جدة ـ ياسر خليل أبرزت المملكة العربية السعودية عبر رؤية 2030 قدرتها في تطوير وتحسين مصانع الإسمنت من خلال التقنيات الحديثة والجديدة التي تكون صديقة للبيئة بشكل عام، وعلى إنتاجها بشكل خاص ويأتي ذلك بفضل الجهود والتوجيهات الكبيرة من قبل ولاة الأمر في هذه الصناعات المختلفة. فيما أكد اقتصاديون لـ”البلاد” أن التقنيات الحديثة ساهمت بشكل كبير من الحد من المخاطر المحيطة في سوء استخدام الأسمنت، وأن الالتزام الكبير من قبل أصحاب المصانع كان فَعّالاً. في البداية تحدث عضو الجمعية السعودية للاقتصاد السعودي الدكتور عبدالله المغلوث بأن صناعة الأسمنت في المملكة بدأت قبل نحو 66 عاماً وَتَحْدِيداً عام 1955م من جدة بإنشاء أول مصنع بها “أسمنت العربية”، ثم توالى بعدها إنشاء عشرات المصانع مدعوماً بالإنفاق الضخم والمتواصل على مشاريع البنية التحتية والإسكان، وحققت الصناعة قفزاتها الكبرى في ظل إطلاق رؤية 2030 وما تضمنته من مستهدفات في مشاريع البنية التحتية وبرامج الإسكان. قطاع صناعة الإسمنت يعتبر من القطاعات الاقتصادية الحيوية التي تعتمد عليه المملكة في بناء المشاريع الكبرى والإسكان والأساسية، وأن تحقيق الاستدامة المالية سينعكس بشكل إيجابي على بقية أنشطته وأعماله في مجال التدريب والتأهيل والخدمة المجتمعية والبيئة. وبين أن القيمة السوقية لقطاع الأسمنت تبلغ نحو 50 مليار ريال، ويعتبر قطاع حيوياً وركيزة أساسية من ركائز التنمية الاقتصادية وتحقيق مستهدفات رؤية 2030، كما حقق قطاع الإسمنت للشركات المدرجة في السوق السعودية نمواً في الأرباح يقدر بنسبة 17 % في الربع الثالث 2022م مقارنة مع الربع المماثل من العام السابق ونمو بنسبة 14 % مقارنة مع الربع السابق، وقد أنتجت شركات الإسمنت خلال الربع الثالث من 2022م نحو 12.1 مليون طن من مادة الإسمنت تمكنت من بيع 11.4 مليون طن في السوق المحلية، وصدرت للخارج 651 ألف طن بنسبة زيادة عن الربع المماثل بلغت 121 %، أما المخزون من مادة الإسمنت، فقد تراجع في نهاية الربع الثالث بنسبة 17 % عن الربع المماثل، حيث سجل مخزون مادة الإسمنت في نهاية الفترة نحو 1.1 مليون طن وعلى أن هذا الرقم يعتبر عالِياً لأن مادة الإسمنت لا يمكن تخزينها لفترات طويلة، إلا أن الرقم جاء أقل من الرقم المسجل في الربع المماثل عند 1.3 مليون طن، أما إنتاج مادة الكلنكر والتي تعد المادة الرئيسة لصناعة الإسمنت، فقد أنتجت المصانع السعودية نحو 13.4 مليون طن تم بيع 532 ألف طن في السوق المحلية عن طريق شركة واحدة فقط وهي شركة إسمنت حائل، ونجحت بعض شركات الإسمنت في تصدير 1.6 مليون طن مقارنة مع 1.4 مليون طن بنسبة نمو بلغت 15 % والتصدير اقتصر على الشركات التي تقع بالقرب من الحدود مثل إسمنت تبوك ونجران، أو التي تقع بالقرب من السواحل البحرية؛ لأن تكلفة النقل البحري أقل بكثير من النقل البري مما يساعد الشركات المصدرة على المنافسة في الأسعار، المخزون من مادة الكلنكر ارتفع بنسبة 4 % في الوقت الذي كنا نتوقع أن يتراجع المخزون لأن الطلب على الإسمنت زاد هذا العام مع زيادة الإنفاق على المشروعات. وأضاف زيادة مخزون مادة الكلنكر لا شك في أن له آثاراً سلبية مثل زيادة تكلفة الإنتاج مع أن المادة يمكن تخزينها في الهواء الطلق لفترات طويلة، إلا أن كلفة النقل تزيد من تكاليف الإنتاج، ولذلك تحاول بعض الشركات تخفيض مخزونها من الكلنكر من خلال التصدير أو البيع على الشركات الأخرى، كما فعلت شركة أسمنت حائل حيث باعت نحو 1.1 مليون طن من بداية العام الحالي مَحَلِّيّاً، وَنجحت في تخفيض مخزوناتها بنسبة 21 % ما جعلها تحقق نمواً في الأرباح بنسبة 31 %، عدد الشركات التي حققت نمواً في الأرباح 8 شركات في مقدمتها شركة إسمنت اليمامة التي حققت نمواً بنسبة 154 % بعد سنوات من تراجع الأرباح، بسبب نقل المصنع إلى موقعه الجديد خارج مدينة الرياض على عدة مراحل كان آخر ما أعلن عنه هو نقل خط الإنتاج رقم 7 في 20 أبريل 2021م، ويبدو أن الانتقال النهائي قد اكتمل لأن إنتاج الإسمنت نما هذا الربع بحدود 52 % وإنتاج مادة الكلنكر نما بنحو 40 % أما مبيعات الإسمنت في السوق المحلية، فقد نمت بنحو 57 % وأتوقع استمرار النمو الإيجابي لعمليات شركة إسمنت اليمامة خلال الفترة المقبلة لأن المصنع الحديث روعي فيه خفض تكاليف الإنتاج، شركتا أسمنت ينبع والعربية نمت أرباحها على التوالي بنسبة 95 % و56 % وهذا يعود إلى سببين قربهما من المشروعات الكبرى والسبب الآخر القدرة على التصدير عن طريق البحر الذي يعتبر أقل كلفة من التصدير عن طريق النقل البري. من خلال تحليل الأرقام نتوقع أن تنمو أرباح قطاع الإسمنت خلال الفترة المقبلة مع زيادة الإنفاق الحكومي على المشروعات، بالإضافة إلى التوسع في تطوير الأحياء العشوائية في منطقة مكة المكرمة، ولكن الشركات الصغيرة قد تعاني خلال الفترة المقبلة ولذلك لا بد أن يكون خيار الاندماج مَطْرُوحاً عَلَى طاولة مجالس إدارات هذه الشركات من أجل خفض التكاليف والتوسع الجغرافي، عدد مصانع الإسمنت 16 مَصْنَعاً، بالإضافة إلى مصنع الرياض المتخصص في إنتاج الإسمنت الأبيض، وأعتقد أن هذا العدد من المصانع كبير، ولا يحقق عدالة المنافسة لأن السنوات الماضية شهدت حَرْباً فِي الأسعار أضرت بمعظم الشركات، وقد نرى قَرِيباً عدداً من عمليات الاستحواذ والاندماج، البداية كانت قبل مدة، حيث وقعت شركتا إسمنت القصيم وحائل مذكرة تفاهم للاندماج، وإن نجحت عملية الاندماج، فهذا من شأنه أن يرفع حجم الإنتاج لتكون الشركة الثانية بعد إسمنت اليمامة. ويؤكد المحلل الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة جدة البروفيسور سالم باعجاجة أن المملكة تمتلك قطاعاً أسمنت حيوياً سيسهم في تحقيق رؤيتها للاستدامة، ومستهدفاتها للوصول إلى الحياد الصفري من انبعاثات الكربون. إنه من المتوقع ارتفاع الطلب على الأسمنت في الفترة المقبلة، نظراً إلى حجم المشاريع العملاقة التي تشهدها المملكة، مما سيزيد من ضرورة بذل مجهود أكبر للحد من انبعاثات الكربون الناتجة من صناعة الأسمنت. وأشار إلى أن المملكة تهتم بشكل كبير بالاستدامة البيئية التي تعد إحدى ركائز رؤية المملكة 2030، خُصُوصاً أن صناعة الأسمنت من الصناعات ذات الاستهلاك الكثيف للطاقة، وتسهم في إطلاق ما يقدر بنحو 8 % من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية. وحقيقية ما نشهده اليوم من إنجازات كبيرة في مجال الصناعات يجعلنا نفتخر في بلدينا بتحقيق الصناعات.
مشاركة :