المسرحي السعودي عباس الحايك: قدموا مسرحكم للجمهور، ولا تنشغلوا بالمهرجانات

  • 1/29/2023
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تمكن الكاتب المسرحي السعودي عباس الحايك من افتكاك مكانة هامة بين المسرحيين العرب، إذ قدمت نصوصه في أكثر من نسخة وبأكثر من تصور، ما يؤكد أهمية توجهه إلى الجمهور العربي بخطابه الإنساني الذي رسخه عبر عدد هام من المسرحيات. “العرب” كان لها هذا الحوار مع الحايك حول المسرح وقضايا أخرى خاصة وعامة. ■ العرب: كيف يقدم عباس الحايك نفسه لقراء “العرب”؟ ● عباس الحايك: الكاتب المسرحي عباس الحايك، هو أكثر ما أفضل أن أعرف نفسي به، رغم ممارستي للعديد من الأنشطة المختلفة، فأنا أكتب السيناريو والمقال الصحفي وأرأس تحرير مجلة إلكترونية اسمها سماورد، بل إني المسؤول التقني لها أيضا ومن صممها، ولدي قناة يوتيوب أمارس من خلالها شغفي بالثقافة وأعد فيديوهاتها بنفسي، وبودكاست صوتي حواري (بودكاست تشاكيل مسرحية) مخصص للمسرحيين التقيت فيه بما يقرب من الأربعين مسرحيا، إلا أنني أفضل أن أبقى الكاتب المسرحي على كل ما عداه. الكتابة المسرحية ■ العرب: ما المسرح بالنسبة إليك؟ ● عباس الحايك: لا أبالغ حين أقول كل شيء، لا أدري حتى لماذا هو كل شيء بالنسبة إلي، ثمة حياة يهبني إياها المسرح، أشعر بأني شخص آخر في حضرته، ربما جاء هذا الشغف بالمسرح منذ الطفولة، حيث بدأت علاقتي به بالتشخيص، بالمحاكاة، إذ كنت مهووسا بتقمص الشخصيات، ولأني كنت أرسم وأحب الرسم، كنت ألون وجهي حسب الشخصية التي كنت أتقمصها، مدهشا كان هذا اللعب، واستمر معي حتى خطا بي القدر إلى بوابته الواسعة عبر الكتابة وليس عبر التشخيص. ■ العرب: ماذا تعني لك الكتابة عموما؟ ● عباس الحايك: الكتابة هي ممارستي اليومية؛ لا يمر يوم دون أن أكتب، مسرحا، مقالا، سينما، أسئلة حوار، خاطرة…، هي فعل يومي كأي فعل يومي آخر. هي رفيقتي منذ أن كنت في الصف الرابع الابتدائي، حينما استقام قلمي وصارت حصة التعبير (لم تعد هذه المادة موجودة الآن) هي الحصة المنتظرة، أنتظر ما يطلبه منا المعلم، أنتظر الموضوع الذي سأكتب فيه، أحببت الكتابة منذ ذلك الوقت، واستعنت بها لملء فراغي، بدأت بكتابة القصص بلغة طفولية، قصص تبدأ بكان يا ما كان، فدخلت هذا العالم الجميل، العالم الذي أسافر عبره إلى مدن وأصادق شخصيات، بل أبتكر شخصيات وأحداثا. الكتابة في هذا الوقت هي الوظيفة التي تفرغت لها بعد تركي وظيفتي الأساسية في شركة الكهرباء، أنا الآن كاتب متفرغ. الكتابة ممارستي اليومية؛ لا يمر يوم دون أن أكتب، مسرحا، مقالا، سينما، أسئلة حوار، خاطرة… الكتابة ممارستي اليومية؛ لا يمر يوم دون أن أكتب، مسرحا، مقالا، سينما، أسئلة حوار، خاطرة… ■ العرب: ما الكتابة المسرحية؟ ● عباس الحايك: الكتابة المسرحية هي كتابة أدبية إذا صح المفهوم، هكذا أفهمها، أو هكذا تسود الفكرة، هي كتابة تعتمد اللغة بالدرجة الأولى، تركز أكثر على جماليات اللغة في الحوارات بين الشخصيات، والكثير من هذه الشاكلة من الكتابة تغيب عنها الدراما، هي كتابة تصلح للقراءة أكثر من صلاحيتها للتجسيد للمسرح. هناك عدد من المسرحيين يصرون على أن الكتابة المسرحية هي ضرب من ضروب الأدب. وقد أتفق معهم في حالة الكتاب الذين يكتبون بمنأى عن ظروف الخشبة المسرحية وظروف الإنتاج المسرحي. ■ العرب: هل ثمة كتابة مسرحية وكتابة للمسرح؟ ● عباس الحايك: قد أفهم أن الكتابة للمسرح تختلف عن تلك الكتابة الأدبية، الكتابة للمسرح تعني أن أكتب وأنا أضع الخشبة وظروفها أمام عيني، أعي طبيعة الممثلين والمخرجين والتقنيين، أن أكون جزءًا من لعبة المسرح، لا أكون منفصلا عنها، فحين أكتب مسرحية من مكتبي فأنا لا أكتب للمسرح، بل أكتب للقراءة. الكاتب المسرحي لا بد أن يكون مسرحيا، وليس أديبا قادما من عالم الكتب والشعر. فإبداعه لا يكفي دون أن يدرك ويعي تماما ما هو المسرح. ■ العرب: كيف تكتب نصك المسرحي؟ ● عباس الحايك: النص رحلة طويلة بالنسبة إلي، لا أكتب مباشرة بمجرد أن تطرق رأسي فكرة ما، لا أستعجل، وأؤمن بأن التريث أفضل، خاصة وأني لست مرتبطا بأي جهة لتسليمها نصي. أحيانا أترك الفكرة تختمر لسنوات طويلة، مثلا نصي “زهرة الحكايا” بدأت التخطيط له في العام 2000 وكتبت النص مكتملا في 2007، أي بعد سبع سنوات، وهكذا حتى هذه اللحظة. ها أنا أكتب نصا رافقتني فكرته منذ سنوات طويلة، حتى اختمرت، ثم أبدأ بالتخطيط على الورق، أرسم الشخصيات، أكتب الملخص كقصة، ثم أشرع في الكتابة. هكذا أشعر بأن نصي يكون أفضل من الكتابة السريعة غير المخطط لها، إضافة إلى أني أقرأ كثيرا قبل الكتابة، خاصة بما يخص مرجعيات الموضوع الذي أكتب عنه، فحين كتبت “فصول من عذابات الشيخ أحمد” قرأت كتبا عديدة عن تاريخ منطقة الخليج والاحتلال البرتغالي، استغرقت مني الكتابة خمسة أشهر، وكذلك نصي “ولاية الأحلام” الذي تدور أحداثه في ولاية عثمانية، وغير ذلك من نصوصي التي أرى أنه من واجبي أن أكون ملما بكل تفصيل صغير عن موضوع المسرحية. ■ العرب: لك العديد من الأعمال؛ “مر القطار” و”كونتينر” و”المزبلة الفاضلة” و”صبية كان اسمها حنين” و”التيه” و”جزيرة الأماني” و”فصول من عذابات الشيخ أحمد” وغيرها، كيف تكتب؟ وما الذي يدعوك إلى الكتابة؟ وما هو مشروعك الفكري والجمالي الذي يحدّد مجال كتاباتك؟ ● عباس الحايك: أنا مشغول بالإنسان بغض النظر عن الجغرافيا أو العرق أو اللون أو الدين، أبحث عن كل ما هو إنساني لأكتب عنه، فأنا كتبت عن زواج القاصرات، وكتبت عن اضطراب الهوية الجندرية، وكتبت عن البدون، وعن اللاجئين، وعن المهمشين. هذا ما يستهويني، لأني أؤمن بأن نصي يمكن أن يكون جواز سفري لكل مكان عبر هذه الموضوعات التي تمس كل الناس بعيدا عن التصنيف أو الحدود. أريد لنصي أن ينتمي إلى كل مكان، أن يملك ما يجعله قابلا للتحقق على كل خشبة عربية، وأن يجد المسرحيون في نصوصي ما يمسهم. أما بالنسبة إلى شكل الكتابة فإني أميل إلى الحكايات، أن يكون كل نص أكتبه حكاية، لأني أؤمن بأن الحكايات هي الأكثر وصولا إلى المتلقي. نصوصي كلها حكايات، أحداث، تحولات لشخصيات، أبني الحكاية قبل كتابتها على شكل نص مسرحي، ربما أحب أن أكون كاتبا مسرحيا حكاءً. ■ العرب: ما هي الأوقات التي تكتب خلالها؟ وهل للزمان والمكان دور في ما تكتب؟ ● عباس الحايك: منذ بداياتي مع الكتابة حاولت أن أتجاوز فكرة طقوس الكتابة وتجهيز بيئة خاصة للكتابة، خاصة مع طبيعة عملي الميدانية في شركة الكهرباء، فأحيانا أستغل الفراغ في العمل للكتابة، في ظروف لا تصلح للكتابة أبداً، فأنا كتبت مسرحيتي “فصول من عذابات الشيخ أحمد” أثناء الغذاء في محطة كهربائية تحت الإنشاء وسط الضجيج. هكذا تدربت منذ البداية على الكتابة في أي مكان وأي زمان، أنا حاليا أكتب في صالة المنزل حيث لعب طفلي الصغير وأصوات الرسوم المتحركة، وحيث أملك القدرة على الانفصال والتركيز على ما أكتب. لذا لا أثر للمكان ولا الزمان في ما أكتب. بوكس ■ العرب: ما هي أفضل لحظات الكتابة؟ ● عباس الحايك: مع كل ما قلته حول تعايشي مع ظروف الكتابة، إلا أنني بطبيعة الحال أفضل أن أملك عزلتي الخاصة، أكتب دون أي مقاطعة من أحد، أو من أي شيء آخر، أكتب وأنا أحتسي قهوتي أو كأس شاي وأستمع للموسيقى، ولا يهم في أي وقت يكون ذلك، صباحا أو مساءً.. لكن الأكيد أن العزلة هي الأفضل. المؤلف والمخرج ■ العرب: هذا المسار الذي تنحته كتابة وإبداعا في خلق الأثر لو تحدثنا عنه؟ ● عباس الحايك: ربما هو ليس تخطيطا، ولكنه فعلا مسار أؤمن بأنه الأكثر جدوى والأكثر حضورا، رغم اعتراض بعض النقاد على ما أكتب واعتبار أن ما أكتبه ما زال يدور في البنية الدرامية التقليدية، وأني لم ألج مرحلة ما بعد الحداثة وما بعد الدراما. ولكن كلي قناعة بما أكتب، لذلك ربما نجحت في أن تترك نصوصي أثرا، ونجحت شخصياتي في أن تسافر إلى خشبات مسرحية في كل مكان، وتترجم نصوصي إلى لغات أخرى كالسريانية والكردية والفرنسية. فأن يجد مسرحي أو جمهور عرض أنفسهم في نصي أو في شخصية من شخوصي كما فعل مثلا مونودراما (صبية كان اسمها حنين) حين عرض في البحرين بإخراج مغربي، ووجدت جمهور بحرينيين يحدثوني عن تجارب وقصص وحكايات تشبه حكاية حنين. هذا الأثر هو الذي أسعى إليه. ■ العرب: ماذا يعني لك العرض المسرحي وكيف ترى العلاقة القائمة بين الكاتب المسرحي والمخرج؟ ● عباس الحايك: العرض المسرحي هو الصيغة الأخيرة للنص المسرحي، حيث يبدأ العرض من نص الكاتب وينتهي بعرض مسرحي يشاهده الجمهور. هو خلق جديد لهذا النص المكتوب، ترجمة بصرية لنص مسرحي. فهناك المبتدأ وهنا النتيجة. أما عن العلاقة بين الكاتب والمخرج فأراها علاقة تكامل، وليست علاقة تنافر، علاقة يضيف فيها المخرج إلى النص، يملأ فراغات النص، فأنا أؤمن بأن لكل نص فراغات لا يكملها سوى المخرج الواعي، المخرج المثقف القادر على قراءة النص المسرحي بعين خبيرة. ■ العرب: أي طريقة مثلى تراها لإخراج نصوصك أو لنقل أي الطرق الإخراجية تحبّذها في التعامل مع نصوصك؟ ● عباس الحايك: المخرج بالنسبة إلي هو ذلك الفنان الخلاق الذي لا يأتي بتصور أنه المتسلط والدكتاتور، وهو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة، وينسف النص تماما ولا يترك أي أثر له، المخرج لا يتعامل مع النص على أنه مجرد فكرة يحق له أن يفعل به ما يشاء، يضيف ويحذف ويغير دون مبرر درامي، أنا مع أي تغيير نابع من مبرر درامي يخدم الرؤية الإخراجية. لكن أن يردد مخرج شاب أن النص المسرحي حق مشاع وأن المؤلف لا علاقة له بنصه بمجرد أن ينشره، أو يردد مقولة “موت المؤلف” في غير مكانها، هو ضرب من عشوائية، ولا يدل على أن المخرج لديه رؤية حقيقية. فحتى أولئك الذين اشتغلوا على نصوص شكسبير لم يخونوا شكسبير في عروضهم، فلماذا تتم خيانتنا ككتاب مسرح من قبل بعض المخرجين؟ أنا مع المخرج الذي يتناقش معي، يتواصل معي ولا يقدم نصي دون إذني، نتفق على الرؤية، أشاركه الكتابة والتعديل، وهذا ما حدث مع مخرجين اشتغلوا على نصوصي. ■ العرب: هل يمكن أن يحيا النص المسرحي وينتقل من الورق إلى الركح دون مخرج؟ ● عباس الحايك: هذا مستحيل، فالنص يظل ورقا مقروءا حتى يأتي المخرج ويحييه، كل نصوص المسرح خرجت إلى الناس عبر مخرج، حتى تلك النصوص القديمة التي لم يكن للمخرج بمعناه الحالي وجود، خرجت إلى الركح عبر مخرج حتى وإن لم يسم مخرجا، حتى لو تصديت أنا بنفسي لتقديم نصي على الركح، سأكون هنا مخرجا ولست مجرد كاتب مسرحي. قد يحيا النص على الورق كما ظلت نصوص اسخيلوسويوربيدس وشكسبير وبيكيت حية إلى اليوم. العلاقة بين الكاتب والمخرج علاقة تكامل (من أعمال عباس الحايك) العلاقة بين الكاتب والمخرج علاقة تكامل (من أعمال عباس الحايك) ■ العرب: هل المخرج هو من يبعث الروح في النص المسرحي ويجعل اللامرئي مرئيا؟ ● عباس الحايك: نعم، أؤمن بذلك جدا، ولكن ليس أي مخرج، بل المخرج الواعي المثقف، وأشدد جدا على المخرج المثقف، لأن الثقافة ضرورية عند من يمارسون الإخراج، لأنها ليست ممارسة عادية سطحية، بل هي ممارسة إبداعية تتغول عميقا داخل كل تفاصيل العرض، هو الخلاق القادر على بعث الروح في النص، وتحويل اللامرئي إلى مرئي، هو القادر على كشف ما وراء السطور، والمضمر في النص المسرحي. متى ما امتلك ثقافة مسرحية وثقافة إنسانية، حيث أن الإخراج من مهامه، هي القدرة على قراءة الشخصيات وماضيها وحاضرها بل حتى استشراف مستقبلها، وهي القدرة على اجتراح رؤية إخراجية مبدعة ومدهشة. ■ العرب: ما هو مشروعك القادم وكيف تحدثنا عنه؟ ● عباس الحايك: على مستوى المسرح، لدي عدد من الأفكار التي تحتاج إلى وقت مناسب لتحويلها إلى نصوص مسرحية، حاليا أكتب نصا مسرحيا فكرته ترافقني منذ سنوات، أحاول أن أتفرغ نوعا ما للمسرح فالعام الماضي انشغلت بالدراما التلفزيونية، لكني قررت هذه السنة أن أنجز نصوصي المسرحية. كما أني أخطط لإصدار كتاب يجمع نصوصي المونودرامية التي كتبتها. وبطبيعة الحال نصوصي القادمة هي امتداد أيضا لشغفي بالموضوعات الإنسانية. قدموا مسرحكم ■ العرب: منْ مِنَ المؤلفين أو المفكرين أو الفلاسفة تعتبرهم ملهمين لك في تجربتك؟ ● عباس الحايك: سعدالله ونوس، مسرحياته هي التي فتحت عيني باتجاه المسرح، جواد الأسدي وتجربته واشتغاله كمخرج، الراحل قاسم محمد الذي كان له الأثر الكبير على تجربتي وهو أول من احتضن هذه التجربة، كان متواضعا جدا معي، هو من آمن بنصي “فصول من عذابات الشيخ أحمد” النص الذي فاز بجائزة الشارقة للإبداع العربي وتبناه، وكان ينوي أن يخرجه، لكنه اكتفى بأن يكون دراماتورج للعرض الذي أخرجه الإماراتي حسن رجب. ■ العرب: كيف ترى الشأن الثقافي عموما والمسرحي خصوصا في عالمنا العربي؟ ● عباس الحايك: ربما أكون مصيبا أو مخطئا، لكن شعوري أن الماضي كان أفضل، الشأن الثقافي الآن اختلف عما كان، حيث كان هناك إخلاص من منتجي الثقافة، هناك فعل ثقافي حقيقي، كما هو الحال مع المسرح الذي كان رواده يمارسونه عن حب، عن إخلاص لهذا الفن بعيدا عن المصالح الذاتية، أو بعيدا عن الشللية التي تدمر الجميل في ثقافتنا، كل شيء مختلف، فحين نتحدث عن النقد نقول إن النقد في الماضي كان أفضل. ربما يكون شعوري خاطئا. ■ العرب: ما هي رسالتك إلى المسرحين والمبدعين في العالم العربي؟ ● عباس الحايك: قدموا مسرحكم للجمهور، ولا تنشغلوا بالمهرجانات، فالجمهور هو الأبقى. يلاحظ أن غاية بعض المسرحيين من الاشتغال على عروضهم أن يقتنصوا فرصة المشاركة في المهرجانات، مع أن أساس المعادلة أن يكون الجمهور هو آخر طرف في معادلة التلقي. فلنعترف بأن جمهور المهرجانات ومتابعيها هم أنفسهم المسرحيون، فأين الجمهور الذي يراد له أن يكون طرف المعادلة؟ لذا أقولها، اشتغلوا للجمهور أكثر من انشغالكم بعروض المهرجانات. الكتابة للمسرح تختلف عن الكتابة الأدبية، الكتابة للمسرح تعني أن أكتب وأنا أضع الخشبة وظروفها أمام عيني ■ العرب: لو تعطني بيتا شعريا له مكانة ومعنى في مسارك الإبداعي؟ ● عباس الحايك: كثيرا ما أردد “نحب الحياة إذَا ما استطعنَا إليها سبِيلا”، أو “على هذه الأرض ما يستحق الحياة” لمحمود درويش، شاعري المفضل. فحبي للحياة يجعلني أطمح أكثر فأكثر ويروق لي أن أبني قصورا من أحلام. ■ العرب: رواية أو قصة كان لها تأثير في حياتك؟ ● عباس الحايك: رواية “العطر” لباتريك زوسكيند، أجدها رواية عظيمة، عشت أحداثها بكل تفاصيلها، إلى درجة أني كنت أشم العطور التي كان يعدها بطل الرواية (غرينوي) رغم أني فقدت حاسة الشم منذ سنوات طويلة، كنت أشعر بالروائح وأنا أقرأ الرواية. ■ العرب: فيلم أعجبك وأثّر فيك؟ ● عباس الحايك: لا يوجد فيلم بالتحديد فقائمة الأفلام التي أعجبتني طويلة جدا، لكن تروقني الأفلام الإنسانية، وأجدها أكثر في الأفلام الإيرانية. وأتذكر الآن الأثر الذي تركه فيلم “أطفال السماء” لمجيد مجيدي. ■ العرب: ما الذي يطربك وما الذي يضحكك؟ ● عباس الحايك: تطربني الموسيقى الجميلة، الأغنية الهادئة، السيمفونيات وموسيقى الجاز بالتحديد، والموسيقى العربية الممتزجة بالموسيقى الغربية. أما ما يضحكني أكثر فهو ضحكة الأطفال، وكلما رأيت ضحكة طفل تذكرت بيت بدوي الجبل “وصن ضحكة الأطفال يا رب إنها::إذا غرّدت في موحش الرمل أعشبا”. ■ العرب: ماذا يعني لك الحب؟ ● عباس الحايك: كل شيء، الحب حياة، وبلا حب.. لا حياة. الحب هو وقودنا لنعيش هذي الحياة، وأعني كل أنواع الحب، حب امرأة، حب العائلة، حب الوالدين، حب الإخوة والأصدقاء، كل الحب هو حياة. ■ العرب: هل لوجود الحب من عدمه في علاقة بالشخص تأثير على المؤلف؟ ● عباس الحايك: إن كنت تقصد غياب الحب عن شخصية المؤلف، فأنا أرى أن المحروم من الحب سيكون محروما من الإبداع، ومحروما من القدرة على خلق النص بأحداثه وشخوصه، فمن يفقد الحب لا يمكن أن يعطي الحب حتى لو كان في النص. ■ العرب: هل تنام جيّدا/ أم لا؟ ولماذا؟ ● عباس الحايك: كثيرا، أنا شخص أحب النوم، وكثيرا ما يكون هو وسيلتي للهروب من المشاكل، وعادة ما تكون الفترة قبل النوم هي المرحلة التي أتخيل فيها شخوص حكاياتي، وأحداث ما أكتب من نصوص، هي لحظات تطوير نصوصي. ■ العرب: اختر سؤالا واطرحه على نفسك وأجب عليه. ● عباس الحايك: هل تفكر يوما أن تهجر المسرح؟ مستحيل أن أهجره رغم أني فكرت كثيرا، لكني كلما ابتعدت عنه اقترب مني. المسرح رفيقي الذي لا يتركني ولا أتركه أبدا، رغم إحساسي بالإحباط أحيانا من ظروف المسرح العربي، ومن سيطرة العلاقات وحالة الشلل التي يمر بها.

مشاركة :