بقلم الأستاذ: ناصر بن ظافر بن ملفي القحطاني معلم و موجه طلابي بمدرسة ابن هشام إدارة تعليم ظهران الجنوب عندما نسمع مصطلح (صناعة) يتبادر إلى أذهاننا تلك الآلات و قطع الحديد معقدة الصنع و قد يطرأ لنا أيضاً تلك المصانع الضخمة التي ذات المشاعل التي لا تنطفىء و أبدع في تشييدها الإنسان . و بالعودة إلى معجم المعاني فإن معنى كلمة صناعة هو كل علم أو فن مارسه الإنسان حتى مهر فيه و أبدع. إذاً هل يمكن لنا أن نصنع إنساناً؟ أن نبدع في تربية الإنسان حتى تتشكل لنا تحفة فنية نتباهى بها و نبتغي بها أجراً عند الله؟ أجيب على هذه الأسئلة بنعم مستشهداً في ذلك بقول الله تعالى على عن نبيه موسى عليه السلام: ( و أَلْقَيتُ عَلَيكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَ لِتُصْنَعْ عَلَى عَينِي) سورة طه آية٣٩ و قد جاء هنا لفظ تصنع على عيني بمعنى: تولى توجيهه في جميع أطوار حياته. و مما لا شك في أن مصطلح صناعة الإنسان ليس بالجديد بل حظي باهتمام وفير و له عدة تعريفات منها: إن صناعة الإنسان تعني صناعة قلبه و نفسه و روحه صناعة محكمة متكاملة و هي التزكية العلمية للنفس. إذاً يمكننا أن ننشىء قاعدة مفادها: بقدر ما تتفانى المجتمعات في صناعة إنسان متكامل سوي في جميع مناحي الحياة بقدر ما ستنعم به من شعب واعٍ و حاضر زاهر و مستقبل واعد. و لكن لنضع في الحسبان أن منهج صناعة الإنسان يسلك طريقين: و لن نستطيع من تقويم الأولى و لا غرس الثانية دون جهود المعلم ذلك الجندي الذي يقف خلف كل منجزات و صروح هذا الوطن و أستشهد بهذه الأبيات: إن المعلم للشعوب حياتها و دليلها و عطاؤها المتفاني فإذا سألت عن الشعوب فلا تسل عن غير هاديها فذاك الباني يقضي أبناؤنا ما يقارب ثماني ساعات مع ذلك المعلم الذي يتأثرون به شكلاً و مضموناً فلا يخفى على أحدنا مدى الأثر الذي يتركه على نفوس طلابنا. و أكاد أجزم أننا الآن كمعلمين نقف على هذا الصرح و في أذهاننا على الأقل معلم واحد لم تطفىء نوره الوهاج تلك السنون التي قد انقضت. إن دور المعلم في صناعة الإنسان واضح كنور الشمس التي أطلت بشعاعها فكست الأرض جمالاً و بهاءً. إن المعلم من أهم مصادر صناعة الإنسان بل هو حجر الزاوية في هذا المجال ، فإن لم يساهم بتعليم منهجه الدراسي ساهم بكونه قدوة يحتذى بها لطلّابه. ذكرت سابقاً أن من أهم الطرق التي نسلكها في صناعة الإنسان هي المهارات و العادات و السلوك و هذا يؤكد لنا أهمية دور المعلم الذي يغرس هذه المهارات و يقوّم العادات و السلوك في سبيل ما يصنع لنا إنساناً سوياً و لا بد لي أن أذكر هنا أن جزءاً كبيراً من صناعة الإنسان هو تربوي بحت منشأه بين أروقة المدارس تحت أنظار المعلمين. ونظراً لأهمية المعلم و دوره البارز في نشأة الجيل و كونه حجر الأساس لهذا المجتمع و له الفضل بعد الله في بناء جيل متعلم يتحمل المسؤولية و يقوم باتخاذ القرارات مستقبلاً فقد أولت له رؤية ٢٠٣٠ إهتماماً بالغاً كونه أحد محكات هذه الرؤية و يظهر لنا ذلك من خلال: خلاصة القول أن رؤية ٢٠٣٠ تهدف إلى صناعة الإنسان و العقول حيث لا نهضة للأوطان بلا نهضة لعقل الإنسان. و من هذا المنطلق نقول إن جودة المجتمع و جودة المعلم و التعليم مترابطين ارتباطاً وثيقاً و هذا ما تسعى له رؤية و طننا لذلك و ضعت المعلم على سلم أولوياتها حيث أنهم ابطال هذه الرؤية. و لعلّ خير دليل على ذلك ما حدث أثناء جائحة كورونا فقد اجتهدت حكومتنا الرشيدة في خلق السبل الآمنة لمواصلة تعليم أبنائها و تذليل العقبات أمامهم و لم تجعل مسيرتهم العلمية ضحية لهذه الجائحة. لذلك أنشأت قناة عين و منصة مدرستي التي بفضلها أصبح في كل منزل يصدح صوت المعلم و هذا يؤكد لنا أنه لا غنى عن مربي الأجيال و مهما بلغت الظروف مبلغها يبقى التعليم لدينا أولوية لدى قادتنا. اختم قولي بمقولة الملك فهد رحمه الله حيث قال: إن صناعة الإنسان هي الأساس فالمال يذهب و الرجال وحدهم هم الذين يصنعون المال. بقلم الأستاذ: ناصر بن ظافر بن ملفي القحطاني معلم و موجه طلابي بمدرسة ابن هشام إدارة تعليم ظهران الجنوب
مشاركة :