة‭ ‬‮«‬نعم،‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬النظر‭ ‬الروسية،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬حربًا‭ ‬دفاعية‮»‬‭.‬ ‭- ‬هل‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬دخول‭ ‬روسيا‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬التراجع‭ ‬النسبي‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة؟ في‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الامبراطورية‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬نُشر‭ ‬عام‭ ‬2002،‭ ‬ناقشت‭ ‬التدهور‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وعودة‭ ‬القوة‭ ‬الروسية‭. ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2002،‭ ‬عانت‭ ‬أمريكا‭ ‬من‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الإخفاقات‭ ‬والنكسات‭.‬ غزت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬العراق،‭ ‬لكنها‭ ‬غادرت،‭ ‬تاركةً‭ ‬إيران‭ ‬لاعباً‭ ‬رئيسياً‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬فر‭ ‬الأمريكيون‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أفغانستان‭. ‬لقد‭ ‬عملت‭ ‬أوروبا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬توتير‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬وجعل‭ ‬كييف‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬الفلك‭ ‬الغربي‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يمثل‭ ‬أي‭ ‬إضافة‭ ‬للغرب‭. ‬على‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬لقد‭ ‬شهدنا‭ ‬استنفاد‭ ‬تلك‭ ‬النزعة‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬حوالي‭ ‬عام‭ ‬1990،‭ ‬والتي‭ ‬رافقها‭ ‬تصاعد‭ ‬العداء‭ ‬لروسيا‭ ‬لدى‭ ‬البولنديين‭ ‬ودول‭ ‬البلطيق‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬اتخذ‭ ‬الروس‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬من‭ ‬الارتداد‭ ‬الأمريكي‭ ‬قرارًا‭ ‬بالتدخل‭ ‬عسكريا‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وإفشال‭ ‬الخطط‭ ‬الغربية‭ ‬وحلف‭ ‬الأطلنطي،‭ ‬لأنهم‭ ‬شعروا‭ ‬أن‭ ‬لديهم‭ ‬أخيرًا‭ ‬الوسائل‭ ‬التقنية‭ ‬والعسكرية‭ ‬للقيام‭ ‬بذلك‭.‬ لقد‭ ‬قرأت‭ ‬للتو‭ ‬كتابًا‭ ‬بقلم‭ ‬س‭. ‬جايشانكار،‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الهندي‭ (‬طريقة‭ ‬الهند‭)‬،‭ ‬نُشر‭ ‬قبل‭ ‬الحرب‭ ‬مباشرة،‭ ‬والذي‭ ‬يشخص‭ ‬فيه‭ ‬المؤلف‭ ‬مواطن‭ ‬ضعف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ومن‭ ‬يدري‭ ‬فقد‭ ‬لا‭ ‬تفضي‭ ‬المواجهة‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬فائز،‭ ‬وإنما‭ ‬قد‭ ‬توفر‭ ‬المساحة‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬اللازمة‭ ‬لبلد‭ ‬مثل‭ ‬الهند،‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬الأخرى،‭ ‬باستثناء‭ ‬الأوروبيين‭ ‬واليابان‭. ‬ نحن‭ ‬نرى‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬مواطن‭ ‬ضعف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬واليابان،‭ ‬لأنه‭ ‬كلما‭ ‬تراجعت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬زادت‭ ‬من‭ ‬إحكام‭ ‬وتعزيز‭ ‬قبضتها‭ ‬على‭ ‬محمياتها‭. ‬ إذا‭ ‬قرأنا‭ ‬الكتاب‭ ‬الذي‭ ‬ألفه‭ ‬مستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأسباق‭ ‬زبجنيو‭ ‬بريزنسكي‭ ‬بعنوان‭ (‬رقعة‭ ‬الشطرنج‭ ‬الكبرى‭)‬،‭ ‬فإننا‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬الأمريكية‭ ‬تشكلت‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬بغزو‭ ‬ألمانيا‭ ‬واليابان،‭ ‬اللتين‭ ‬لا‭ ‬تزالان‭ ‬محميتين‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭. ‬مع‭ ‬تقلص‭ ‬نفوذ‭ ‬النظام‭ ‬الأمريكي،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬يثقل‭ ‬كاهل‭ ‬النخب‭ ‬المحلية‭ ‬للمحميات،‭ ‬وأنا‭ ‬أعني‭ ‬أيضا‭ ‬كامل‭ ‬أوروبا‭. ‬ وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬يفقد‭ ‬الاستقلال‭ ‬الذاتي‭ ‬الوطني‭ ‬سيكون‭ (‬أو‭ ‬بالفعل‭) ‬الإنجليز‭ ‬والأستراليين‭. ‬لقد‭ ‬أنتج‭ ‬الإنترنت‭ ‬تفاعلًا‭ ‬بشريًا‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬الإنجليزي‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬نخبها‭ ‬الأكاديمية‭ ‬والإعلامية‭ ‬والفنية،‭ ‬إذا‭ ‬جاز‭ ‬التعبير‭ ‬قد‭ ‬أصبحت‭ ‬ملحقة‭ ‬بأمريكا‭. ‬نحن‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية‭ ‬محميون‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬لغاتنا‭ ‬الوطنية،‭ ‬لكن‭ ‬الانخفاض‭ ‬في‭ ‬استقلاليتنا‭ ‬كبير‭ ‬وسريع‭. ‬لنتذكر‭ ‬حرب‭ ‬العراق‭ ‬عندما‭ ‬عقد‭ ‬شيراك‭ ‬وشرودر‭ ‬وبوتين‭ ‬مؤتمرات‭ ‬صحفية‭ ‬مشتركة‭ ‬ضد‭ ‬الحرب‭.‬ ‭- ‬يقول‭ ‬المحللون‭ ‬والخبراء‭ ‬إن‭ ‬الناتج‭ ‬الداخلي‭ ‬الخام‭ ‬في‭ ‬روسيا‭ ‬يعادل‭ ‬الناتج‭ ‬الخام‭ ‬في‭ ‬إسبانيا‭. ‬فهل‭ ‬نبالغ‭ ‬في‭ ‬تضخيم‭ ‬قوة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الروسي‭ ‬وقدرة‭ ‬نظام‭ ‬موسكو‭ ‬على‭ ‬الصمود؟ تصبح‭ ‬الحرب‭ ‬اختبارًا‭ ‬للاقتصاد‭ ‬السياسي‭. ‬فالناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬لروسيا‭ ‬وبيلاروسيا‭ ‬يمثل‭ ‬نسبة‭ ‬3‭,‬3‭%‬‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬الإجمالي‭ ‬الغربي‭ (‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬المحيط‭ ‬الإنجليزي،‭ ‬أوروبا،‭ ‬اليابان،‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭)‬،‭ ‬أي‭ ‬نسبة‭ ‬تكاد‭ ‬لا‭ ‬تذكر‭. ‬ يتساءل‭ ‬المرء‭ ‬إذًا،‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬لهذا‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬الضئيل‭ ‬التأقلم‭ ‬والاستمرار‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬الصواريخ‭. ‬والسبب‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬هو‭ ‬مقياس‭ ‬وهمي‭ ‬للإنتاج‭.‬ إذا‭ ‬أخذنا‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬الأمريكي‭ ‬نصف‭ ‬نفقاتها‭ ‬الصحية‭ ‬الزائدة‭ ‬عن‭ ‬الحد،‭ ‬ثم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اقتصاد‭ ‬كامل‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬غير‭ ‬المحددة‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬ما‭ ‬ينتجه‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬15‭ ‬إلى‭ ‬20‭,‬000‭ ‬اقتصاديًا‭ ‬بمتوسط‭ ‬راتب‭ ‬يبلغ‭ ‬120‭,‬000‭ ‬دولار،‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬جزءًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬هو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬بخار‭ ‬ماء‭.‬ تعيدنا‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الحقيقي،‭ ‬فهي‭ ‬تسمح‭ ‬لنا‭ ‬بفهم‭ ‬الثروة‭ ‬الحقيقية‭ ‬للأمم،‭ ‬والقدرة‭ ‬الإنتاجية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الحرب‭. ‬إذا‭ ‬عدنا‭ ‬إلى‭ ‬المتغيرات‭ ‬المادية،‭ ‬فإننا‭ ‬نرى‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الروسي‭.‬ في‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬فرضنا‭ ‬أول‭ ‬عقوبات‭ ‬كبرى‭ ‬على‭ ‬روسيا،‭ ‬لكنها‭ ‬زادت‭ ‬إنتاجها‭ ‬من‭ ‬القمح،‭ ‬الذي‭ ‬ارتفع‭ ‬40‭ ‬إلى‭ ‬90‭ ‬مليون‭ ‬طن‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020‭. ‬وبفضل‭ ‬النيوليبرالية،‭ ‬تراجع‭ ‬إنتاج‭ ‬القمح‭ ‬الأمريكي‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1980‭ ‬و2020‭ ‬من‭ ‬80‭ ‬إلى‭ ‬40‭ ‬مليون‭ ‬طن‭!‬ أصبحت‭ ‬روسيا‭ ‬أيضًا‭ ‬المصدر‭ ‬الرئيسي‭ ‬لمحطات‭ ‬الطاقة‭ ‬النووية‭. ‬في‭ ‬عام‭ ‬2007،‭ ‬أوضح‭ ‬الأمريكيون‭ ‬أن‭ ‬خصمهم‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬من‭ ‬الاضمحلال‭ ‬النووي‭ ‬بحيث‭ ‬سيكون‭ ‬لدى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قريبًا‭ ‬قدرة‭ ‬الضربة‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬الرد‭. ‬اليوم،‭ ‬الروس‭ ‬متفوقون‭ ‬نوويًا‭ ‬بصواريخهم‭ ‬التي‭ ‬تفوق‭ ‬سرعتها‭ ‬سرعة‭ ‬الصوت‭.‬ لذلك‭ ‬تمتلك‭ ‬روسيا‭ ‬قدرة‭ ‬حقيقية‭ ‬على‭ ‬التكيف‭. ‬عندما‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نسخر‭ ‬ونستهزئ‭ ‬بالاقتصادات‭ ‬المركزية،‭ ‬فإننا‭ ‬نؤكد‭ ‬جمودها،‭ ‬وعندما‭ ‬نمجد‭ ‬الرأسمالية،‭ ‬فإننا‭ ‬نثني‭ ‬على‭ ‬مرونتها‭. ‬نحن‭ ‬على‭ ‬حق‭. ‬لكي‭ ‬يكون‭ ‬الاقتصاد‭ ‬مرنًا،‭ ‬يجب‭ ‬بالطبع‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬آليات‭ ‬سوقية‭ ‬ومالية‭ ‬ونقدية‭. ‬لكنك‭ ‬تحتاج‭ ‬أولاً‭ ‬إلى‭ ‬سكان‭ ‬نشيطين‭ ‬يعرفون‭ ‬كيف‭ ‬يفعلون‭ ‬الأشياء‭.‬ يمثل‭ ‬سكان‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬حاليا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬روسيا‭ (‬2‭,‬2‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬الفئات‭ ‬العمرية‭ ‬للطلاب‭). ‬تظل‭ ‬الحقيقة‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬نسب‭ ‬مماثلة‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬يدرسون‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬العالي،‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬7‭%‬‭ ‬يدرسون‭ ‬الهندسة،‭ ‬بينما‭ ‬في‭ ‬روسيا‭ ‬25‭%‬‭.‬ مما‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬عدد‭ ‬أقل‭ ‬بمقدار‭ ‬2‭,‬2‭ ‬مرة‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يدرسون،‭ ‬يقوم‭ ‬الروس‭ ‬بتدريب‭ ‬مهندسين‭ ‬أكثر‭ ‬بنسبة‭ ‬30‭%‬‭. ‬تملأ‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الفجوة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الطلاب‭ ‬الأجانب،‭ ‬لكن‭ ‬معظمهم‭ ‬من‭ ‬الهنود‭ ‬وحتى‭ ‬الصينيين‭.‬ هذا‭ ‬المورد‭ ‬البديل‭ ‬ليس‭ ‬آمنًا‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬تناقص‭ ‬بالفعل‭. ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬المعضلة‭ ‬الأساسية‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الأمريكي‭: ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬مواجهة‭ ‬المنافسة‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استيراد‭ ‬العمالة‭ ‬الصينية‭ ‬الماهرة‭. ‬أقترح‭ ‬هنا‭ ‬مفهوم‭ ‬التوازن‭ ‬الاقتصادي‭.‬ من‭ ‬جانبه،‭ ‬قبل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الروسي‭ ‬قواعد‭ ‬عمل‭ ‬السوق‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬جدًا‭ ‬للدولة،‭ ‬لكنه‭ ‬أيضًا‭ ‬يستمد‭ ‬مرونته‭ ‬من‭ ‬تدريب‭ ‬المهندسين‭ ‬الذين‭ ‬تسمح‭ ‬بالتكيفات‭ ‬الصناعية‭ ‬والعسكرية‭.‬ ‭- ‬يقول‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المحللين‭ ‬ان‭ ‬الرئيس‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬قد‭ ‬استفاد‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬عائدات‭ ‬المواد‭ ‬الخام‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تنمية‭ ‬الاقتصاد؟‭ ‬ لو‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬كذلك،‭ ‬لما‭ ‬حدثت‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭. ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬اللافتة‭ ‬للنظر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصراع،‭ ‬الذي‭ ‬يجعله‭ ‬غير‭ ‬مؤكد،‭ ‬أنه‭ ‬يطرح‭ (‬مثل‭ ‬أي‭ ‬حرب‭ ‬حديثة‭)‬،‭ ‬مسألة‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬التقنيات‭ ‬المتقدمة‭ ‬والإنتاج‭ ‬الضخم‭.‬ ليس‭ ‬هناك‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لديها‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬التقنيات‭ ‬العسكرية‭ ‬تقدمًا،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬حاسمة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للنجاحات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأوكرانية‭.‬ ‭ ‬ولكن‭ ‬عندما‭ ‬تخوض‭ ‬حرب‭ ‬استنزاف‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬المادية،‭ ‬فإن‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬إنتاج‭ ‬أسلحة‭ ‬أقل‭ ‬جودة‭.‬ نصل‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬مسألة‭ ‬العولمة‭ ‬والمشكلة‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬الغرب‭: ‬لقد‭ ‬نقلنا‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬النسبة‭ ‬من‭ ‬أنشطتنا‭ ‬الصناعية‭ ‬إلى‭ ‬بلدان‭ ‬أخرى،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الصين،‭ ‬حتى‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬اليوم‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬إنتاجنا‭ ‬الحربي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتطور‭ ‬ويحافظ‭ ‬على‭ ‬استدامته‭. ‬ تدرك‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬تتساءل‭ ‬‮«‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن‮»‬‭ ‬و«نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬و«البنتاغون‮»‬‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬أمريكا‭ ‬ستتمكن‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬تشغيل‭ ‬خطوط‭ ‬الإنتاج‭ ‬لهذا‭ ‬النوع‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭ ‬من‭ ‬الصواريخ،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الواضح‭ ‬أيضًا‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الروس‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬مواكبة‭ ‬وتيرة‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭. ‬ستعتمد‭ ‬نتيجة‭ ‬الحرب‭ ‬وحلها‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬كلا‭ ‬النظامين‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬الأسلحة‭. ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الصراع،‭ ‬الذي‭ ‬وصفته‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬لدينا‭ ‬بأنه‭ ‬صراع‭ ‬للقيم‭ ‬السياسية،‭ ‬هو‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬أعمق‭ ‬صراع‭ ‬القيم‭ ‬الإنثروبولوجية‭. ‬هذا‭ ‬اللاوعي‭ ‬وهذا‭ ‬العمق‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يجعلان‭ ‬المواجهة‭ ‬خطرة‭.‬ لوفيجارو

مشاركة :