روبرت مالي لـ {الشرق الأوسط}: خلافاتنا مع إيران كبيرة ولن تتبخر قريبًا

  • 1/29/2016
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

أكد كبير مستشاري الرئيس أوباما لحملة مكافحة «داعش»، ومنسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، روبرت مالي، أن الخلافات بين إيران والولايات المتحدة عميقة، ولن تتبخر بين يوم وليلة بمجرد الاتفاق حول الملف النووي. وقال روب مالي الذي كان أحد أعضاء وفد التفاوض الأميركي مع الجانب الإيراني في المحادثات حول الاتفاق النووي، إن الإدارة الأميركية تدرك وتعي تماما أن إيران لن تغير سلوكياتها، لمجرد إبرام الاتفاق النووي. وأشار مالي في حوار صريح مع «الشرق الأوسط» إلى أن «مساحة من الأمل» لدى إدارة أوباما في أن منع إيران من امتلاك سلاح نووي سيقلل من التوتر الإقليمي وبمرور الوقت سيقلل من الأعمال العدائية. وأكد منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط أن الإدارة الأميركية تعمل لإيجاد طرق أكثر فاعلية للعمل مع شركائها الخليجيين لمواجهة تهديدات الجماعات الإرهابية، وأنشطة إيران المزعزعة للاستقرار. وقدم مالي رؤيته لما يدور داخل الإدارة الأميركية من اتجاهات واستراتيجيات للتعامل مع الأزمة السورية، والوضع في العراق وليبيا واليمن، والحرب ضد تنظيم داعش، إضافة إلى موقف الإدارة الأميركية من التعاون مع روسيا. وقال: إن واشنطن تسعى لكسب المعركة ضد «داعش»، لكنها لا تنوي إرسال قوات برية أميركية حتى لا تؤجج التصور أنه احتلال غربي. * (اليوم) الجمعة هو الموعد المحدد لانطلاق محادثات السلام في جنيف بين ممثلي الحكومة السورية وممثلي المعارضة بعد عراقيل كثيرة واجهت إقامة هذه المحادثات ومواقف متباينة من الدول المعنية بالأزمة السورية، ما هي توقعاتكم لهذه المحادثات ونصيحتكم لتجنب الفشل؟ - نحن نعلم أن هذه عملية صعبة للغاية، ونعرف مدى تشكك الشعب السوري بعد سنوات من سفك الدماء والدمار، لكن توقعاتنا أو أملنا، أن هذه المحادثات تكون بداية لتوضح للشعب السوري أن هذه العملية لا تتعلق بمجرد محادثات، وإنما تتعلق بعملية تحسين حقيقية وواقعية لحياتهم. لذلك فالمحادثات يجب أن تتطرق إلى عملية التحول السياسي، ويجب أن تتعامل مع وقف إطلاق النار، وعليهم أيضا وبسرعة القيام بالخطوات الإنسانية من إطلاق سراح السجناء إلى رفع الحصار، ووقف الهجمات ضد المدنيين، وتأمين نفاد المساعدات الإنسانية. دون القيام بذلك فإنه سيكون من الصعب أن يأخذهم الشعب السوري على محمل الجد، خاصة أن الشعب السوري شهد الكثير من هذه المؤتمرات. * ما هي الاحتمالات التي تدفع إدارة الرئيس أوباما للعمل بشكل مشترك ومباشر مع روسيا لإقناع طرفي الصراع السوري بالتوصل إلى حل سياسي لإنهاء الأزمة؟ - إذا كان سؤالك ما إذا كانت روسيا والولايات المتحدة يجب أن تعملا معا لوضع حد للعنف في سوريا ودفع عملية الانتقال السياسي وضمان أن نتمكن من التركيز لمواجهة تهديدات «داعش»، فالإجابة هي نعم بالتأكيد. ونحن نؤمن أنه في حين أن أي حل للأزمة السورية يجب أن يتوصل إليه وينفذه السوريون، لذا فإن الجهات الخارجية التي لعبت دورا في إشعال الصراع عليها ويمكنها أن تلعب دورا في وضع حل للصراع. وهذا هو المنطق وراء إنشاء مجموعة دعم سوريا ليكون اللاعبون الإقليميون والدوليون على نفس الموقف لإقناع حلفائهم على الأرض للمساعدة في وقف الصراع الذي يعصف بالبلاد، وسبب ضررا لا يوصف للمواطنين، وأشعل حربا إقليمية بالوكالة، وسهل لتنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى الانتشار والتوسع. وقد أوضحنا لروسيا أننا نريد أن نعمل معها نحو حل للصراع السوري، وخلال الأيام والأسابيع الماضية انخرط وزير الخارجية كيري بشكل متكرر في العمل مع نظيره الروسي. نحن لا نرى في ذلك معادلة لها طرف كاسب وطرف خاسر، أو استمرارا للحرب الباردة بوسائل أخرى، فالولايات المتحدة تتشارك مع روسيا في بعض المصالح الهامة فيما يتعلق بسوريا، مثل مكافحة التطرف العنيف، والحفاظ على مؤسسات الدولة، ومنع هذا النوع من الفوضى مثل الذي شهدناه في العراق، وحماية الأقليات، وضمان ألا ينطوي أي تحول سياسي على نظام حكم طائفي. ونحن على استعداد للعمل معا لتحقيق هذه الأهداف، لكن علينا أن نكون واضحين حول تلك الممارسات الروسية التي- في رأينا- تتعارض بشكل مباشر مع تلك الغاية، خاصة إذا استمرت روسيا في استهداف المعارضة السورية التي لا بد من وجودها على طاولة المفاوضات، ولا بد من مشاركتها لضمان وقف لإطلاق النار ذي مغزى، ولأي جهد مشترك ضد «داعش» والجماعات الإرهابية الأخرى. وإذا استمرت روسيا في الاستهداف العشوائي للمدنيين، وفشلت في الضغط على النظام السوري لإنهاء قصفه للسوريين، ووقف إلقاء البراميل المتفجرة، وحصار المدن التي تسيطر عليها المعارضة، وإذا لم تقم روسيا (وكذلك النظام السوري) بالدخول في نقاش حول الخطوط العريضة لتحقيق الانتقال السياسي، فإن ذلك سيثير تساؤلات جدية حول أهداف روسيا، لأنه سيكون وصفة لاستمرار الحرب وتصعيد الحرب بالوكالة، وتعميق الاستقطاب، وعرقلة وتعقيد الجهود لهزيمة «داعش». إذا كان هذا هو الحال فإننا لا نرى كيف يمكن العمل بالتنسيق مع روسيا فهذا سيكون لا معنى له. وخلاصة القول نعم نود العمل معا مع روسيا كما فعلنا في تحقيق الاتفاق النووي الإيراني، وهناك احتمالات واضحة للتعاون، لكن لا يمكن أن يحدث دون حدوث بعض التغييرات الهامة. * إذا انتقلنا إلى ملف الحرب على الإرهاب والتطرف العنيف، كيف ترى الإدارة الأميركية انتشار وازدياد نفوذ ونشاط «داعش» في دول مثل العراق وليبيا واليمن، على الرغم من حقيقة أن قادة هذه الدول ليسوا في السلطة؟ - أعتقد أن هذا دليل أن الفوضى وانهيار مؤسسات الدولة والفراغ الأمني هو الذي يسهل انتشار جماعات مثل «داعش»، كما أنه يذكرنا أن إزاحة ديكتاتور مستبد يمكن أن تكون فقط جزءا من الحل، وليس كل الحل، لأن إزاحة حاكم بشكل متهور قد تؤدي إلى نتائج خطرة، وهذا هو أحد الأسباب لإصرارنا أنه لا يوجد حل عسكري للصراع السوري، وأن إزاحة الأسد عن السلطة من خلال العمل العسكري من شأنه أن يخلق فراغا أمنيا، مع وجود عدد لا يحصى من الجماعات المسلحة، وانتشار واسع للأسلحة، بما يشيع الفوضى التي يستفيد منها فقط الجماعات الإرهابية المتطرفة. ندرك أن التفاوض على انتقال سياسي أمر قد يثير الإحباط، لكنه الطريقة الوحيدة لضمان وحدة سوريا وسلامة أراضيها، والحفاظ على مؤسسات الدولة التي لا تزال قائمة، وحماية الفئات الضعيفة، والأقليات، وتوحيد السوريين ضد التهديدات المشتركة من الإرهاب والتطرف. * أعلنت الولايات المتحدة أن خطتها هي ملاحقة وتدمير تنظيم داعش، هل تعتقد أنه حان الوقت لبدء مرحلة جديدة لتكثيف الجهود العسكرية لتحقيق هذا الهدف؟ - أعتقد أن هناك سوء فهم هنا أننا لدينا تقييدا في الحملة العسكرية ضد «داعش» أو أن البيت الأبيض أو آخرين يقيدون التحرك العسكري وهذا ببساطة غير صحيح فقد نفذنا 10 آلاف هجمة جوية، ودمرنا موارد الحياة الاقتصادية للجماعة الإرهابية، وساعدنا شركاءنا في العراق بقوات برية، وأيضا في سوريا لاستعادة السيطرة على المناطق التي استولى عليها «داعش»، وشكلنا ائتلافا واسعا من 65 دولة تساهم بضربات جوية وجهود تدريب وتمويل. وأكثر من هذا، فقد كلف الرئيس أوباما فريقه لكسب هذه المعركة بطريقة ذكية، وهذا يعني الامتناع عن الغارات الجوية العشوائية التي يمكن أن تقتل المدنيين- والتي بغض النظر عن كونها تتعارض مع قيمنا الأساسية وقوانين النزاع المسلح – تحمل مخاطرة تأجيج نوع من الاستياء الذي تستغله جماعات مثل «داعش». هذا يعني تجنب حملة أحادية أميركية أو إرسال قوات برية أميركية كبيرة التي تؤجج التصور أنه احتلال غربي، وتعزز حملات التجنيد لدى الجماعات المتطرفة. ولكي نصل إلى نجاح مستدام يستلزم ذلك ضمان وجود شركاء محليين على الأرض في العراق وسوريا مستعدين وقادرين على شن الحرب بمساندة الولايات المتحدة وضربات قوات التحالف، وقادرين على تأمين وتحقيق الاستقرار في المناطق التي يتم تحريرها من «داعش». هذا يعني أننا نرى الأمر أكثر من مجرد مشاركة عسكرية بحتة، فنحن بحاجة للتوصل إلى حل سياسي في سوريا، والمضي في إرساء حكم أكثر شمولية في العراق، ومعالجة العوامل التي استغلها «داعش» خاصة شعور السنة بالتهميش. نحن بحاجة للتصدي للرسائل الطائفية التي ساعدت في خلق مناخ يفضي إلى انتشار التطرف العنيف. نحن بحاجة للقيام بعمل أفضل لمنع تدفق المقاتلين الأجانب. لذلك نحن نبحث باستمرار عن طرق لتكثيف الجهود العسكرية، وقد سمعت الرئيس أوباما أكثر من مرة، يطلب من مستشاريه العسكريين تقديم مقترحات لطرق جديدة وأكثر فاعلية لخوض هذه المعركة، ولا أعتقد أنني سمعته يرفض واحدة من تلك الأفكار، لكن علينا أن نعي دروس الماضي، وكيف يمكن لحملة عسكرية للولايات المتحدة من جانب واحد، أن تؤدي إلى انتصارات سريعة، لكنها انتصارات تزول سريعا أيضا. * إذا نجحت بالفعل هذه الاستراتيجية لإدارة الرئيس أوباما في ملاحقة وتدمير تنظيم داعش، كيف يمكنك التأكد أن جماعة إرهابية جديدة لن تتشكل؟ بمعنى هل تسعى لتدمير «داعش»، أم تدمير الآيديولوجية، والمناخ الذي ساهم في أن يستغله المتطرفون، سواء من السنة أو من الشيعة؟ - هذا السؤال مهم، ويمضي إلى صميم ما نحاول القيام به. فليس كافيا النظر على المدى القصير، وتحقيق انتصار أميركي ضد «داعش»، وما نحاول القيام به سواء على المدى القصير أو على المدى الطويل هو مكافحة التطرف العنيف، ونحن وشركاؤنا نقاتل «داعش» في العراق وسوريا، وسنواصل القيام بذلك دون هوادة حتى يتم هزيمتهم. ونحن نشعر بالقلق أيضا إزاء الظروف التي سمحت بظهور وعمل «داعش» في المقام الأول، وآخر شيء نريده هو انتصار باهظ الثمن يضع بذورا لعدم تكرر ظهور هذا الخطر العالمي. وهذا هو السبب في أننا نريد التأكد أن القوات المحلية وليست القوات الأميركية تقوم بشن الحرب البرية، ونعتقد أن هذا ضروري لتحقيق الاستقرار في الرمادي والمناطق المحررة الأخرى وفي المناطق السنية لدعم تعبئة العشائر السنية ضد «داعش»، والمضي قدما بأجندة مصالحة واسعة النطاق تقودها الحكومة المركزية في بغداد. وهذا هو السبب أننا ندفع لتحول سياسي شامل في سوريا ووضع حد للحرب في اليمن وليبيا، وتعزيز الحكم الشامل في كليهما هو على رأس أولوياتنا. وللإجابة على سؤالك، من المهم جدا معالجة جذور آيديولوجية التطرف العنيف، والخطاب الذي يضفي شرعية على التطرف والتعصب الديني والطائفية، وهذا قبل كل شيء مسؤولية الحكومات في المنطقة، فضلا عن المجتمع المدني، وأملنا أن يكون ظهور جماعات متطرفة من عباءة تنظيم القاعدة و«داعش»، دعوة للحكومات للاستيقاظ، والتحفيز على اتخاذ مزيد من الإجراءات. * مع البدء في تنفيذ الاتفاق النووي، ورفع العقوبات عن إيران، كيف ترى تأثير ذلك على منطقة الشرق الأوسط، خلال الفترة المتبقية من إدارة الرئيس باراك أوباما؟ - أعتقد أن الخطوة الأولى هي أن نفكر كيف ستكون منطقة الشرق الأوسط من دون الاتفاق النووي بين القوى العالمية وإيران، كنا سنرى تسريعا للبرنامج النووي الإيراني، والمزيد من التوترات في منطقة الشرق الأوسط، ودعوات متجددة لعمل عسكري، وكل ذلك سيكون في صالح القوى المتطرفة والطائفية بما في ذلك تنظيم القاعدة و«داعش». علينا أن نتذكر أن امتلاك إيران لسلاح نووي سيجعل الأمر أكثر سوءا، وكل ما نواجهه اليوم من مشاكل ستكون مضاعفة. هذا لا يعني أن الصفقة في حد ذاتها تلغي كل مصادر التوتر، وانعدام الأمن في المنطقة، بل على العكس من ذلك، والتأثير الرئيسي للصفقة هو الحد من مخاطر المواجهة العسكرية إلى حد كبير، وبالتالي تسمح لنا بالتركيز على ما تبقى من جدول أعمال مزدحم جدا مثلا ملاحقة وهزيمة «داعش»، وغيره من الجماعات المتطرفة العنيفة، وحل النزاع السوري، واستقرار الوضع في العراق ومعالجة الصراعات في اليمن وليبيا، وأماكن أخرى من خلال عقد اتفاقات سلام شاملة. * البعض ينتقد نظرة الإدارة الأميركية المتفائلة والمثالية أن إبرام وبدء تنفيذ الاتفاق النووي مع إيران، وخروج إيران من عزلتها الدولية، سيغير من سلوكيات إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، ويشجعها على إقامة علاقات طيبة مع جيرانها فما هو ردك؟ - نحن لا نعتقد أن الاتفاق النووي وحده سيؤدي إلى تغيير في سلوك إيران، أو أنه سيدفع إيران والمملكة العربية السعودية، ودول الخليج للتعاون معا في حل هذه الأزمات. بالطبع لا، والرئيس أوباما وكذلك وزير الخارجية كيري كانا واضحين حول هذا الأمر منذ البداية فنحن نعتقد أن إيران لن تغير سلوكها نتيجة الاتفاق النووي، بل على العكس فنحن نمضي في الاتفاق في ظل افتراض أن إيران لن تغير تصرفاتها وهذا ما جعل الأمر أكثر حتمية لضمان عدم امتلاك إيران لسلاح نووي. لذا فليس لدينا فرضية أن الاتفاق سيدفع إيران فجأة إلى علاقة أكثر دفئا مع الولايات المتحدة، أو أنه سيؤدي إلى دفء فوري في علاقات إيران يجيرانها الخليجيين. لكن لدينا مساحة من الأمل أن الاتفاق النووي، وانخراطنا مع إيران يمكن أن يؤدي إلى مناقشات أوسع نطاقا حول مصادر التوتر الإقليمي، ومع مرور الوقت يقلل من الأعمال العدائية بين إيران ودول الخليج، ويقلل من انتشار الطائفية. على الأقل سنرى إيران، ودول مجلس التعاون الخليجي، ودولا أخرى، يجلسون إلى طاولة واحدة كأعضاء في مجموعة دعم سوريا، وهذا في ذاته بداية يمكن أن نبني عليها. * نرى تزايدا لمستويات التوتر بين دول المنطقة وإيران، كيف يمكن لإدارة الرئيس أوباما تقديم ضمانات للشركاء مثل دول الخليج، أن سياسات إيران التوسعية لن تهدد أمنهم؟ وهل لديك مخاوف أن هذا التوتر يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الصراعات في المنطقة؟ - أولا نعتقد أنه من المهم محاولة خفض هذه التوترات التي تؤدي فقط إلى تشتيت الانتباه عن الأزمات الأكثر إلحاحا التي نواجهها، وتسهم في استمرار النزاعات في جميع أنحاء المنطقة، وتشعل الحرب بالوكالة. وبالنسبة لسؤالك فإن جهودنا- منذ اجتماع كامب ديفيد في العام الماضي بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي إلى اجتماعات وزير الخارجية كيري الأخير مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون – كلها تهدف إلى إيجاد طرق أكثر فاعلية للعمل مع شركائنا في الخليج، بحيث يمكن مواجهة كافة التهديدات من الجماعات الإرهابية إلى مواجهة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار. وقد قمنا بتعزيز تعاوننا سواء فيما يتعلق بمواجهة الهجمات الإلكترونية، أو تهديدات الصواريخ الباليستية، أو الحرب غير المتكافئة. ولكي نكون واضحين، فالهدف ليس تشجيع المواجهة بين إيران وجيرانها، وإنما التأكد أن دول مجلس التعاون الخليجي في موقف قوي للانخراط في حوار ضروري ومباشر مع إيران حيث توضع كل هذه القضايا على المائدة. * تحت أي ظروف، يمكن أن تقوم الإدارة الأميركية بالانخراط مع الإيرانيين بشكل مباشر، للحد من التوتر ودفع إيران للمساعدة في حل مشاكل المنطقة مثل الأزمة السورية، والوضع في العراق واليمن؟ - الرئيس أوباما كان واضحا حول هذا الأمر منذ البداية، فنحن منفتحون على الدبلوماسية على جميع الجبهات لحل الصراعات الإقليمية. ونظرا لدور إيران في المنطقة، فإنه من الصعب حقا أن نتصور كيف يمكن أن نجد حلولا سياسية دائمة دون مشاركة طهران. وكما ذكرت فإننا وآخرين نعمل بالفعل مع إيران في محاولة لإنهاء الصراع في سوريا، كطرف في مجموعة دعم سوريا ليس انطلاقا من تصور ساذج أننا نتشارك في الأهداف والمصالح، وإنما لأن إيران تلعب دورا محوريا في دعم النظام السوري، سواء أحببنا ذلك أم لا، ولذا فإن أي حل سياسي دائم يجب أن ينطوي على دور لإيران، وفي الوقت نفسه نشارك الدول الإقليمية الأخرى التي تدعم المعارضة المسلحة، وهذا لا يعني إضفاء الشرعية على دور إيران، لكن فقط إدراك هذا الدور. وأريد أن أضيف، أننا تمكنا من الوصول إلى يوم تنفيذ الاتفاق في وقت سابق من قدرة أي خبير على توقعه. وكنا قادرين على تأمين إطلاق سراح الأميركيين الذين اعتقلوا ظلما في إيران، وقمنا بتسوية الخلاف حول المطالبات المالية التي تعود لعام 1979 وهذا يثبت أن هناك مجالا أكبر لدبلوماسية مثمرة. ولا تزال هناك خلافات كبيرة وحالة من عدم الثقة كبيرة بين الولايات المتحدة وإيران، وهي لن تتبخر في أي وقت قريب. وليس واضحا في هذه المرحلة مدى استعداد القيادة الإيرانية للمشاركة مع الولايات المتحدة، لكن السؤال الذي يدور في أذهاننا هو ما إذا كانت هذه القضايا يمكن معالجتها من خلال دبلوماسية حادة ووجها لوجه، وهذا ما نريد أن نختبره. * في النهاية هل ترى أي تطورات سواء سلبية أو إيجابية في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وقضية حل الدولتين، وهل ستتصدى الإدارة الأميركية لهذا الملف خلال الاثني عشر شهرا المتبقية من ولاية الرئيس أوباما؟ - هذا الملف قريب جدا إلى قلبي، وأحد أسباب استمرار الإحباط والقلق في جميع أنحاء المنطقة. وعندما قلت منذ عدة أشهر بأن حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني ليس مرجحا أن يحدث قبل نهاية ولاية الرئيس أوباما، فإن ذلك لا يعني أن إدارة أوباما تخلت عن هذه القضية المركزية، بل على العكس فهي تعني اعترافا قويا بأن الجانبين لا يزالان متباعدين، وأنهما إذا استمرا على المسار الحالي، واستمرت الجهود على هذا المنوال، دون إعادة تفكير وبحث عن الكيفية التي مضت بها الأمور خلال العشرين عاما الماضية، فإنه ليس من المرجح التوصل إلى تسوية شاملة قريبا. وبالفعل فإن الصراع سيزداد صعوبة وسيتزايد العنف، وسفك الدماء، وحالة عدم الثقة، مع استمرار هدم البيوت والتهجير ومصادرة الأراضي في الضفة الغربية، إلى جانب استمرار الأنشطة المتعلقة بالمستوطنات. هذا كله يقوض إمكانية التوصل إلى حل الدولتين ولا بد من وقف كل هذه الأعمال إذا أردنا منع واقع وجود دولة واحدة فقط تمسك بزمام الأمور. والحقيقة أن معظم من عملت معهم يدركون أن التوصل لحل قابل للتطبيق ومستدام لقيام دولتين بما يلبي الاحتياجات الأساسية للجانبين وتطلعات الجانبين، هو أمر ضروري، لكن الوصول إلى تحقيق ذلك يتطلب تنازلات صعبة ليس من جانب واحد، وإنما من الجانبين. وإذا كان هناك طرف غير مستعد للقيام بهذه الخطوة، ويعتقد أن هناك طرقا أخرى، فعليه أن يجيب على أسئلة أساسية مباشرة وبسيطة طرحها وزير الخارجية كيري في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهي ما هي الطرق الأخرى التي تعتقد القيادة الفلسطينية أنها تستطيع تحقيق تطلعات شعبها المشروعة في الاستقلال والسيادة والسلامة وإقامة الدولة؟ وما هي الطرق الأخرى لتحفظ الحكومة الإسرائيلية طابعها كدولة يهودية ديمقراطية لها علاقات سلام وعلاقات طبيعية مع جيرانها؟ ولكي نكون واضحين، فالولايات المتحدة مستعدة دائما للمساعدة في التوصل إلى حل الدولتين لأننا نعتقد أنه في مصلحة الإسرائيليين والفلسطينيين، ولأننا نؤمن أنه في مصلحة المنطقة لتحقيق الاستقرار المستدام. والرئيس أوباما على استعداد لبذل كل ما في وسعه في هذا الصدد، لكن الطرفين بحاجة إلى اتخاذ بعض الخيارات الأساسية والقيام بها قبل فوات الأوان.

مشاركة :