في تقرير عن العلاقة السعودية الباكستانية نشر معهد واشنطن انه على مدى عقود، كان يُنظر إلى الرياض كمؤيدة للبرنامج الباكستاني للأسلحة النووية، بتوفيرها التمويل في مقابل ما يفترض على نطاق واسع بأنه تفاهم يتمثل بقيام إسلام اباد، إذا لزم الأمر، بنقل التكنولوجيا أو حتى الرؤوس النووية الحربية إلى المملكة وكان يُلاحظ أن التغييرات في القيادة في أي من البلدين سرعان ما كان يتبعها عقد اجتماعات على مستوى عال، كما لو كانت اللقاءات تأتي من أجل التأكيد على هذه الترتيبات النووية. وعلى الرغم من أن التكنولوجيا النووية الباكستانية قد ساعدت أيضاً البرنامج الإيراني، إلا أن العلاقة بين إسلام أباد والرياض كانت أكثر وضوحاً بكثير لذا فقد جاءت تهديدات رئيس أركان الجيش الباكستاني الجنرال راحيل شريف لإيران بمحو طهران من على الخريطة اذا تم إسقاط صاروخ على السعودية جادةًً وحاسمةً ومؤكِّدةً لطهران أنَّ إسلام أباد لن تتخلى عن نُصرةِ الرياض ومساندتها أمام تهديدات إيران المستمرَّة وتحرشاتها واستفزازاتها . وأكَّدت مصادر مطلعة أنَّ قراراً سعودياً قد اتخذ بالتصدي للتمدد الفارسي الإيراني في المنطقة وإن استراتيجية جديدة تتم بلورتها حالياً تأخذ بنظر الاعتبار محاصرة إيران من جهتها الشرقية وكشفت المصادر أن باكستان ستكون في قلب هذه الاستراتيجية واسعة النطاق ومتعددة الأهداف بما تمثله إسلام آباد من ثقل عسكري كبير وما تملكه من سلاح نووي، وهو ما يوفر ردعاً حاسماً لإيران في أي احتكاكات أو مواجهاتٍ مستقبلية محتملة . وعرضت السعودية مساعدات اقتصادية سخية على باكستان في محاولة لدعم إسلام أباد بينها شحنات نفط وتسهيلات مالية كبيرة. وأكدت المصادر أن الدعم المعروض قدم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف خلال زيارة الأخير إلى الرياض منتصف يناير الجاري وتحركت الرياض بسرعة لتطويق تمدد طهران المتزايد وتنامي نفوذها في المنطقة خصوصا مع تمكن الحوثيين من السيطرة على مناطق واسعة في اليمن، كما تخوض القوات والميليشيات الفارسية االشيعية التابعة لإيران معارك واسعة النطاق في عمق الجغرافيا السنية العراقية شمال بغداد تحت غطاء محاربة داعش وبدعم مباشر ومفتوح من إدارة الرئيس الأمريكي ( باراك أوباما ) . وتشعر الإدارة السعودية وصُنَّاع السياسية الخارجية السعودية بقلق بالغ إزاء التقارب المتزايد بين طهران وواشنطن وتقاطع المصالح الأميركية الإيرانية في العراق وفي حين يتفق السعوديون مع الأميركيين على ضرورة القضاء على تهديد داعش في العراق، إلاَّ أنَّهم يختلفون معهم بشدة في تطور التعاون العسكري الأميركي مع الإيرانيين هناك إلى شراكة في حكم بغداد في مرحلة ما بعد داعش . ومن الواضح أنَّ قرار المواجهة العسكرية مع إيران قد اتخذ فعلاً وقد عبرت عنه المملكة إعلاميا في أكثر من مناسبة فالتحركات السعودية تعكس عدم استعداد المسؤولين هناك لتقبل المخاطرة التي يدعو إليها الأمريكيون بالجلوس وانتظار تعاظم النفوذ الفارسي الإيراني في المنطقة ولذلك قررت السعودية التحرك لدعم باكستان التي ينظر إليها كمنافس إقليمي محتمل لنفوذ الفرس الإيرانيين . وتلجأ الرياض عادة إلى إسلام أباد حينما تشعر بأي خطر على منطقة الخليج العربي. ففي عام 1979 أرسلت باكستان قوات عسكرية إلى السعودية عقب اندلاع الثورة الفارسية الخمينية المشؤومة وشاركت قوات باكستانية أيضاً في حماية الحدود السعودية خلال حرب الخليج العربي الثانية . إنَّ حلفاً ثلاثياً من الرياض وإسلام آباد والقاهرة قادر على التصدِّي لخطر النظام الفارسي الفاشي الإيراني ودحر جيشه وحرسه الثوري وحليفه (حزب اللات) الإرهابي الفارسي القابع في جنوب لبنان. عبدالله الهدلق
مشاركة :