قيس سعيد يصعّد ضد اتحاد الشغل ويطالب بإجهاض محاولاته لافتعال الأزمات

  • 2/4/2023
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

تونس – دعا الرئيس التونسي، قيس سعيد، مساء الجمعة، إلى ضرورة تكوين مخزون استراتيجي من المواد الغذائية، لإجهاض المحاولات السياسية اليائسة لافتعال الأزمات، مشيرا إلى أن تواصل ظاهرة اختفائها تقف وراءه قوى تعمل على تأجيج الأوضاع للاستفادة منه سياسيا في إشارة إلى اتحاد الشغل الذي يحاول توظيف الصعوبات الاجتماعية لاستعادة نفوذه السياسي الذي تآكل بعد مسار الخامس والعشرين من يوليو 2021. وتشكو المحال التجارية الكبرى وصغار التجار من نقص الحليب والقهوة والسكر وزيت الطبخ، وحددت المتاجر الكبرى بعض المواد الأساسية ومنها العجين، بعلبتين فقط. وعبّر عدد من المواطنين عن غضبهم من فقدان المواد الأساسية وارتفاع أسعارها بشكل كبير، فيما يرى خبراء أن الأمر متعلق بارتفاع التضخم والعجز التجاري وارتفاع بعض المواد في السوق العالمية نتيجة للحرب في أوكرانيا. وخلال اجتماع عقده في قصر قرطاج مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن، ووزيرة التجارة وتنمية الصادرات كلثوم بن رجب، والمديرة العامة للديوانة نجاة الجوادي، تطرق سعيد إلى أسباب فقدان عدد من المواد الغذائية أو ندرتها، مشيرا إلى أن تلك الظاهرة والتي وصفها بـ"غير الطبيعية" لم تعرفها تونس حتى حين شهدت أزمات اقتصادية كبرى في العقود الماضية. وأكد الرئيس التونسي في الاجتماع على أنه "لم يعد يخفى على أحد أن من يقف وراء تواصل هذه الظاهرة يسعى بكل الطرق إلى تأجيج الوضع الاجتماعي حتى يستفيد سياسيا. وأوضح بأن الشعب التونسي لم تعد تخفى عليه هذه الأسباب ويطالب بمحاسبة كل من أجرم في حقّه وكل من يسعى إلى تجويعه والتنكيل به". وشدد سعيد على أن تتولى كافة الجهات المعنية في الدولة تحمّل مسؤولياتها، وعلى ضرورة تكوين مخزون استراتيجي، "لإجهاض المحاولات اليائسة في افتعال الأزمات". ويرى مراقبون أن خطاب الرئيس سعيد يحمل نبرة تصعيد ضد الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يعمل على تعميق الأزمة الاقتصادية لتوظيفها في معركته السياسية مع السلطة. ويشير هؤلاء المراقبين إلى أن الرئيس التونسي جاد في قطع الطريق على هذه المنظمة العمالية التي رغم إقرارها بوجود أزمة اقتصادية إلا أنها تستغل قدرتها على الإضرابات وشل حركة البلاد لابتزاز الدولة. ويضغط الاتحاد على وتر الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها تونس، لدفع الرئيس سعيّد إلى التنازل، والإقرار بالشعار الذي لطالما تغنت به المنظمة الشغيلة "الاتحاد أكبر قوة في البلاد". ويرى مراقبون أن إشارات سعيّد الواضحة أنه لن يقبل منطق المساومة، ودعوته إلى التصدي لـ"أعداء البلاد" و"المتآمرين"، والتي تلاها إيقاف المسؤول النقابي أنيس الكعبي، كل ذلك خلق حالة من الارتباك لدى قيادة الاتحاد، وهي التي كانت تتحضر لسيناريوهات التصعيد في القطاعات التي تسيطر عليها. وأثارت التطورات المسجلة استنفار المنظمة العمالية الأكبر في تونس، التي أعلنت الجمعة تنفيذ سلسلة إضرابات في مختلف القطاعات احتجاجا على استهداف العمل النقابي. وفق بيان للهيئة الإدارية للاتحاد، نشر على موقعه الإلكتروني. وعبّر الاتحاد عن "رفضه استهدافه وضرب حق الإضراب من خلال استصدار المناشير السالبة لحق التفاوض وتلفيق الشكاوى القضائية ضد النقابيين". وطالب بـ "النأي بالقضاء وعدم إقحامه في النزاعات العمالية ومحاولة توظيفه والسعي لممارسة الوصاية عليه". والثلاثاء، قال الرئيس التونسي قيس سعيد خلال زيارته ثكنة عسكرية بالعاصمة تونس، إن "الحق النقابي مضمون بموجب الدستور لكن لا يمكن أن يتحول هذا الحق لتحقيق مآرب سياسية". ويخوض اتحاد الشغل، منذ فترة عملية لي ذراع مع السلطة السياسية، في سياق مساعيه للحفاظ على نفوذه السياسي الذي تضخم بشكل لافت خلال السنوات العشر التي أعقبت انهيار نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، قبل أن يتآكل هذا النفوذ مع انطلاق مسار الخامس والعشرين من يوليو. وبات الاتحاد يتقدم صفوف المعارضة السياسية مستغلا في ذلك قدرته على حشد العمال "تحت عناوين مطلبية"، وتعطيل القطاعات الاقتصادية، في ابتزاز للرئيس سعيد، من أجل الإقرار بدوره كطرف رئيسي في صنع القرار السياسي، كما كان الحال خلال العشرية السابقة. وتعهد الاتحاد في بيانه، بتنفيذ "جملة من التحركات الوطنية والقطاعية والجهوية (إضرابات في القطاع العام والوظيفة العمومية) من أجل مطالبة الحكومة بتنفيذ الاتفاقيات السابقة"، دون تحديد موعد لها. من جهة أخرى، طالب "بالإفراج عن الكاتب العام للنقابة لشركة تونس للطرق السيارة، أنيس الكعبي، الموقوف على خلفية شكايتين (دعويين)"، اعتبرتهما المنظمة العمالية "كيديتين نتيجة ممارسته لحقّه النقابي". والأربعاء، قالت المحكمة الابتدائية بتونس، إن توقيف أنيس الكعبي، جاء على خلفية اتهامه باستغلال صفته موظفًا عموميًا بهدف الإضرار بالإدارة وتعطيل خدمة عمومية. ويرى متابعون أنه من غير المرجح أن تلقى دعوة الاتحاد تجاوبا حتى من قبل الطيف السياسي المعارض الذي يدرك أن تصعيد الاتحاد يندرج في سياق صراع تموقع. وأبدى جزء كبير من القوى السياسية عدم رغبة في الانسياق خلف تصعيد الاتحاد، بما في ذلك حركة النهضة الإسلامية التي خيرت الاحتفاظ بمسافة في انتظار مآلات الصراع الجاري بين الطرفين.

مشاركة :