تتمتع المناطق الطبيعية البرية والجبلية في الإمارات بالتنوع النباتي وخصوصاً الموسمية التي تنمو بعد هطول الأمطار، وتلعب دوراً رئيسياً في استدامة البيئة ومقاومة الجفاف والتغير المناخي، وتتنوع النباتات تبعاً لاختلاف المواسم، حيث تعم فوائدها كغذاء للحيوانات والطيور في تلك المناطق، بينما يتم استخدام بعضها كعلاجات طبية، فضلاً عن الطبخ المنزلي لنباتات مثل الحماض والفقع والزبيدي، التي يستبشر بها أفراد هذه المناطق بعد سقوط الأمطار، إضافة إلى توفر النباتات المعمرة. وأكد العديد من المختصين أن هذا التنوع النباتي يواجه العديد من التحديات، تتمثل في مجموعة من السلوكيات غير المسؤولة كالرعي الجائر وقطع الأشجار والسير بالمركبات عليها، مشددين على ضرورة ارتفاع الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على المناطق الطبيعية، من أجل استدامتها، مع عدم التهاون في تسجيل المخالفات ضد الأشخاص المستهترين بالمكون البيئي. سلوكيات طائشة وأوضح الدكتور سيف محمد الغيص المدير العام لهيئة حماية البيئة والتنمية برأس الخيمة، أن الغطاء النباتي في المناطق البرية الطبيعية والتي تتكون من النباتات الموسمية المرتبطة بهطول الأمطار، يأتي ضمن أولويات عام الاستدامة، حيث تساهم السلوكيات الطائشة التي يرتكبها بعض الأشخاص من خلال الرعي الجائر وقطع تلك النباتات أو السير عليها بمركبات الدفع الرباعي بالمناطق البرية والجبلية، في إزالة تلك الطبقات وعدم السماح لتلك النباتات بالاستدامة، فيما على أفراد المجتمع التعاون مع مؤسسات الدولة للمساعدة في تنمية الغطاء النباتي ووصوله لمرحلة النضج والبلوغ لإنتاج البذور التي تتساقط على التربة وتعيد نموها من جديد مع تساقط الأمطار. وأضاف إن ازدهار الغطاء النباتي يرتبط بالتنوع البيولوجي والحيواني، في دورة حياة متكاملة، لافتاً إلى أن إزالة تلك النباتات والأشجار يؤثر على دورة الحياة للحيوانات والطيور في تلك المواقع، مؤكداً أن الأشخاص المدمرين للبيئة لا ينظرون لاستدامة الموارد الطبيعة، مثل قطع الأشجار والنباتات بهدف التدفئة خلال فصل الشتاء، وإزالة الغطاء النباتي، الذي يؤثر سلباً على استدامة تلك المواقع الطبيعية مرة أخرى في السنوات المقبلة. عام الاستدامة وأكد الغيص أن النباتات بالمناطق البرية الطبيعية لا تظهر إلا بعد سقوط المطر ليكتمل نموها بعد تساقط بذورها وتظل هذه البذور محتفظة بحيويتها حتى موسم هطول الأمطار التالي فتبدأ بالإنبات، وإذا تم تدمير تلك المواقع يتم تدمير الحياة الأخرى والنظام البيئي المتكامل، مشيراً في هذا الصدد إلى عدد الممارسات والمبادرات التي تبنتها الهيئة لتنمية الغطاء النباتي وأثرها على تنمية التنوع البيولوجي وحماية البيئة للمحافظة على الغطاء النباتي وتنميته. وبيّن أن عام الاستدامة الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تحت شعار «اليوم للغد»، يجسد اهتمام سموه البالغ بمفهوم الاستدامة الذي يعد أولوية لدى الإمارات، بهدف تعزيز جهود المحافظة على البيئة ومواجهة التغير المناخي، حيث تعتمد الاستدامة على ركائز أساسية عدة ضمن أهدافها، لذلك كانت هناك أولوية لوضعها ضمن خطط الخمسين عاماً المقبلة؛ لما لها من إسهامات تنموية في توفير بيئة مستقبلية مستدامة. مخالفات وأفاد المهندس خالد فضل العلي مدير عام دائرة الخدمات العامة في رأس الخيمة، أن خدمة «راقب» البيئية سجلت خلال العام الماضي 6746 مخالفة بيئة سجلها مفتشو الخدمة، بينها 7 مخالفات لقطع الأشجار المحلية والإضرار بالمساحات الخضراء في المناطق البرية، وتنوعت تلك المخالفات بعدد 6 مخالفات للبند 69 والذي ينص على إزالة أو قص الأشجار المحلية دون الحصول على موافقة المؤسسة المختصة، ومخالفة للبند 70 والذي ينص على الإضرار بالمساحات الخضراء الموجودة في الطرق أو الشوارع أو الميادين أو الحدائق العامة بأي فعل من شأنه إساءة المظهر العام للمساحات الخضراء. ونوه إلى ضرورة ارتفاع الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على المناطق الطبيعية، من أجل استدامة تلك المناطق التي تمثل وجهة سياحية لأفراد المجتمع والسياح بالإضافة لدورها في تنمية الحياة الحيوانية والتوازن البيئي، من أجل إمارة نظيفة ومستدامة، مؤكداً عدم التهاون في تسجيل المخالفات ضد الأشخاص المستهترين بالمكون البيئي. من ناحيته أشار المزارع علي الظنحاني أنه من المعروف أن العديد من النباتات تنمو بكثرة بعد فترة الأمطار التي هطلت بغزارة بشكل غير مسبوق نتيجة التغير المناخي، وأشار إلى أن عمليات قطع الأعشاب والأشجار بهدف التجارة فيها يؤثر سلباً على المكون الحياتي للحيوانات والطيور البرية التي تعيش في تلك المناطق، ولذلك يجب على الجميع التكاتف مع مؤسسات الدولة لمواجهة السلوكيات السلبية الممثلة في الرعي الجائر وقطع الأشجار والسير بالمركبات عليها والتخلص من النفايات التي تؤثر على عملية النمو. وأعرب عن استيائه من سوء تصرف بعض الناس بشأن التعدي على الغطاء النباتي دون وعي أو اهتمام الذي يؤدي إلى تقلص مساحة الرقعة الخضراء في المناطق الطبيعية، التي تعكس التنوع البيولوجي، مطالباً الجهات المعنية والرقابية بحماية هذه المساحات التي تزخر بالنباتات الطبية والنباتات المحلية التي بدأت في الظهور بعد أن تراجعت لسنوات، بمنع الإساءة أو التغيير في طبيعة المنطقة، كالحد من الرعي الجائر والصيد ورمي المخلفات وإشعال النيران في نباتات المنطقة والمحافظة على ما تحتويه هذه المناطق من ثروة طبيعية خضراء. واجب وطني ولفت إلى أن رؤية الإمارات خلال العام الجاري هي الاستدامة ومن واجبنا كمواطنين ومقيمين، المضي قدماً في تحقيق مساعي الحكومة الرشيدة، وأن نعمل معاً جنباً إلى جنب للمحافظة على استدامة الغطاء النباتي الطبيعي، بعدم قلع النباتات والتعدي الجائر عليها، أو دهسها بالسيارات الذي يتلفها ويقلص تلك المساحات الخضراء. وأوضح أن منطقة دبا تتنوع فيها الطبيعة، حيث أصبحت الأراضي أكثر خصوبة، وعليه قام بزراعة محميته المفتوحة بنبات الجرجير وغيره من الورقيات التي نمت بسرعة وتكاثرت، ولكنه يتفاجأ بتعدي البعض على المكان وقلع المزروعات بطريقة خاطئة تتلف النبات وتمنع نموه مرة أخرى، قائلاً: يجب قطع النباتات من فوق وترك الجذور لكي تزهر في المكان مرة تلو الأخرى، وتنعم المنطقة باستدامة الغطاء النباتي المليء بالمزروعات المفيدة والأعشاب العلاجية. وشدد المزارع سالم سيف اليماحي من منطقة مربض بالفجيرة، على ضرورة استغلال الفرصة بعد أن أنعم الله على البلاد بأمطار الخير والبركة خلال موسم الصيف والشتاء، التي جعلت الأراضي أكثر خصوبة يسهل زراعتها بالمزروعات والنباتات العطرية والعلاجية، مبيناً أنه من واجبنا الوطني أن نساهم في زيادة الرقعة الخضراء ليست في حدود منازلنا ومزارعنا فقط إنما وجب معه تنمية مناطق البر الشاسعة، أولاً بالمحافظة على النباتات البرية، وذلك بعد سحبها من الجذور، وأخذ الراغبين حاجتهم منها بطريقة صحيحة وترك الباقي للتكاثر لتحقيق استدامتها في المكان. فائدة اقتصادية أكد المهندس زراعي وليد زقزوق، أهمية ارتفاع الوعي المجتمعي بالنباتات البرية ودورها الاقتصادي والغذائي الكبير على المستوى المحلي من خلال إمكانية استغلالها اقتصادياً، وأنه في الفترة بين عامي 2000 و2020، زادت قيمة التجارة العالمية بالنباتات الطبية والعطرية وحدها بنسبة فاقت 75 %، في ظل احتواء النباتات البرية على العديد من العناصر الطبية. وبيّن أن الغطاء النباتي من أهم النظم البيئية بما يحتويه من كل الأنواع النباتية والتي تقوم بعملية التمثيل الضوئي باستخدام الطاقة الشمسية في امتصاص ثاني أكسيد الكربون وإنتاج غاز الأوكسجين اللازم لكل أشكال الحياة ومنع ظاهرة الاحتباس الحراري، مشيراً إلى أن الغطاء النباتي يتكون من نباتات معمرة تعتمد على كمية الأمطار المتساقطة سنوياً، ويكثر عدد النباتات أو يقل تبعاً لظروف البيئة وسلوكيات أفراد المجتمع، وتعيد بناء نفسها لعوامل عدة أهمها مبادرات مؤسسات الدولة في تشجيع زراعة الأشجار المحلية وحملات إزالة المخلفات وخصوصاً الأكياس البلاستيكية وغيرها من المخلفات التي تؤثر على عملية النمو. تابعوا أخبار الإمارات من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :