ستوكهولم - يجتمع وزراء الهجرة في الاتحاد الأوروبي اليوم الخميس لبحث قيود التأشيرات وتحسين التنسيق داخل التكتل حتى يتمكنوا من إعادة المزيد من المهاجرين الذين لا يحق لهم طلب اللجوء في أوروبا إلى بلدانهم الأصلية بما في ذلك العراق، وسط تنامي قلق الغرب إزاء الزيادة الكبيرة في أعداد اللاجئين خلال العامين الماضيين والهواجس من تكوين جاليات شرق أوسطية وأفريقية هامة داخل دول الاتحاد. وشهدت أعداد المهاجرين غير الشرعيين إلى سواحل الاتحاد الأوروبي زيادة قياسية إذ بلغت نحو 160 ألفا عبر البحر المتوسط في عام 2022، وفقا لبيانات الأمم المتحدة، هذا إلى جانب تسجيل ما يناهز ثمانية ملايين لاجئ أوكراني في أوروبا. وكانت المفوضية الأوروبية قد أكدت مرارا أن عمليات الإعادة يجب أن تمر عبر مضاعفة الاتفاقيات حتى تستعيد بلدان المنشأ رعاياها الذين لا يعيشون في وضع قانوني. وتفضل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حسم ملف الهجرة من خلال التوصل إلى حلول لتسريع عمليات الإعادة والحد من الهجرة غير الشرعية وبالتالي وضع حد للخلافات التي نشأت حول كيفية تقاسم أعباء رعاية المتوافدين الجدد على أوروبا. وبعد ثلاث سنوات من موافقة الاتحاد الأوروبي المؤلف من 27 دولة على فرض قيود جديدة على تأشيرات الدخول لدول يُعتقد أنها لا تتعاون في عملية استعادة مواطنيها تمت معاقبة غامبيا رسميا فقط. واقترحت المفوضية الأوروبية خطوات مماثلة مع العراق والسنغال وبنغلاديش وبلغ المعدل الإجمالي لعمليات الإعادة الفعلية في الاتحاد الأوروبي 21 في المئة في عام 2021، وفقا لبيانات "يوروستات"، وهي أحدث بيانات متاحة وقال أحد المسؤولين "هذا مستوى تعتبره الدول الأعضاء منخفضا بشكل غير مقبول". ويجتمع الوزراء قبل أسبوعين من اجتماع زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل لمناقشة الهجرة ومن المتوقع أيضا أن يطالبوا بإعادة المزيد من المهاجرين. ولم تعط الضغوط التي مارسها وزراء الهجرة لمعاقبة بعض البلدان بفرض قيود على التأشيرات نتائجها إذ تصدى لها في السابق وزراء الخارجية والتنمية في الاتحاد الأوروبي وفشلت في بعض الحالات بسبب تضارب المصالح في العديد من دول التكتل. وبينما تحتج بشدة دول مثل النمسا والمجر على استقبال مهاجرين غير شرعيين من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ذات الأغلبية المسلمة، فإن ألمانيا من بين الدول التي تسعى لفتح سوق العمل أمام العاملين الذين تشتد الحاجة إليهم من خارج التكتل. وتؤكد المنظمة الدولية للهجرة على ضرورة التمسك بالالتزامات بموجب القانون الدولي، بما في ذلك الحق في الحياة في جميع الأوقات، مشيرة إلى الحاجة إلى العمل المشترك لمنع وتقليل المزيد من الوفيات من خلال إعطاء الأولوية لعمليات البحث والإنقاذ وتحسين وتوسيع مسارات الهجرة المنتظمة والآمنة والتأكد من أن إدارة الهجرة تعطي الأولوية لحماية وسلامة الأشخاص أثناء عملية التنقل. وأعلنت في تقارير سابقة وفاة أكثر من 50 ألف شخص في جميع أنحاء العالم خلال رحلات الهجرة منذ أن بدأ مشروع المهاجرين المفقودين التابع للمنظمة الدولية للهجرة في توثيق الوفيات في عام 2014. ورغم الخسائر المتزايدة في الأرواح تشير التقارير إلى أن الحكومات لم تتخذ سوى القليل من الإجراءات في بلدان المنشأ والعبور والمقصد لمعالجة الأزمة العالمية المستمرة للمهاجرين المفقودين. ومن بين المهاجرين المفقودين الذين أمكن تحديد جنسياتهم كان أكثر من 9 آلاف من الدول الأفريقية وأكثر من 6500 من آسيا وأكثر من نصف حالات الوفيات وقعت على الطرق المؤدية إلى أوروبا وداخلها، حيث أودت طرق البحر الأبيض المتوسط بحياة 25104 شخصا على الأقل. وبات تكرر مشاهد ترحيل المهاجرين غير النظاميين بشكل قسري يؤرق منظمات حقوقية متخصصة في شؤون الهجرة، معتبرة قرار الترحيل انتهاكا لحقوق هؤلاء المهاجرين خاصة أن بعضهم ينتظر تسوية وضعيته، مشيرة إلى أن التعاون الأمني لدول المنشأ مع الجانب الأوروبي جعل من جيش البحر وحرس السواحل مجرد عنصر يأتمر بأوامر وكالة حراسة الحدود الأوروبية. وتؤكد المنظمات المعنية بالظاهرة أن معالجة الظاهرة تكمن في تعاون مختلف الدول من أجل إيجاد حلول تضمن بقاء هؤلاء المهاجرين في بلدانهم وضرورة اعتماد مقاربة شاملة تتجاوز الحلول الأمنيّة التي أثبتت محدوديّتها.
مشاركة :