كان عاما يمكن وصفه بأنه عام المملكة العربية السعودية، ليس هجريا ولا ميلاديا ولكن بتقويم الملك ابن الملك الذي جعله عام التحولات الكبرى وعام القوة العظمى. التفسير الوحيد لكل هذا التأثير والحزم والأحداث والانتصارات ينطلق من ملامح وجه الملك ومن صوته ومن تاريخه وتجربته ومسيرته. على امتداد سنواته في العمل والعطاء الوطني ظل الملك سلمان يمثل التجسيد الحقيقي للمملكة إنسانا وتاريخا وتطلعا، في ملامحه وفي مراحل حياته وفي مواقفه وفي ارتباطه بكل التحولات والأحداث التي مرت بها بلاده. بين يدي الملوك وبجوارهم ظل سلمان بن عبد العزيز الركن الأبرز في معادلة الحكم، مساندة وإدارة وعملا وتجربة، كانت الرياض العاصمة أبرز مراحل ذلك العطاء. إن بناء العواصم وإدارتها إنما يمثل تجسيدا لإدارة البلاد بأكملها، فمن العواصم تبدأ التحولات والتنمية واستشراف المستقبل. في منطقة قصر الحكم جولة واحدة كفيلة بأن ترى من خلالها ملامح هذا الملك وبصمته وتاريخه، في تلك المنطقة تشكلت ملامح مستقبل هذه البلاد وفي تلك المنطقة تتكثف الرسائل التاريخية والقيم التي تعكس جانبا من شخصية الملك. لقد كان بإمكانه حفظه الله أن يجعل من منطقة قصر الحكم ناطحات سحاب ومباني ذات واجهات زجاجية فخمة وتقنيات حديثة، لكنه أراد أن يرسخ الرياض هوية وتاريخا وثقافة وتنوعا، فتحولت تلك المنطقة إلى قلب الرياض وروحها وتحولت الرياض إلى قلب الوطن وروحه. لم تكن الرياض بحاجة لإدارة بالمعنى البيروقراطي، بل إلى إدارة ثقافية واجتماعية وحضارية تنطلق من استيعاب كل ما قامت عليه هذه البلاد وما تسعى لتحقيقه، وهذا ما تحقق بالفعل، أنت الآن أمام عاصمة هي نموذج أصغر للوطن بكل تنوعاته وتحولاته وطموحه. من ملامح المؤسس ومن حزمه ورحمته تتشكل شخصية الملك الراسخ في الملك، تولى مقاليد الحكم لتتولى معه المملكة مقاليد إدارة المنطقة وملفاتها وأمنها، ومثلما كان الواقع الإقليمي في المنطقة في بدايات القرن العشرين وقيض الله لها المؤسس الملك عبد العزيز طيب الله ثراه، كان الواقع الإقليمي الآن بحاجة لتحول مفاجئ وحقيقي وواسع، وقد قيض الله له ابن المؤسس وسيفه وامتداده الملك سلمان بن عبد العزيز. هذا العام لن يقل تأثيره في المنطقة عن العام 1932 الذي شهد إعلان قيام المملكة ليمثل واحدا من أضخم الأحداث التي أعادت تشكيل المنطقة وقدمت نموذجا وحدويا وكيانا يمثل التجربة الأبرز التي شهدها العالم في القرن العشرين، ومثلما قاد الملك عبد العزيز رحمه الله ذلك التحول، يقود اليوم الملك سلمان بن عبد العزيز هذه التحولات التي تشهدها المنطقة، ويقود العالم والمنطقة لإعادة اكتشاف الذات وبعث مكامن القوة وقيادة التحالفات التي أعادت لدول المنطقة ولشعوبها ثقتها في ذاتها وفي أوطانها. في العام 1932 قامت المملكة لتعيد تشكيل أبرز وأهم مساحة في العالم العربي والإسلامي والعالمي، وأبرز وأهم أرض تعاقبت عليها حضارات وأمم وفيها نزل الإسلام وفيها مهوى أفئدة المسلمين، الجزيرة العربية، وفي عام الملك سلمان الأول قامت المملكة لتعيد بناء واقع جديد في عالمنا العربي والإسلامي وتتصدى لإدارة ملفات المنطقة وحمايتها من التدخلات وصناعة واقع جديد تتولى فيه دول المنطقة إدارة ملفاتها بنفسها تحت قيادة لا يمكن أن تكون إلا للمملكة العربية السعودية. إن الرجال العظماء القادرين على تغيير التاريخ هم من تمثل مراحلهم تحولات حقيقية، وانتصارات مؤثرة، ولأن سلمان بن عبد العزيز القادم من الملك تجربة وتاريخا وحكما ورؤية وصدقا ها هو اليوم يؤسس لواقع جديد وخطوات لا يقوم بها إلا العظماء. من الرياض إلى الدفاع إلى ولاية العهد ثم إلى الملك، كل تلك المسيرة كانت تصنع لنا ولأمننا ولمستقبلنا ملكا ملامحه تختصر البلاد والإنسان وتؤسس لسعودية تواصل اتساعها في قلوب أبنائها وفي عيون العالم. yameer33@hotmail.com
مشاركة :