مجتمع سوري افتراضي في تركيا لتلبية حاجات المهاجرين

  • 1/27/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

صحن «فلافل» أو «تبولة» وحتى «تسقية»، أو أي نوع آخر من الأطعمة السورية، يمكنك أن تطلبها عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتصلك إلى المنزل في إسطنبول. ففي بلاد السلطنة العثمانية، حيث لا يجيد كثير منهم اللغة التركية، وحيث لا يتوافر كثير من المنتجات التي اعتادها السوريون في بلادهم التي فروا منها، وربما استنادا إلى قاعدة «الحاجة أم الاختراع»، أنشئت عشرات الحسابات والصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصًا موقع «فيسبوك»، لتلبية حاجات السوريين، بدءًا من «تجديد الجوازات» وليس انتهاءً ببيع «الأطعمة». الصفحات المتنوعة تجذب العرب إليها، وتحصد آلاف المتابعين، فهي تختصر عليهم رحلة الترجمة، وصعوبة التواصل مع الأتراك (الذين لا يجيد كثير منهم الإنجليزية)، فكان هذا العالم الافتراضي أشبه بمجتمع يلتقي فيه أبناء الوطن في بلاد الاغتراب. تجذبك اللهجة الشامية، أو الحلبية، والحمصية، في تعليقات المتابعين. بمجرد أن تكتب «تهريب»، أو «سوريين»، وتضغط زر «ابحث»، تتسطر أمامك العشرات من النتائج في ثانية، ومنها يمكنك أن تدخل عالم السوريين الخاص، الذي يعتمد نظام الفائدة المتبادلة، «أفد واستفد»، فالباحث عن ضالته يجدها بسهولة (لكن مع بعض الحذر من المحتالين)، وصاحب البضاعة «أيا كانت» يجد زبائنه دون وسيط، ودون أن يضطر إلى دفع مئات الليرات التركية، لقاء استئجار «دكان» صغير لم يستطع المنافسة في السوق التركية. «تهريب من تركيا إلى اليونان» إحدى الصفحات التي يتابعها أكثر من 22 ألف متابع، معظمهم سوريون، بعضهم وصل إلى أوروبا بعد الاتفاق مع القائمين على الصفحة، وآخرون ينتظرون دورهم. «المحترف للموبايلات»، وهي صفحة أخرى يتابعا كثيرون، تدلهم على إحدى الورش المختصة في صيانة الهواتف المحمولة، و«تتريكها» أي تعريفها على الشبكات التركية بشكل غير قانوني. أما «سوق إسطنبول المفتوحة» فتوفر للسوريين كل شيء بأسعار مناسبة، لا سيما أنها تتيح للاجئ بيع المواد المنزلية خاصته، وشراء أخرى من لاجئ آخر دون الحاجة إلى المرور بمحال بيع الأثاث والمواد المنزلية. مواقع التواصل الاجتماعي فتحت أمام السوريين آفاقا ومساحة، للدخول إلى عالم المال والأعمال وإنشاء مشاريع ذات مردود مالي جيد، بعيدا عن المنافسة والضرائب المرتفعة، فكل ما يحتاجه المشروع هو الوجود على الإنترنت، ومتابعة الطلبات وتوفيرها بسرعة. تقول سماح اللاجئة السورية في تركيا: «أنا أتصفح المواقع والصفحات بشكل يومي»، مضيفة أنها «وفرت ما كان ينقص السوريين في تركيا». وتضيف سماح أن «المعاملات الرسمية وتجديد الجوازات يكون إنجازها من خلال صفحات تابعة لشركات سوريا مختصة». أما همام، وهو شاب أردني يقيم في إسطنبول، فيقول إن «المشكلة الأساسية التي واجهتني عند مجيئي إلى إسطنبول هي الحصول على سكن»، مضيفا: «بعد أن مللت من البحث اقترح عليّ أحد الأصدقاء البحث عن موقع (فيسبوك)، وبالفعل وجدت عروضا كثيرة، وتمكنت من استئجار أحدها منذ عام ونصف العام، ولا أزال أعيش في المنزل ذاته». من جهتها، تقول نور، وهي سورية مقيمة في إسطنبول، وقد أنشأت مشروعا لتوفير الطعام السوري: «عندما جئنا إلى تركيا، قالوا لنا إن المنافسة صعبة، وإن أصحاب العمل الأتراك لن يسمحوا لنا بدخول عالمهم بسهولة»، مضيفة في حديث إلى «الشرق الأوسط»: «قررت أن أجرب العمل عبر الإنترنت، أولا لسهولة العمل، ولعدم حاجتي إلى استئجار محل وترخيصه، ومن ثم دفع ضرائب قد تكون أعلى مما أجنيه أساسا». اليوم وبعد عامين بات عمل نور أكبر، وزبائنها أكثر، بعد أن باتت توفر الأكلات السورية لكل من يطلبها. ولأن معظم الأتراك لا يجيدون العربية ولا يفهمون منها شيئا، كانت فرصة لآخرين لعرض خدمات غير قانونية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فمثلا يحتاج الحصول على إقامة سياحية «لمدة عام» في تركيا، لإنجاز المعاملة عبر الإنترنت، إلى وقت طويل في انتظار الحصول على دور، لكن يمكن الحصول على موعد سريع، وسريع جدا، من خلال بعض الشركات التي ترتبط بشكل أو بآخر ببعض موظفي دوائر الهجرة والإقامة. ويقول محمد، وهو شاب سوري من محافظة حمص: «اتصلت بإحدى الشركات التي وجدتها عبر تصفحي مواقع التواصل الاجتماعي، طلبوا مني ألفًا و500 ليرة تركية، لقاء الحصول على الإقامة خلال أسبوعين»، مبينا أن «الإقامة بالشكل القانوني تكلف نحو 800 ليرة، لكنها تتطلب منه الانتظار لأربعة أو خمسة أشهر على الأقل»، مضيفا: «اتفقت معهم، وبالفعل، لم أدفع شيئا حتى حصلت على الإقامة بعد عشرين يوما». ويضيف محمد: «لا أعلم كيف يتمكنون من ذلك، لكن ما يهمني هو الحصول على الإقامة بسرعة». ويقيم مئات الآلاف من اللاجئين في مخيمات على طول الحدود مع سوريا، لكن غالبيتهم ينتشرون في مدن في أنحاء البلاد ومن ضمنها إسطنبول.

مشاركة :