حينما قُلت في مؤتمر أخيراً: إن الأطفال اليوم قد يحتاجون إلى العمل حتى سن المئة، سارعت صحيفة "التايمز" البريطانية إلى وصف إعلاني هذا بأنه "كابوس". أما صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، فقد نصحت الأهالي الذين يريدون حياة أفضل لأولادهم بـ"إعادة النظر"، فعلى هذا الجيل الاستعداد للعمل في 40 وظيفة أو أكثر، نظراً إلى عالمنا المتغيِّر الذي سيستمر بتغيير الحدود بين ما يمكن للإنسان فعله وما يمكن للآلة أن تقدمه. هناك أربعة عوامل أساسية ذات دور فاعل: العمر المتوقع للحياة، والصحة الشخصية وأسلوب الحياة، وتأثير الحوسبة على الوظائف، والفجوة ما بين دخل الفرد ونفقاته. في الوقت الحالي، يتجاوز متوسط العمر المتوقع في المملكة المتحدة 80 عاماً، وهو ارتفاع دراماتيكي حصل على مدار القرن الأخير. ويعود الفضل إلى سهولة الوصول إلى الرعاية الصحية والتقدم فيها، وتحسن ظروف الحياة والأنظمة الغذائية والوعي الأكبر تجاه المشكلات الصحية، وغير ذلك من العوامل. وعلى هذا الأساس يُتوقع من الطفل الذي يدخل المدرسة الثانوية بعمر الحادية عشرة اليوم أن يعيش ما بين 117 إلى 125 عاماً. يعتقد كثيرون أن النموذج الحالي من التقاعد لن يكون مستداماً، إذا كان المتقاعدون سيعيشون لمدة 20 أو 30 أو 50 عاماً بعد سن التقاعد. لذلك، تشير بعض الآراء إلى أننا سنحتاج إلى نوع من الدخل الأساسي المضمون الذي قد يتوافر مالياً من خلال فرض المزيد من الضرائب على الشركات التي تحقق أرباحاً مضاعفة بسبب استبدال القوى البشرية بالآلات. علينا الآن أن نبدأ في الجدال في المجتمع بشأن ما الذي نريده وكيف علينا مواجهة تبعات عمليات الحوسبة الواسعة، فلا يمكننا أن نتجاهل مثل هذه القضية. لذلك علينا تغيير نظرتنا تجاه الأشخاص العاطلين عن العمل وتعليم الناس كيف يفكرون بشكل مختلف ويستغلون وقت الفراغ بطرق مبتكرة. وعلينا الجزم بأن تدوير النقود في الحلقة الاقتصادية بشكل فعال سيجنبنا المرور بأزمة حقيقية. وطالما أن الحوسبة تخفض التكاليف، فإن البعض يقترح أن تتولى الدولة عملية الإنتاج. لكن ذلك سيكون جدلياً للغاية لأنه يعني النهاية الفاعلة للرأسمالية. علينا أن نحضر البالغين والأطفال للتعامل مع ما هو قادم على المديين القصير والطويل للأعوام العشرين أو الثلاثين القادمة، وذلك من خلال تشجيع الناس على البحث عن التطورات التي ترسم معالم المستقبل والانضمام إلينا في مناقشة التداعيات. نحتاج إلى المهارات التي تمكننا من تعلم الوظائف الجديدة بسرعة، مثل كيفية التعلم، وتسريع التعلم وحل المشكلات، والتعاون، والتفكير بالسيناريوهات، وإدارة التعقيدات وغيرها. كما تبرز الحاجة إلى المهارات الحياتية مثل إدارة التوتر، وإدارة النوم والتأمل، وهي مهارات تعود بنفع كبير إذا تعلمها الطلاب بشكل سليم.
مشاركة :