الشاعر قران: الثقافة الهشة لا تبني جيلًا ولا تصنع مبدعًا

  • 1/27/2023
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

يعد الشاعر الدكتور أحمد قران أستاذ الإعلام أحد وجوه الحركة الثقافية، بإبداعاته الشعرية، وبمناصبه التي تقلدها على مدار رحلة طويلة مع الأدب والإدارة والإعلام، قدم خلالها مساهمات تنوعت بمزاياها وخصائصها، لكن ظل العطاء الوجداني القاسم المشترك بين كل مراحلها التي توجت حتى الآن بـ8 إصدارات في الأدب والإعلام. وبعد كل هذا المشوار في مضمار الفكر والأدب، كان لابد أن نقترب منه قليلًا في حوار شيق مع «المدينة»، نحاول أن ننهل من معينه الثقافي والمعرفي والفلسفي، لتكون إضاءات على الدرب والغوص في أعماقه.. الرضا والذات * من يسيطر عليك لحظة الكتابة؟ - لا أحد يسيطر علي سوى الذات، فقط الرضا عن النفس، الرضا عما أفعله أو أكتبه، حينما أكتب أضع أمام عيني رضاي على ما أكتب، فإذا رضيت بنسبة مرتفعة عن الذي كتبته فقد حققت ما أسعى إليه، ثم بعد ذلك أنتظر ردة الفعل سلبًا أو إيجابًا. * ماهو تعريف الحب في نظرك؟ - الحب في البدء مشاعر وأحاسيس، لهذا كل الكائنات تحب بعضها بعضًا، والأمي يحب ويعشق دون أن تكون لهم خلفيات ثقافية، ثم إذا تطورت هذه المشاعر تدعمها ثقافة الاحترام المتبادل والتضحيات والإيثار. إن فلسفة الحب لا تخضع لمعايير محددة حيث لا يستطيع الإنسان أن يتحكم في مشاعره من خلال اكتسابه لثقافة ما. تفاصيل الحياة * الأجهزة الذكية علمت الأصابع «الثرثرة».. فمتى نعيد لأسماعنا الرصانة والأدب الرفيع؟ - هذه الأجهزة التي علمتنا الثرثرة، هي في ذات الوقت، اختصرت لنا الزمان والمكان، وعلمتنا التفاصيل اليومية للحياة، فمن خلالها تعرفنا على ثقافات الشعوب وأخبار العالم، والمستجدات في العلوم والمعارف والتكنولوجيا، ومن خلال هذه الأجهزة أيضًا تعرفت الآخر على ثقافتنا التي لم تكن لتعرف بهذه الكيفية لولا هذه الأجهزة، ومن خلالها وصل الأدب المحلي إلى الخارج ومارس الأدباء والمثقفون حريتهم في النشر والتواصل ومعرفة مستجدات الحياة، وكما أن لكل شيء جانبًا سلبيًا فإن له جوانب إيجابية، وأجزم أن إيجابيات هذه الأجهزة أكثر بمراحل من سلبياتها، حتى وإن علمتنا الثرثرة في كل ما لنا وما ليس لنا به علاقة. * الأدب همسة روح تصل الغمام لتنتظر الهطول، فهل الإمساك به كالقابض على الجمر؟ - الأدب نافذة الإنسان على الآخرين، به يتصل بالعالم ويتعرف بمجتمعه وقضاياه، وهو انعكاس للصورة التي وصل إليها المجتمع، فكلما كان الأدب والثقافة حاضرة ومؤثرة في مجتمع ما، كلما كان هذا المجتمع مؤثراً في الثقافة العالمية. شروط النشر * انفتاح النوافذ والبوابات هزم شروط النشر.. مَنْ يضبط الإيقاع.. وكيف؟ - المفترض ألا تكون هناك شروط للنشر، لأن الشروط تقيد حرية النشر، ما يضبط النشر هو توجه الكاتب وقيمه وأخلاقياته وثقافته، الحياة تتسع لكل شيء والزمن كفيل بفرز الجيد من الرديء وكلما اتسعت مساحات حرية النشر كلما زادت عملية الإنتاج، علينا أن لا نضيق واسعاً، ويكفي أن نعرف أن معدل إنتاج الكتب العربية بالنسبة للمنتج العالمي1% فقط وهي نسبة تشير إلى تخلف العرب عن الآخر في كل مناحي الحياة، لندع الناس تكتب وتنشر والزمن كفيل بالتمييز بين ما يستحق وما لا يستحق. * التفكير الناقد صار جزءًا من المقرر الدراسي.. أي أثر ننتظر؟ - لا شك أن مفهوم التفكير الناقد له أبعاد فلسفية وفكرية، فلكي يكون هناك جيل يستطيع السؤال دون خوف أو تردد ويستطيع أن ينقض وينتقد ويبني ويهدم النظريات ويضيف على العلوم والمعارف فلا بد أن يتعلم كيف يفكر الآخرون وما نقاط الضعف والقوة في البنى الفكرية لأي علم أو معرفة. * في ظل التباين بين نقيضين، القديم والحداثي.. كيف نستطيع الإمساك بطرفيهما ؟ - لا حديث بدون قديم، لم نقل هذا حديث إلا لأن هناك قديماً قرأناه وتشربناه وانتقلنا منه بعد أن تعلمنا منه إلى الحديث الذي يتوافق مع الزمن وتسارعه وأنماطة ويتسم بالحركية والتجديد، دون القطع الكامل مع القديم ودون الانجراف الكامل مع الجديد. الاختلاف لا التصادم * التسامح مع الآخر اختلاف، والتضاد بينهما تصالح، متى نتحكم في خطام المحبة ونسرحه بالجمال؟ - الاختلاف سنة الحياة شريطة ألا يؤدي هذا الاختلاف إلى التصادم والمشاحنات والقطيعة والمصادرة، فكما أن الاختلاف سنة الحياة فإن الحياة لا تستحق الاختلاف الذي يدمر العلاقات الإنسانية. ديننا الإسلامي هو دين السلام والمحبة، وعلينا أن نكون محبين للخير والعطاء والجمال. * متى نرى الثقافة غير مقبوض عليها بسلاسل الرقيب؟ - مع الانفتاح الذي يشهده العالم ومع وسائل الإعلام الرقمي وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي ليس هناك رقيب يفرض على المثقفين ما يجب عليه أن يكتب وما لا يكتب، فالعالم أصبح مفتوحاً لكل الأطياف الثقافية، ولم يعد للرقيب دور فعال ومؤثر كما كان. الثقافة الهشة * هل النهل لفلذات أكبادنا من الشارع ثقافة، وكيف ننمي فيهم الإبداع ؟ - ثقافة الشارع هي ثقافة شعبوية، والثقافة الشعبوية هي ثقافة هشة لا تبني جيلاً مثقفاً وتأثيرها السلبي أكثر من تأثيرها الإيجابي، لهذا علينا أن نقوم بأدوارنا، كلٌ فيما يخصه بتوعية الشباب بهشاشة ثقافة الشارع، وأن نوجههم إلى القراءة الرصينة التي تؤسسهم وتجعل منهم جيلاً واعيًا مثقفًا يستطيع المساهمة في بناء مجتمعه وأمته. الشللية * هل النقّاد اليوم للأدب باتوا موضوعيين أم شلليين وينعكس ذلك على المبدعين الحقيقيين؟ - في كل صنعة في الحياة تجد الشللية وفي المقابل تجد الحياديين والموضوعيين، والحال كذلك في الثقافة والأدب تجد من النقاد شللية تكتب وتمجد مثقفين محددين (شعراء قاصين روائيين) وفي المقابل تجد من يكتب بموضوعية ومصداقية بعيداً عن التصنيفات أو التوجهات أو المحبة أو الكره أو الارتياح وعدم الارتياح، لكن الحقيقة أن الشللية في النقد أصبحت قلة والقليل شاذ لا يقاس عليه. سيرة ذاتية: - د.أحمد قِـرّان - يعمل حالياً وكيل كلية الاتصال والإعلام للدراسات العليا والبحث العلمي بجامعة الملك عبدالعزيز. رئيس قسم الإنتاج المرئي والمسموع بالكلية سابقاً. - عضو لجنة جائزة توليولا الإيطالية العالمية ورئيس الجائزة في فرعها العربي (الشعر والرواية). - مستشار وزير الثقافة والإعلام سابقاً. - مدير عام الأندية الأدبية بالمملكة سابقاً. - يشرف على عدد من رسائل الماجستير. - عمل صحفياً في العديد من الصحف والمجلات. - عملا رئيساً لتحرير مجلة عبقر - نادي جدة الأدبي الثقافي. - عمل مدير إدارة الصحافة المحلية بوزارة الإعلام. - عمل دبلوماسيًا في السفارة السعودية بالقاهرة. - المشرف على معرض الكتاب الدولي بجدة إلى عام 2006م. - عضو مجلس إدارة نادي جدة الأدبي الثقافي والمسؤول المالي. - رئيس منتدى الشعر في النادي. الجوائز : سيرة ذاتية الجوائز: - جائزة نادي أبها الأدبي للشعر 1999م. - جائزة نادي مكة المكرمة الأدبي الثقافي للشعر لعام 2018م. - جائزة توليولا الإيطالية العالمية للشعر عام 2021م. الإصدارات: - دماء الثلج عام 98م، نادي جدة الأدبي الثقافي، ديوان شعر. - امرأة من حلم -نصوص نثرية- 2000م. - بياض 2003م، المركز الثقافي العربي للنشر ببيروت، ديوان شعر. ديوان شعر: - ديوان لا تجرح الماء 4 طبعات، ديوان شعر: الطبعة الأولى عن دار رياض الريس ٢٠٠٩م ، الطبعة الثانية عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بمصر عام ٢٠١٣م. الطبعة الثالثة عن دار ضفاف بلبنان عام ٢٠١٥م، الطبعة الرابعة عن دار الانتشار العربي ببيروت عام ٢٠١٧م. - كتاب السلطة السياسية والإعلام في الوطن العربي- 2015م. - ديوان تفاصيل الفراغ، نادي الرياض الأدبي بالتعاون مع المركز الثقافي العربي ببيروت 2018م. - كتاب: دراسات سوسيولوجية في الثقافة والإعلام، عام 2022م. - كتاب «الكتابة الإعلامية وصناعة المحتوى» عام 2022م.

مشاركة :