الطراز المعماري الشرقي.. اقتصاد في الزخرفة

  • 1/30/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تتميز الفنون الإسلامية بالوحدة التي يمكن تلمسها في منتجات وعمائر البلاد الإسلامية من أقصى المغرب إلى أقصى المشرق، وقد أجمع الباحثون والدارسون على أن العقيدة الإسلامية التي انتشرت في هذه المنطقة الشاسعة، كانت ذات أثر قوي في تحقيق هذه الوحدة، بحيث تغلبت على فوارق الجنس والتقاليد الوطنية المتوارثة، كما أن اللغة العربية والكتابة شكلا عاملين جوهريين في كل ما أُبدع من أعمال فنية في مشرق العالم الإسلامي ومغربه، وهناك عوامل أخرى ساعدت على تكوين وحدة الفنون الإسلامية الزخرفية، منها تجميع العمال والفنيين من مختلف البلاد الإسلامية للتعاون في إقامة المنشآت العامة. على أن هذه الوحدة لم تمنع وجود طرز إسلامية تتميز بها الأقطار الإسلامية المختلفة في عصور تطورها الفني، مثل الطراز الأموي الذي ساد العالم الإسلامي أولاً متأثرًا بالفنون المحلية، ثم تلاه الطراز العباسي، وعندما ضعفت الخلافة العباسية سادت طرز إقليمية أخرى، فكان هناك الطراز الأسباني المغربي في شمال إفريقيا والأندلس، وطراز مصري سوري، وطراز عثماني في تركيا والبلاد التي كانت تتبعها، وأيضا طراز هندي. ولعل أكثر الأقاليم العربية التي تشابهت إلى حد كبير في الطراز الفني الإسلامي هما مصر وسوريا، فلما فتح الفاطميون مصر سنة 969م، ثم استولوا على جزء كبير من الشام، وصارت لهم دولة عظيمة نشأ على أيديهم الطراز المصري السوري، وتطور بعد ذلك على يد المماليك تطوراً بعيد المدى. وقد كان هذا الطراز عموما أكثر اعتدالا واقتصادا في الزخرفة مقارنة بسائر الطرز الإسلامية الأخرى، ولا سيما الطراز الأسباني المغربي. تميزت الفنون في العصر الفاطمي بكثرة رسم الإنسان والحيوان التي نجدها على التحف والمصنوعات كالخزف ذي البريق المعدني، التي تعتبر صناعته من مفاخر العصر الفاطمي، وعلى قطع النسيج الفاخر التي كان لها تأثير كبير في صناعة النسيج في صقلية وفي إسبانيا. وقد بقي من عمائر العصر الفاطمي الجامع الأزهر، الذي يمتاز بعقوده المبنية من الآجر وعليها طبقة من الجص غنية بزخارفها النباتية والخطية، ومن أبنيتهم أيضا جامع الحاكم المشهور بمنارته ذات القواعد الحجرية، والجامع الأقمر، كما شهد العصر الفاطمي استخدام القباب فوق الأضرحة، وكانت قصور الفاطميين عامرة بالتحف الفنية. أما في العصر الأيوبي فشهدت مصر والشام بناء الكثير من القلاع والعمائر الحربية، إلى جانب الكثير من المدارس التي شيدها الأيوبيون لتدريس المذاهب الأربعة، ومن الظواهر المعمارية الأيوبية في هذين القطرين، القباب الجميلة المحلاة زواياها بالمقرنصات، كقبة الإمام الشافعي، أما في الزخرفة فقد تخلّى الفنانون عن رسوم الإنسان والحيوان، وأبدعوا في الزخارف النباتية والهندسية، ومن أشهر عمائرهم البيمارستان القيمري، والمدرسة العادلية الكبرى، وقلعة دمشق. على أن عصر المماليك في مصر هو الذي جعل القاهرة متحفا عظيما، حيث تتجلى عظمة الطراز المصري السوري، بما فيها من زخارف دقيقة وفسيفساء بديعة، ورخام متنوع الألوان، وشرفات مسننة، ومآذن رشيقة، وأبواب ضخمة، ومن أشهر هذه العمائر جامع الظاهر بيبرس، وجامع قلاوون، وجامع الناصر بالقلعة، وجامع السلطان حسن. ومن التحف النفيسة التي امتاز بها الطراز المصري السوري المشكاوات المصنوعة من الزجاج المموه بالمينا، إضافة إلى التقدم الكبير الذي شهدته صناعة الخزف، وإتقان الفنان المسلم في الشام ومصر للزخرفة النباتية والهندسية على الأحجار والأخشاب والأقمشة والمعادن.

مشاركة :