كشف الحبيب الصيد رئيس الحكومة التونسية، عن محاولة مندسين، لم يسمِّهم، استغلال الاحتجاجات الاجتماعية التي عرفتها المدن التونسية خلال الأسبوع الماضي للإطاحة بالدولة، وتوقف أمس أمام أعضاء البرلمان عند «محاولة مجموعات إرهابية المس بهيبة الدولة، وتوزيع مناشير تدعو إلى الانقضاض عليها»، مؤكدًا أنهم «غير قادرين على المساس بالديمقراطية التونسية، والجميع يد واحدة للدفاع عن النمط الديمقراطي التونسي.. ومن يظن أنه من السهل الإطاحة بمؤسسات الدولة، وتأجيج الأوضاع وبث الفتنة في البلاد فإنه مخطئ». وانتقد الصيد تدخلات نواب البرلمان بشأن تعامل الدولة مع الأزمة الاجتماعية الأخيرة، وقال أمام أعضاء البرلمان إن المطالبة بقرارات سريعة تعد موقفًا خاطئًا، لأن مختلف الأطياف السياسية تعرف الوضع الصعب الذي تمر به تونس، موضحًا أن خلق مناصب شغل يتطلب أوضاعا أمنية مستقرة ومناخا استثماريا مثاليا. كما حمل الصيد جميع الأحزاب السياسية مسؤولية البطالة بقوله إنها «ليست مسؤولية الحكومة فقط، بل مسؤولية جميع الأحزاب أيضا»، وقدر نسبتها الحالية في تونس بنحو 15.3 في المائة. واعتبر الصيد أن الأزمة الاجتماعية والاقتصادية جاءت نتيجة لثغرات الحكومات السابقة أيضا، وليست ناجمة عن الحكومة الحالية، مؤكدا حرص حكومته على مصارحة التونسيين بما يمكنها فعله. كما دافع رئيس الحكومة خلال الجلسة البرلمانية، التي انعقدت أمس التي خصصت لمناقشة برنامج الحكومة لمواجهة ملف بطالة الشبان، عن أعضاء حكومته، موضحا أنهم زاروا خلال أقل من سنة من توليه السلطة نحو 11 ولاية (محافظة) مهمشة، ووقفوا على مشكلاتها المتعلقة بالتنمية والتشغيل، ومن بينها القصرين وسيدي بوزيد والقيروان وقبلي وتوزر، وقال إن حكومته تتفهم تلك المشكلات وتسعى لحلها من خلال التعاطي المباشر مع سكان تلك المناطق وشبابها المتعطش للاندماج الاجتماع، معتبرا أن الاحتجاجات الأخيرة التي عرفتها البلاد مشروعة. وبخصوص الإجراءات الرامية لوقف نزف البطالة، أوضح الصيد أن الحكومة حاولت اتخاذ إجراءات سريعة لتحسين الوضع، سواء في منطقة القصرين أو غيرها من الولايات التي تعرف ضعفا على مستوى مؤشرات التنمية، وأكد على ضرورة التعجيل بالإجراءات والحلول السريعة بتأنّ وتروٍّ حتى تكون فعالة، على حد قوله. وبخصوص المجموعات التي قال الصيد إنها اندست بين المتظاهرين لمحاولة استغلال الاحتقان الاجتماعي وتنفيذ أجندات نهب وتخريب واستيلاء على الأملاك العامة والخاصة، أكد الصيد أمام أعضاء البرلمان على التعاطي الأمني الإيجابي مع المتظاهرين في الاحتجاجات التي عرفتها عدة مدن تونسية، وأشاد بتصرفهم الحكيم مع الأزمة، وبالدور الكبير الذي لعبته الأحزاب السياسية، خصوصا المشاركة في الحكم والمنظمات النقابية والحقوقية، في تهدئة الأوضاع والخروج من الأزمة الاجتماعية الحادة بأخف الأضرار، مضيفا أن مقترح الأحزاب السياسية المشاركة في الاجتماعات مع الحكومة سيحدد التوجهات المستقبلية في مجالي التنمية والتشغيل. وبخصوص ما أشيع عن تمييز الحكومة الحالية لمنطقة على حساب أخرى، نفى الصيد ذلك جملة وتفصيلا، وقال إن أعضاء الحكومة لم يذهبوا فقط إلى المحافظات التي تعيش ظروفا اجتماعية واقتصادية أفضل من غيرها، في إشارة إلى ظاهرة التفاوت بين الجهات الساحلية التي تمتعت في عهود سابقة بحجم استثمار أكبر، والجهات الداخلية الجبلية الفقيرة. على صعيد متصل، هاجمت صحف محلية صادرة أمس، مساندي الاحتجاجات الاجتماعية الأخرى، وحصرت «شبهة» المساندة في أربعة أطراف هي تحالف الجبهة الشعبية اليساري بزعامة حمة الهمامي، وحزب تيار المحبة برئاسة الهاشمي الحامدي، وحراك «تونس الإرادة» الذي يتزعمه المنصف المرزوقي الرئيس التونسي السابق، وكذا حزب التحرير الذي يتزعمه رضا بلحاج. وعنونت إحدى الصحف التونسية مقالا لها بـ«حمة والحامدي والمرزوقي وبلحاج: ماذا يريدون؟»، وأكدت على محاولة استغلال هذه الأطراف السياسية للوضع الاجتماعي المتدهور، مستشهدة في ذلك بانتقادها الشديد لسياسة الحكومة، وذهابها إلى حد المطالبة بإسقاطها.
مشاركة :