انتشر القفطان المغربي في أنحاء العالم وأسر بزخارفه النساء، لذلك تستعد المملكة المغربية لتقديم ملف يتعلق بهذا اللباس التقليدي الشهير لإدراجه في قائمة التراث الثقافي غير المادي التي تشرف عليها منظمة اليونسكو. الرباط - تم الخميس بالرباط تنظيم ورشة لإعداد ملف ترشيح القفطان إلى قائمة التراث الثقافي غير المادي لمنظمة اليونسكو حول موضوع “الفن والتقاليد والمهارات المرتبطة بالقفطان”، وذلك بالتوازي مع افتتاح معرض حول “المهارات المرتبطة بلباس القفطان المغربي”. ويؤرخ هذا المعرض لأزياء يعود بعضها إلى مئتي سنة، وإن كان عهد هذا اللباس يرجع وفق مصادر تاريخية إلى القرن الثاني عشر ميلادي، أي إلى عهد الدولة الموحدية. وشكّل القفطان في مرحلة تاريخية رمزا للمهابة، فكان لباس السلطان. وتحوّل إلى الزي المفضل للعروس، ولكل مغربية تحرص على أناقتها في الأعياد والحفلات والمناسبات الخاصة. وقال عبدالإله عفيفي الكاتب العام لوزارة الشباب والثقافة في كلمة بالمناسبة، إنه بعد إدراج القفطان في قائمة التراث المادي واللامادي لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) في عام 2022، يعمل جميع الفاعلين لمواصلة مسعى تثمين غنى التراث الثقافي للمملكة. وأكد عفيفي أن “دراسات أجريت حول القفطان لإبراز أبعاده الثقافية والاجتماعية وخصائصه الحرفية والفنية”. وأضاف أنه “تم توثيق المهارات والمعارف المرتبطة بهذا العنصر وتسجيلها في صيغة سمعية بصرية بهدف إبراز خصائصه المميزة والترويج له على المستوى الدولي”. والقفطان ليس واحدا، فقد برع الحرفيون، حسب انتمائهم القبلي في إبراز خصوصيات محلية تتجلى بوضوح في اختيارات الألوان، ونوعية الأثواب، وطريقة قصّها. كما يبرز الاختلاف في ما يصحب القفطان من مجوهرات وملحقات. واستعرض مدير متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر عبدالعزيز الإدريسي في عرضه حول “القفطان المغربي: نظرات حول صناعة زي تقليدي تراثي” خصائص القفطان بجهات المغرب، لاسيما قفطان فاس وتطوان والرباط ومراكش ووجدة. صناعة القفطان ترتكز على البيوت والورش الأهلية والمصانع الصغيرة المنتشرة في المدن المغربية القديمة صناعة القفطان ترتكز على البيوت والورش الأهلية والمصانع الصغيرة المنتشرة في المدن المغربية القديمة وترتكز صناعة القفطان على البيوت والورش الأهلية والمصانع الصغيرة المنتشرة في المدن المغربية القديمة، مثل فاس والرباط ومراكش، الأمر الذي وفر ما يزيد على 75 ألف فرصة عمل للمغاربة من الحرفيين وصانعي القفطان التقليديين. وتوقف الإدريسي عند البعد غير المادي للقفطان وتطوره مع مرور الزمن وأصوله، موضحا أنه “في القرن الثاني عشر، أي في عهد الموحدين، ظهر القفطان في المغرب وكان مختلفا تماما عن الملابس التقليدية التي كانت تلبس في الشرق”. كما أبرز المتحدث ثراء وتنويعات القفطان، مشيرا في هذا السياق إلى أن “القفطان الذي يمكن أن يرتديه الرجال والنساء تطور بمرور الزمن في عالم الموضة وأعيد النظر فيه في مناسبات عديدة من قبل المصممين، مع الحفاظ على المهارات المرتبطة به”. وتقول المصممة مريم بلخياط إن عمل القفطان الواحد يستغرق من أسبوع حتى 9 أشهر على حسب القطعة ونوعية الزخرفة، وتثبيت المجوهرات بما في ذلك الأثواب والتطريز وأصالة التفصيل بخيوط الذهب إضافة إلى “السفيفة” و”العقاد” الذهبيتين في الوسط اللتين تميزان القفطان المغربي عن غيره من القفاطين، والحزام المصنوع من الذهب والمزين بالأحجار الكريمة ويدعى “المضمة” بالدارجة المغربية. ولا تنسى مريم أهم عملية وهي ما يسمى في المغرب “خدمة المعلم” نسبة إلى الحرفيين الذين يغزلون خيوطا من الحرير أو الفضة أو الذهب مما يجعل موديلات القفطان المغربي شديدة التنوع. وتضيف بلخياط “بكل هذه التركيبات في صناعة القفطان أتميز بلمستي الخاصة، وكل من يرى تصاميمي يستطيع أن يميزها عن باقي تصاميم زملائي في العمل”. ولم يعد القفطان المغربي اليوم لباسا محليا، بل نجح بعد خضوعه للتطوير في خطف أنظار المشاهير والشخصيات العمومية في عدد من معارض العالم. ومن المصممين العالميين الذين أسرهم القفطان نجد كينزو، وجون بول غوتيي، وكريستيان لاكروا، وإيف سان لوران وأوسكار دي لارنتا، ونعيم خان ثم أماندا وايكلي وآخرين. وأصبح القفطان المغربي رمزا للأناقة وعنوانا للفخامة، ولفت انتباه نساء من ثقافات وجنسيات متعددة من بينهن نجمة هوليوود سوزان ساراندونو والنجمة الأميركية إليزابيث تايلور التي اختارت في إحدى جلسات تصويرها لمجلة “فوغ” العام 1967 ارتداء القفطان المغربي، وكذلك الراحلة وتني هيوستن والمطربة ماريا كاري، وهيلاري كلينتون التي ارتدت القفطان المغربي في مناسبات عدة.
مشاركة :