تواجه الكويت عضو منظمة "أوبك" تحديا حقيقيا يتمثل في كيفية الحفاظ على مستوى مرتفع من الإنفاق سواء على المشاريع الاستثمارية أو الدعم المقدم للمواطنين الذين ينعمون بمستوى عال من الدخل في وقت تشهد فيه أسعار النفط هبوطا مستمرا. وبحسب "رويترز"، فقد أعلنت وزارة المالية الكويتية أن ميزانية 2016-2017 ستتضمن عجزا ماليا قدره 12.2 مليار دينار (40.2 مليار دولار) بما يوازي 64 في المائة من إجمالي المصروفات المقدرة. وقالت الوزارة في بيان إن المصروفات في الميزانية المقبلة ستكون 18.9 مليار دينار بانخفاض 1.6 في المائة عن 2015 - 2016 بينما تصل الإيرادات إلى 7.4 مليار دينار لتقل 39 في المائة عن السنة المالية الحالية التي تنتهي في آذار (مارس). وقالت الوزارة إن الإيرادات ستغطي 71 في المائة فقط من إجمالي بند المرتبات وما في حكمها في ميزانية العام المقبل. وتقدر الميزانية الجديدة المرتبات وما في حكمها عند 10.4 مليار دينار بما يمثل 55 في المائة من إجمالي المصروفات في الميزانية، ورجح جاسم السعدون مدير مركز الشال للدراسات الاقتصادية أن تلجأ الحكومة للسحب من الاحتياطي العام للدولة لسد العجز في الميزانية، مضيفا أنه سواء سحبوا بشكل مباشر أو غير مباشر وطالما كانت المصادر الأخرى للدخل معدومة فإن البديل هو أن تسحب من الاحتياطي أو تقترض بضمان الاحتياطي وهذا هو أخطر ما يمكن أن يحدث. ويبلغ حجم الإنفاق على الدعم 2.9 مليار دينار ويمثل 15 في المائة من إجمالي مصروفات الموازنة الجديدة في حين كان هذا المبلغ 3.78 مليون دينار في ميزانية السنة المالية الحالية، وتحرص الحكومة دائما على التأكيد على أن المواطنين محدودي ومتوسطي الدخل لن يضاروا من أي إصلاحات اقتصادية تقوم بها في المستقبل. وطالب أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في تصريحات نشرت له الأسبوع الماضي الحكومة بوقف الدعم وزيادة أسعار الوقود والكهرباء والماء في إطار ترشيد الإنفاق في ظل الهبوط المستمر لأسعار النفط مؤكدا ضرورة أن يشعر المواطن "بالمسؤولية من أجل المساهمة في ميزانية الدولة. لكن الأمير أكد في الوقت نفسه على ضرورة الحفاظ على الحياة الكريمة للمواطنين وعدم المساس بمتطلباتهم المعيشية الأساسية، وتدرس الحكومة حاليا إعادة هيكلة الدعم المقدم للمواطنين سواء في الكهرباء والماء أو البنزين فيما يطلق عليه سياسة "ترشيد الدعم" ومن المقرر أن تناقش هذه الدراسات في مجلس الأمة (البرلمان) في التاسع من شباط (فبراير). ويبلغ الإنفاق الرأسمالي في الميزانية الجديدة 3.26 مليار دينار توازي 17 في المائة من المصروفات وهي أعلى بنسبة 1.5 في المائة عن مستواه في السنة المالية الحالية البالغ 3.17 مليار دينار. واعتبر السعدون أن الحل الوحيد أمام الحكومة هو تغيير مفهوم تمويل الميزانية لتعتمد على شيء مستدام بدلا من أن تعتمد على شيء غير مستدام هو النفط، وأوضح أن الاحتياطيات الكبيرة التي راكمتها الدولة خلال فترة الوفرة النفطية التي تصل إلى 544 مليار دولار يمكن أن تستثمر بطريقة جديدة تهدف لتمويل الميزانية العامة مبينا أنها يمكن أن تسهم خلال السنوات الخمس المقبلة بنحو 70 إلى 80 في المائة من تمويل الميزانية إذا أعيد توجيهها. واعتمدت الميزانية الجديدة على سعر 25 دولارا لبرميل النفط مبينة أن سعر التعادل الذي يحقق التوازن في ميزانية السنة الجديدة هو 65 دولارا للبرميل، وكان سعر البرميل في ميزانية السنة المالية الحالية 45 دولارا.
مشاركة :