اعتدنا أن نجد مصادر الثقافة محصورة في كتاب مطبوع على رفوف المكتبات، فالكتاب يكاد يكون هو اهم مصدر ثقافي، ونظرًا لكل هذه المتغيرات التي يشهدها هذا العصر والتي أهمها وأبرها هو التحولات الرقمية ومنصات التقنية فكان من اهم المخرجات التي يجب ان تحدث هو توظيف العالم الرقمي في مختلف مناحي الحياة ومنها الثقافة باعتبارها ثقافة شمولية وهوية. وقد سارت هيئة الأدب والنشر والترجمة في هذا الاتجاه حيث قامت بعدة مبادرات في مجال الرقمنة الثقافية، ومنها إطلاق مبادرة «الأدب في كل مكان» من خلال مجسمات ووسائل تم إيجادها في الميادين والحدائق العامة مزودة (بباركود) رقمي ثقافي يمكن قراءته بالجوال والتزود من المواد الأدبية الموجودة فيه. وبالتالي تتحول الأماكن بفعل هذه المبادرة الى حواضن بيئية ثقافية. ثقافة جمعية لافئوية الدكتور عبدالله الزهراني أستاذ قسم الدراسات العليا العربية بكلية اللغة العربية وآدابها بجامعة أم القرى امتدح هذه المبادرة واعتبرها نوعية وتتماشى مع روح العصر ، وقال بأن مبادرة «أدب في كل مكان» التي أطلقتها هيئة الأدب والنشر والترجمة تعد من الخطوات المباركة التي يجب أن تلقى التشجيع من كل مثقف وأديب يؤمن أن الثقافة ليست حكراً على فئة معينة بل ينبغي أن تكون ضمن أفراد المجتمع بكل أطيافهم وهذا مما يرفع من شأن الثقافة وتسللها إلى أذاني فئات المجتمع بكافة طبقاته وألوانه. الثقافة في العالم الرقمي وأشار الدكتور ناصر السعيدي أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية جامعة أم القرى الى أن مبادرة «أدب في كل مكان» رائدة وجميلة وأيضاً تتناسب مع ثقافة العصر، ونحن الآن في عصر السرعة في العالم الرقمي وهذه المبادرة تطوع وتسخر التقنية لخدمة الثقافة وخاصة المنتج الأدبي لأن الأدب هو غذاء الروح وبالتالي يكون طرح هذه المبادرة للناس في كل مكان في الحدائق والمنتزهات والملاعب والمطارات والمدارس والجامعات وأماكن الانتظار في المستشفيات وغيرها يكون محفزا لاستثمار الوقت في القراءة خاصة أننا نجد أكثر الناس الآن يفضلون القراءة من هواتفهم أو الاطلاع على المحتوى من خلال الأجهزة الرقمية والهواتف المحمولة، وبالتالي هذه المبادرة تنمي وتزيد من شغفهم ومداركهم وذوقهم الأدبي وتفيدهم كثيراً في تغذية الفكر والوجدان والروح من خلال ما يقرؤونه ويسمعونه من مقتطفات شعرية وقراءة القصص القصيرة أو الاستماع لها إذا لا يملكون الوقت. زيادة الوعي القرائي الجمعي من جهتها أكدت الدكتورة حنان عبدالله رزق أستاذ مناهج وطرق تدريس الرياضيات بجامعة أم القرى بأنّ غرس عادة القراءة تُعتبر ضرورة ملحّة ومن أهمِّ الوسائل في بناء شخصيّة الإنسان واختيار النصوص للشباب والشابات وتوجيهم نحو الأدب البناء مما يؤثر على تفكيرهم الناقد وقدراتهم التأملية وحصيلتهم اللغوية ومهاراتهم في النقد والتحليل والإبداع لذلك تعتبر هذه بادرة رائعة نحو جيل ناشئ قارئ جيد وقدرات تفكير ومهارات لغوية وزيادة الوعي القرائي المجتمعي. طاقة المكان لصالح الإنسان وأوضحت جمانة المارديني مدربة في تطوير الذات وطاقة المكان مدى علاقة الأثر والتأثر ما بين المكان والإنسان وضرورة استثمار الطاقات المكانية لصالح الإنسان. بما في ذلك استيعاب التحولات الرقمية والتقنية في المجال الأدبي والوجداني على غرار هذه المبادرة، وهذا سيؤدي الى المزيد من التفاعلات بما يحقق تجويد الحياة. وأقترح أن تشمل مضامين الباركود معلومات عن الأحياء والأماكن المتواجدة فيه حتى يسهم في زيادة الثقافة الجمعية.
مشاركة :