حصل الباحث الشرعي فضيلة الشيخ مدغم بن عايض البقمي، على شهادة الدكتوراه من كلية الدراسات القضائية والأنظمة بجامعة أم القرى عن بحثه المعنون بـ"أدب القاضي"، وقد تكونت لجنة مناقشة أطروحته التي عقدت بالجامعة يوم أمس، من الأستاذ الدكتور ناصر الغامدي مشرفًا، والأستاذ الدكتور خالد الشمراني مناقشًا، والأستاذ الدكتور محمد عبدالله الشنقيطي مناقشاً.. وحازت الأطروحة على تقدير ممتاز.. وقد ثمنت لجنة المناقشة جهد الباحث وجدية البحث وأهميته للمشتغلين سلك القضاء والمحاماة وحقوق الانسان.. وقد عقب عضو مجلس الشورى السابق الأستاذ سليمان الزّايدي على دراسة الدكتور البقمي بقوله: تُعدّ الدّراسة التي بين أيدينا (أدبُ القاضي) من الدّراسات العلميّة البحثيّة الجادة، تبعًا لموضوعها الشّائقُ، وبحثها المتعمّق، وحاجة المشتغلين في القضاء، والمحاماة، وحقوق الإنسان للاستفادة من قيم القضاء التي نثرها المؤلّف في ثنايا مخطوطه، وأخرجها الباحث في ثوب علمي بعد دراسة جادة. وتكتسي هذه الدّراسة أهميّتها من أهميّة القضاء نفسه الذي يحتمي به الإنسان في كل زمان، لحفظ الحقوق، وصيانة العدالة، وتوطين الأمن، وانتظام حياة النّاس وازدهارها. ولأهميّة هذا شرّعت الدّول الأنظمة القضائيّة، وكوّنت المحاكم للفصل في النّزاعات بين النّاس، وبين مكوّنات المجتمع. وتابع الزايدي: في بلادنا المملكة العربيّة السّعوديّة القضاء سلطة مستقلّة، ولا سلطان على القضاة في قضائهم لغير سلطان الشّريعة الإسلاميّة كما تقول المادتان: ( 44، 46) من نظام الحكم. والقضاء من عمل الرسل، والقاضي وريث الأنبياء في مهمته العظيمة، فهو يتحمّل مسؤليّة حفظ الحقوق، وصيانة العدالة، والفصل في الخصومات بين النّاس. وقد اكتسب القاضي على مرّ العصورِ أعلى درجات التّبجيلٍ ، والتوقير، ومن شروطه يكون راجح العقل، واسع العلم والفهم، متحلّيًا بالحلم، والتّبصر، والأناة, وخفض الجناح، نبراسًا للعدلِ ميزانًا للانصاف فيما يقضي به أو يأمرُ، أو يبدئُ فيه رأيًا، تصريحًا أو تلميحًا، تجتمع فيه كل خصال الخير. فهو القدوة، في قوله، وعمله، وقلمه، وسلوك.(خياركم أحاسنكم أخلاقًا)، والأدب أصل في الدّين، ومن ثمار حسن الخلق كما قال عنها عبدالله بن عبّاس رضي الله عنه: - الزّيادة في العقل. - التدّليل على المروءة. - المؤانسة في الوحدة. - الصّحبة في الغربة. - المال عند القلّة.. وتابع الزايدي مضيفًا: وعودة إلى مخطوط أدبُ القاضي - عنوان هذه الرّسالة - تأليف القاضي أحمد بن روح الدّين الأنصاري الذي حقّق الجزء الأول منه الباحث مدغم بن عايض البقمي، والتزم فيه بمنهج الدّراسات القضائيّة البحثية المكتمل الشّروط. وفي دراسته أشار الباحث إلى أهميّة المخطوط، وإلى عظّم الفائدة العلميّة المرجوة من تحقيقه، باعتباره من المؤلّفات النّادرة في أدب القاضي، وهو كنزٌ علميّ ثمين، فصّل فيه المؤلّف شروط من يجوز له أن يتولّى القضاء، وفي صفته، وفي ما يقضي، أو يجتهد فيه، ورتّب فيه دلائل أدب القاضي بصورة منطقية. وقد بذل الباحث جهدًا علميًا واضحًا تحقيق المخطوط، ووقف على فرائده وفوائده، ومزاياه وعيوبه. وتفصيله في المسائل الخلافيّة بين الائمة الأربعة. كما بيّن اعتماد المؤلف على عدة مصادر في مصنّفه مما يدل على غزارة علمه وحرصه على التّقصي في المسائل التي كتب فيها فجاء مخطوطه شاملا. لكتب المتقدمين في المذهب متوّجاً برأيه. وفي دقّة واضحة تتبع الباحث سيرة المؤلف في مضانّها، فوثّق نسبه، ونشأته، وحياته العلميّة، والعملية، وشيوخه، ومذهبه الفقهي. ولاغرابة أن يبحر بنا الباحث في هذه السّاحة العلميّة المفيدة، فهو ابن المؤسّسة العدليّة، تشرّب علومها وفهومها، وهو خير من يتصدّى لتحقيق هذا الجزء من المخطوط، ويعلّقُ عليه، ويفكّك نصّه، ويستخرجُ فوائده، ويضيف له من رأيه وعلمه، ويُنتج منه عملاً علميّاً يقدّمه للاقسام العلميّة في الجامعات، والمعاهد المتخصّصة، والمكتبات العربية ليصبح مرجعًا للباحثين، ومرشدًا للمشتغلين في القضاء. والبحث في صميم الدّراسات القضائيّة. وكما هو واضح قد وجّه الباحث دراساته وجهوده العلميّة منذ البدء لخدمة القضاء، وخاصة الحفاوة بمقارناته، وبأدبيّاته، فقد سبق له أن نال درجة الماجستير عن موضوعه: (درجات التّقاضي في النظام القضائي السعودي) وهي دراسة مقارنة بالنظام القضائي القطري . وواصل عمله المثمر ليأتي بحثه لدرجة الدّكتوراه في أدب القاضي مكملاً لجهوده العلميّة في مجال القاضي والقضاء . وبهذا يكون قد تناول بالدّراسة المؤسّسة العدليّة بوجهيها ( القضاء والقاضي). وانتهى خلال استقرائه الفاحص، وتحليله الأمين للمخطوط، إلى نتائج مفيدة، وتوصيات نافعة للقضاء وللقضاة وقابلة للتّطبيق. وهذا العمل العلمي الجاد سيكون مرجعًا مهماً في الدراسات القضائية، وسيسجّل للباحث الكريم، ولمشرفه الأستاذ الدكتور ناصر بن محمد بن مشري الغامدي، ولقسم الدراسات القضائيّة، ولكليّة الدراسات القضائية والأنظمة بجامعة أم القرى فضل تحقيق المخطوط وإتاحته لطلاب العلم والمهتمين بالقضاء.
مشاركة :