إلهان.. من مخيمات اللجوء إلى دهاليز الاستجداء

  • 2/5/2023
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يبدو أن رئيس مجلس النواب الأميركي كيفين مكارثي ماض في تنظيف لجان المجلس من بقايا أعضاء الحزب الديموقراطي، وملتزم بوعده الذي قطعه بالإطاحة برئيسة المجلس السابقة الديموقراطية نانسي بيلوسي، وأعقب ذلك بإزاحة وطرد إلهان عمر النائبة الديموقراطية من لجنة العلاقات الخارجية عقب إنهاء مجلس النواب الأميركي -الذي يقوده الجمهوريون- تصويته لصالح طرد النائبة الديموقراطية إلهان عمر من لجنة العلاقات الخارجية، بـ218 صوتاً مؤيداً مقابل 211 معارضاً، بعدما رفض رئيس المجلس كيفين مكارثي احتفاظ النائبين الديموقراطيين إيريك سوالويل وآدم شيف، الرئيس السابق للجنة المخابرات، بمقعديهما. مكارثي يطردها من لجنة العلاقات الخارجية وكانت إلهان اللاجئة من الصومال قد انتخبت في سن 36 عاماً، لتصبح عضواً في مجلس النواب عن ولاية مينيسوتا خلفاً لكيث إيليسون الذي كان أيضاً أول نائب أسود في الكونغرس، وقد قرر عدم خوض الانتخابات للتفرغ للتنافس على منصب المدعي العام للولاية. وتعهد مكارثي أنه إذا استعاد الجمهوريون أغلبية المجلس، فسوف يجرد شيف وسوالويل وعمر من مهام اللجان، كون الديموقراطيين وضعوا معيارا جديدا، عندما حصلوا على الأغلبية بإزاحة النواب الجمهوريين، إذ استبعدت في السابق مارجورى تايلور جرين من جورجيا، وبول غوسار من أريزونا، من لجان المجلس بسبب خطاباتهما التي وصفت بـ"المتطرفة". وبنت إلهان عمر لنفسها صورة امرأة سياسية تقدمية، ودعمت بقوة قوى جماعة الإخوان. وفرت إلهان من بلدها الصومال في سن الثامنة. وبعدما أمضت أربع سنوات في مخيم لاجئين في كينيا، استقرت عائلتها أخيراً عام 1997 في مينيسوتا، حيث تعيش جالية كبرى من دول القرن الإفريقي. وفي 2016، فازت ضمن منظمة نافذة مدافعة عن الحقوق المدنية، بمقعد نيابي في ولايتها الصناعية حيث تعيش جالية صومالية كبيرة لتصبح أول أميركية من أصل صومالي تفوز بهذا المنصب. واعتبر البيت الأبيض في معرض رده على إزاحة إلهان قائلا "إنها حيلة سياسية وإساءة للشعب الأميركي". وتعد النائبة واحدة من ثلاثة ديموقراطيين بارزين عُزلوا من مهام لجانة في ظل تولي الأغلبية الجديدة في مجلس النواب، والذي يرأسه كيفين مكارثي. ويقول الجمهوريون في مجلس النواب إن إلهان عمر ينبغي ألا تكون عضوا في لجنة الشؤون الخارجية، بسبب التصريحات السابقة التي أدلت بها بشأن إسرائيل وأثارت جدلا وانتقادا من عدة أعضاء في كلا الحزبين باعتبارها "معادية للسامية". في المقابل، رد الديموقراطيون قائلين إن سلوك غرين وغوسار كان يستحق توبيخا كبيرا، بينما يُعتبر التحرك لطرد شيف وسوالويل وعمر من اللجان، عملا انتقاميا سياسيا. وخدمت مسيرة إلهان عمر السياسية طرفين، هما؛ الحزب الديموقراطي، والإخوان. فالأول يرى فيها وجهاً مطلوباً، بسبب أصولها الإثنية ودينها وزيّها، لتسويق صورته كحزب تقدمي منفتح على الأقليات والأعراق، وممثل صحيح عن الهوية الأميركية بكلّ تنوعاتها، وهو ما يخدم الحزب سياسياً. والإخوان رأوا فيها فرصةً للتغلغل الناعم في أروقة السلطة الأميركية، والإعلام الأميركي، لتسويق أجندة التنظيم الدولي للإخوان، وخدمة مصالح الجماعة، وهو ما كشفه الهجوم الحادّ لإلهان على الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ومطالباتها الدائمة بالإفراج عن السجناء الإخوان في مصر، إلى جانب علاقتها الوطيدة بالمراكز الإخوانية في أميركا. ويؤكد عدد من القيادات حول العالم أن كثيرا من مسلمي أميركا والسياسيين الأميركيين مخدوعون فيها، ويظنون أنّها تعمل لخدمتهم، لكنّ الأميركيين يرونها حصان طروادة بيد الديموقراطيين، تخدم الأجندة التي يدعمونها تحت عنوان التعددية، وما تحظى به من تسويق إعلامي كبير يخدم الديموقراطيين، ومشروعهم السياسي في المنطقة". ولا يرى كثير من مسلمي أميركا في إلهان عمر المعبّر الأمثل عن الشخص المسلم في السياسة الأميركية، وعن ذلك يقول الأميركي علي رمضان: "إلهان عمر شخصية انتهازية، تستخدم الإسلام لتحقيق سعيها إلى السلطة، وهي، بما تحمله من قيم، أقرب إلى الجمهوريين من الديموقراطيين". علاقة وطيدة بالإخوان ولم يكن ترشيح إلهان عمر من اختيار الديموقراطيين وحدهم، وشاركهم في دعمها التنظيم الدولي للإخوان، عبر أذرعه في المراكز والمنظمات -مثل مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (CAIR)-، الذي يستضيفها بشكل دائم، وتقوم بجمع التبرعات لصالحه. ويؤكد على العلاقة بينهما متابعة نشاط إلهان عمر في دعم الإخوان في الدول العربية. وتمتدّ علاقات إلهان مع الإخوان إلى ما قبل انتخابها في الكونغرس بكثير، وعقب انتخابها كعضوة في الكونغرس، نشطت إلهان عمر في دعم الإخوان وأثناء زيارة الرئيس السيسي إلى واشنطن، في أبريل 2019، شاركت إلهان مع عدد من النواب والناشطين في جلسة استماع في الكونغرس، هاجموا فيها الرئيس السيسي، وطالبوا بالإفراج عن السجناء من الإخوان، المحبوسين على ذمة قضايا تتعلق بالإرهاب. وفي الشهر نفسه، شاركت في الحملة التي نظّمها التنظيم الدولي للإخوان، للمطالبة بالإفراج عن عضوة الجماعة، المسجونة على ذمّة قضايا تتعلق بالإرهاب في مصر، هدى عبدالمنعم، ودعت أمام الكونغرس إلى التدخّل للإفراج عنها. وفي يونيو 2019؛ عقب وفاة الرئيس الإخواني، محمد مرسي، طالبت إلهان أمام الكونغرس بتحقيق مستقلّ حول أسباب وفاة مرسي، متهمة السلطات المصرية بالتسبّب في موته بسبب المعاملة الوحشية. وكتبت إلهان وسبعة من نواب الكونغرس، من بينهم رشيدة طليب، خطاباً إلى السفير المصري في واشنطن، باسم أعضاء الكونغرس، في مارس 2020، تطالبه فيه بالإفراج عن المعتقلين، وتهدّد باستخدام ورقة المعونات في الضغط على مصر. وتجمع إلهان علاقة قوية بمنظمة كير الإخوانية، وفي 2019، شاركت في الحملة السنوية لجمع التبرعات للمنظمة، وحلّت ضيفة على منزل القيادي الإخواني الليبي، عصام عميش، المتورّط في دعم الإرهاب في ليبيا، وأخطر عناصر الإخوان الليبيين في الخارج. ورصدت دراسة أعدّها مركز "Open Secretes"؛ أنّ 87 % من التبرعات لحملة انتخاب إلهان عمر، جاءت من خارج مقاطعتها الانتخابية، في ولاية مينيسوتا، والأمر الأكيد أنّها جاءت بدعم من الإخوان. وربما لا يدرك جميع الأميركيين خفايا علاقة إلهان بالتنظيم الدولي للإخوان، لكنّها لم تفوّت عليهم فرصة تكوين صورة سيئة عن المسلمين، حين أقدمت على الزواج من أخيها، مستغلّة غياب المستندات القانونية التي تثبت ذلك، كي تجلبه إلى الولايات المتحدة. ويرجح الباحث، سامح أبو الفتوح، صحّة هذه القصة، ويقول: "للأسف، مثل هذه الأعمال مشهورة بين الجاليات الصومالية ويستغلون عدم وجود وثائق تفنّد ادّعاءاتهم، وفي فنلندا تسبّبت هذه الأفعال في كراهية الشعب للصوماليين؛ لذلك لا أستبعد زواج إلهان من أخيها، كي تمكّنه من القدوم إلى أميركا بسهولة، بصفته زوجها"، وكانت صحيفة “الواشنطن بوست” قد أشارت منذ عام 2007 إلى علاقة المجلس مع منظمة حماس وتورطه في تحويل الأموال إليها وإلى علاقة مؤسس المجلس، نهاد عوض مع قياداتها، ويلعب مجلس العلاقات لكير دورًا كبيرًا في التأصيل المجتمعي لوجود الإخوان وتمددهم داخل الولايات المتحدة، وذلك عبر إصباغ نفسه بالطابع الخدمي والإنساني متنصلاً من علانية ارتباطه بالتنظيم الدولي للإخوان. وتبرز أهم وأخطر أنشطة المجلس في استقطاب الساسة وصناع القرار الأميركيين إلى كنفه مستغلين جميعًا التحرر الارتباطي العلني بالجماعة، لتكون هذه مرحلة متقدمة من مشروع الإخوان الذي يجري تنفيذه بالمجتمعات الغربية. ففي 14 ديسمبر 2019، جهز فرع كير في نيويورك احتفالية ضخمة في أحد الفنادق الفارهة في المدينة بمناسبة مرور 21 عامًا على تأسيسه معلنًا حضور النائبة الأميركية المثيرة للجدل إلهان عمر، داعيًا الراغبين في الحضور إلى الحصول على تذكرة قيمتها 100 دولار لمشاهدة الحدث المنتظر. وبالفعل احتفت الصفحة الرسمية للفرع الغربي للإخوان بحضور إلهان للاحتفالية التي أقيمت تحت شعار الشجاعة، المجتمع، القناعة والتأكيد على مهمة كير في المدينة وهي طبقًا لبيان الفرع حماية الحقوق المدنية، وتعزيز فهم الإسلام وقيم العدالة، وتمكين المسلمين الأميركيين. لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تحضر فيها إلهان خلال هذا العام مناسبة بداخل أفرع المجلس الممثل للإخوان، ففي أكتوبر 2019 نشرت الصفحة الرسمية لكير فرع فلوريدا صورًا لحضور نائبة الكونغرس إلهان عمر احتفال المجلس بولاية فلوريدا جنوب شرق البلاد بيومه السنوي. كما ألقت إلهان حينها كلمة خاصة بمناسبة هذه الاحتفالية التي حضرها أقطاب الجماعة بالولاية، وحرصت على التقاط الصور التذكارية مع الحاضرين. يعد حضور الشخصيات العامة للمناسبات المجتمعية أمرًا طبيعيًّا في أغلب الأحيان، ولكن الملفت في حضور إلهان أنها كانت الوحيدة التي اقتصر المجلس على دعوتها من الكونغرس الأميركي إضافة إلى حضورها احتفالية لكيان تحيط به شبهات الارتباط بجماعة مصنفة إرهابية في الكثير من الدول وبالأخص دول الشرق الأوسط وذلك في ظل الاتهامات الموجهة لها على اعتبار أنها فازت بمقعدها البرلماني كنتيجة مباشرة لدعم الراديكاليين الإسلامويين وهو الاتهام الذي توجه لها السلطة أيضًا. وفي ورقة بحثية قدمها معهد هدسون (مركز أبحاث أميركي غير ربحي، تأسس في العام 1961 في نيويورك) حول علاقات الإخوان وخطرها على المجتمع الأميركي تم التطرق إلى أن البرلمان الأميركي كثيرًا ما عقد جلسات لمناقشة الأمر ذاته كما أقر بخطورة الجماعة كفكر راديكالي مستنسخ في العديد من البلدان وأسهم في ظهور حركات أخرى أكثر تطرفًا كالقاعدة ولكن الكونغرس لم يتخذ قرار رسمي بشأن ذلك أو يصنف الجماعة كإرهابية أو يتخذ ضدها إجراءات قانونية ملزمة. فرح إلهان بلقائها بقيادات المنظات الإرهابية

مشاركة :