حمام يحيي الفراعنة تنتشر هواية تربية الحمام على الأسطح في معظم الدول العربية، وفي مصر يطلقون عليها “غي” الطيور يتخذون منها تسلية وكسب رزق حتى أنهم يقضون معظم يومهم معها يهتمون بها ويتواصلون معها أكثر من الوقت الذي يقضونه مع أسرهم وأطفالهم. القاهرة - عند التجول في العاصمة المصرية القاهرة، لا تخطئ العين الهياكل الخشبية المرتفعة فوق أسطح بعض المباني والتي تغير من أفق المدينة الأكثر سكانا في مصر والعالم العربي. وتعرف هذه الأبراج الخشبية بـ”غيات” الحمام، والتي تتم فيها ممارسة هواية تربية هذا النوع من الطيور المحبوبة في مصر. وترتفع “الغيات” المصنوعة من الخشب فوق المئات من المباني في الأحياء الفقيرة في أرجاء المدينة، وتضم الآلاف من الطيور المدربة جيدا التي لولا هذا لكانت انتهى بها الحال إلى طاولة القصاب. و“غواة” تلك هي الكلمة التي يُعرف بها مربو الحمام في مصر، ولهم تجمعاتهم الخاصة بهم حيث يتكلمون في كل شيء له علاقة بتربية الحمام. ولطالما كانت تربية الحمام واحدة من التقاليد القديمة في الشرق الأوسط وخاصة في مصر، حيث صورت بعض النقوش الفرعونية القديمة أسرابا من الحمام يتم إطلاقها لتطير ثم تعود مرة أخرى. ومازال هذا الشغف بتربية الحمام قائما لدى العديد من المصريين حتى الآن، إما بهدف الهواية أو التجارة، ويلتقي الغواة في المقهى بشكل يومي ومن يرغب في بيع الحمام يعرضونه على بعضهم. ويعد موقع أولكس الإلكتروني أشهر موقع مصري وسيط بين البائع والمشتري، أما سوق الجمعة فيعتبره المحترفون من المربين مكانا يستفيد منه المبتدئون في مجال تربية الحمام. وجبتان في اليوم ويتخذ بعض المصريين تربية الحمام وسيلة لكسب العيش، لأنه من أشهى المأكولات في قائمة الطعام المصرية على مر السنين، ومن أشهر الوجبات في مصر الحمام المحشو بالفريك أو بمزيج من الأرز والبصل والدجاج أو غير ذلك. وعلى الرغم من الزيادات الأخيرة في الأسعار في مصر، والتي أثرت أيضا على أسعار علف الحمام، إلا أنه من غير المرجح أن يتخلى مربو الحمام المصريون عن هوايتهم أو تجارتهم. ومن بين هؤلاء أحمد كمال، وهو موظف بإحدى الشركات الخاصة، حوّل سطح منزله بالكامل في محافظة الجيزة بالقرب من القاهرة إلى حظيرة كبيرة لتربية بعض أنواع الطيور، خاصة الحمام. وأوضح الرجل البالغ من العمر 48 عاما أنه بدأ هواية تربية الحمام منذ نحو 35 عاما، قائلا لوكالة أنباء (شينخوا) “بدأت هذه الهواية عندما كان عمري 12 أو 13 عاما، كان لدي الشغف ولكن لم تكن لدي الخبرة، ولكن مع مرور الوقت، تعلمت الكثير من خلال الممارسة وبدأت الهواية تتحول بالتدريج إلى تجارة”. "الغيات" المصنوعة من الخشب ترتفع فوق المئات من أسطح المباني في الأحياء الفقيرة في أرجاء مدينة القاهرة وقال إن الطيور تفهم مجموعة معقدة من نغمات الصفير والإشارات التي تأمرها بالطيران أو العودة. وتقوم بالتحليق لمسافات بعيدة ثم تعود في العادة مع حلول الليل. وكثيرا ما تعود برفقة حمامات أخرى. وأضاف مربي الحمام المخضرم “الشغف الأساسي لدى هاوي تربية الحمام هو رؤية طيوره في السماء أثناء تحليقها ثم العودة إليه مرة أخرى”، متابعا “نحن نستمتع بها.. يمكن أن نظل معها من السابعة صباحا حتى منتصف الليل، حتى أننا ننسى عائلاتنا”. وأشار كمال، والذي يمكنه معرفة عمر الحمام من خلال نمو ريش جناح الطائر، إلى أنه يتخذ جميع الاحتياطات للحفاظ على طيوره بصحة جيدة، بما في ذلك وضعها في أقفاص فسيحة وجيدة التهوية. ويقول “هناك عادات خاصة للعناية بالحمام، منها إطعامه وجبتين يوميا، وتتكون وجبة الطعام من خضار البسلة وذرة العويجة والقمح والفول، وتلك الوجبة خلال فصل الشتاء. أما في موسم الصيف، فيميل الحمام لشرب الماء أكثر، وتنقص وجبة القمح والفول لأنها تسبب عفنا للحمام في الصيف”. ويضع كمال دلوا ضخما مليئا بالماء، يستحم فيه الحمام تلقائيا، وتوضع له بودرة الأطفال خوفا من الحشرات. ويشتري معظم مربي الحمام طيورهم ويبيعونها في “سوق الجمعة” بإحدى ضواحي القاهرة والذي يعتبر بمثابة الملتقى الأسبوعي الشهير لهواة تربية وتجارة الحمام الذين يقصدونه من مختلف المحافظات. والسلالات المختلفة التي تتباين في سرعتها وألوانها وعلاماتها يمكن أن يصل سعرها إلى الآلاف من الجنيهات للطائر الواحد. لغة التواصل: تصفير وإشارات لغة التواصل: تصفير وإشارات ويعرض العديد من التجار في السوق السلالات المحلية والمستوردة المختلفة من الحمام، ومنها الحمام الزاجل بجميع سلالاته واللاحم بأنواعه والغزار المصري بأشكاله المختلفة وحمام الزينة وغيره من أنواع الحمام العديدة. ويعد مجاهد البربري من أحد أشهر تجار الحمام في السوق، وبالرغم من أنه يعيش في محافظة الإسكندرية الساحلية شمال مصر، إلا أنه يسافر إلى القاهرة مرة كل أسبوع على الأقل بهدف عرض الحمام الخاص به في السوق. وأوضح البربري أن “هواة تربية الحمام في ازدياد، فهي هواية تصل إلى حد الإدمان مثل الصيد، لكن ليس كل تجار الحمام بالضرورة من هواة تربيتها، فالبعض يربي الحمام فقط من أجل التجارة”، مشيرا إلى أنه كان يعمل في تجارة الحمام منذ نحو 25 عاما. ومن بين زوار السوق الشاب رفاعي حجاج (25 عاما) والذي كان يبحث عن شراء زوج معين من الحمام. وقال حجاج “إنني أهوى تربية الحمام منذ الطفولة، وهذه الهواية تجري في دمي، وأنا من عشاق الحمام من نوع الشقلباظ”. وتحدث السرقة خلال طيران الحمام في السماء، لكنه يؤكد أنه لا يُحب ذلك، ومُتعته تكون في طيران الحمام أمامه عند الغروب، قائلا “في حال حطت عندي حمامة غريبة أرجعها لصاحبها ومن السهل أن تعرف حمامة من فنحن نلتقي كل مساء في المقهى، ومن أهم أسرار الحمام اللغة التي ينادي بها المربون على طائرهم، فكل له صافرة مميزة تستجيب لها حماماته”. وقال بائع الحمام حسين عبدالله إن ارتفاع أسعار علف الحمام أثر على السوق منذ العام الماضي، مما دفع بعض بائعي الحمام إلى خفض الأسعار بعض الشيء لترويج المبيعات.
مشاركة :