دخـولـي إلـى عالـم المكفوفين كان أجـمـل صـدفة فـي حياتي

  • 2/8/2023
  • 01:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يقول‭ ‬توماس‭ ‬كارليل‭ ‬‮«‬ما‭ ‬نحتاج‭ ‬إليه‭ ‬حقا‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬العطاء‭ ‬لمن‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلينا‮»‬‭! ‬ نعم‭ ‬هي‭ ‬تعطي‭ ‬لتحيا،‭ ‬لأن‭ ‬الامتناع‭ ‬عن‭ ‬العطاء‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليها‭ ‬هو‭ ‬الفناء،‭ ‬لإيمانها‭ ‬القوي‭ ‬بأننا‭ ‬عندما‭ ‬نعيش‭ ‬لنسعد‭ ‬آخرين‭ ‬سوف‭ ‬يرزقنا‭ ‬الله‭ ‬بآخرين‭ ‬ليسعدونا،‭ ‬وبأنه‭ ‬كلما‭ ‬أعطينا‭ ‬أخذنا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نطلب‭.‬ شيخة‭ ‬محمد‭ ‬غانم‭ ‬مربية‭ ‬مخضرمة‭ ‬فاضلة،‭ ‬عرفت‭ ‬معنى‭ ‬العطاء‭ ‬الحقيقي،‭ ‬فحولته‭ ‬إلى‭ ‬رسالة‭ ‬حياة،‭ ‬بدأت‭ ‬مشوار‭ ‬البذل‭ ‬كمعلمة‭ ‬في‭ ‬المعهد‭ ‬السعودي‭ ‬البحريني‭ ‬للمكفوفين،‭ ‬أعطت‭ ‬بمنتهى‭ ‬التفاني‭ ‬والإخلاص‭ ‬لجميع‭ ‬طلبتها‭ ‬المكفوفين،‭ ‬وقدمت‭ ‬لهم‭ ‬كل‭ ‬الدعم‭ ‬والمساندة،‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬تخرجهم،‭ ‬وحين‭ ‬اطمأنت‭ ‬عليهم‭ ‬وعلى‭ ‬قدرتهم‭ ‬على‭ ‬الانخراط‭ ‬والاندماج‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬قررت‭ ‬أن‭ ‬تتقاعد‭ ‬تفرغا‭ ‬لعملها‭ ‬التطوعي‭ ‬وتقديم‭ ‬العون‭ ‬لمن‭ ‬بحاجة‭ ‬إليه‭.‬ لقد‭ ‬كان‭ ‬لنشأتها‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬محبة‭ ‬لنعمة‭ ‬العطاء‭ ‬أكبر‭ ‬الأثر‭ ‬على‭ ‬مسيرتها،‭ ‬فهي‭ ‬تراها‭ ‬مهنة‭ ‬الغني،‭ ‬بل‭ ‬شرف‭ ‬ورسالة‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬والأجمل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬انتظار‭ ‬أي‭ ‬مقابل،‭ ‬بهدف‭ ‬إسعاد‭ ‬الآخرين‭ ‬فقط،‭ ‬وخاصة‭ ‬لو‭ ‬كانوا‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الهمم‭ ‬الذين‭ ‬يتمتعون‭ ‬بحساسية‭ ‬مرهفة،‭ ‬وبملكات‭ ‬قد‭ ‬يتفوقوا‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬الأسوياء،‭ ‬أما‭ ‬دخولها‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬فكان‭ ‬أجمل‭ ‬صدفة‭ ‬في‭ ‬حياتها‭.‬ حول‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬الإنسانية‭ ‬الملهمة‭ ‬المعطاءة‭ ‬كان‭ ‬الحوار‭ ‬التالي‭:‬ ‭*‬متى‭ ‬بدأت‭ ‬علاقتك‭ ‬بالعمل‭ ‬الخيري؟ ‭-‬أنا‭ ‬أرى‭ ‬نفسي‭ ‬إنسانة‭ ‬محظوظة‭ ‬لأنني‭ ‬نشأت‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬تقدر‭ ‬بل‭ ‬وتقدس‭ ‬نعمة‭ ‬العطاء،‭ ‬وتربيت‭ ‬وسط‭ ‬أسرة‭ ‬محتضنة‭ ‬لأفرادها،‭ ‬ويجمعها‭ ‬مشاعر‭ ‬الحب‭ ‬والتراحم،‭ ‬وتحترم‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالفريج‭ ‬وأصول‭ ‬التعامل‭ ‬معه،‭ ‬فقد‭ ‬عاصرت‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬فيها‭ ‬الجار‭ ‬للجار،‭ ‬والأجواء‭ ‬الجميلة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬علاقات‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬الحي‭ ‬الواحد،‭ ‬واعتدت‭ ‬في‭ ‬الصغر‭ ‬على‭ ‬التسابق‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬وتوصيل‭ ‬الوجبات‭ ‬التي‭ ‬تعدها‭ ‬أمي‭ ‬إلى‭ ‬الجيران‭ ‬والمعارف‭.‬ ‭*‬ماذا‭ ‬كان‭ ‬حلم‭ ‬الطفولة؟ ‭-‬كان‭ ‬حلمي‭ ‬منذ‭ ‬طفولتي‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬معلمة‭ ‬مستقبلا،‭ ‬حيث‭ ‬كنت‭ ‬أعشق‭ ‬هذه‭ ‬المهنة‭ ‬وأقدسها،‭ ‬حتى‭ ‬إنني‭ ‬كنت‭ ‬أستذكر‭ ‬دروسي‭ ‬بطريقة‭ ‬الشرح‭ ‬التي‭ ‬تتبعها‭ ‬المعلمات،‭ ‬وخلال‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانوية‭ ‬قررت‭ ‬دراسة‭ ‬تخصص‭ ‬التاريخ‭ ‬والآثار‭ ‬بجامعة‭ ‬الإمارات،‭ ‬وبعد‭ ‬التخرج‭ ‬عدت‭ ‬إلى‭ ‬البحرين،‭ ‬وأثناء‭ ‬بحثي‭ ‬عن‭ ‬وظيفة‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الذي‭ ‬تمنيته،‭ ‬قادتني‭ ‬الصدفة‭ ‬إلى‭ ‬دخول‭ ‬عالم‭ ‬المكفوفين‭ ‬وكانت‭ ‬أهم‭ ‬نقلة‭ ‬في‭ ‬حياتي‭.‬ ‭*‬وكيف‭ ‬حدثت‭ ‬تلك‭ ‬النقلة؟ ‭-‬أهم‭ ‬نقلة‭ ‬في‭ ‬حياتي‭ ‬حدثت‭ ‬حين‭ ‬صادفت‭ ‬يافطة‭ ‬مكتوبا‭ ‬عليها‭ ‬إعلان‭ ‬المعهد‭ ‬السعودي‭ ‬البحريني‭ ‬للمكفوفين،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬أثناء‭ ‬زيارتي‭ ‬للمتحف‭ ‬القديم‭ ‬بالمحرق‭ ‬لتقديم‭ ‬طلب‭ ‬وظيفة،‭ ‬وكانت‭ ‬أجمل‭ ‬صدفة‭ ‬في‭ ‬حياتي،‭ ‬حيث‭ ‬تقدمت‭ ‬للعمل‭ ‬بالمعهد،‭ ‬وحصلت‭ ‬على‭ ‬الوظيفة‭ ‬التي‭ ‬كنت‭ ‬أحلم‭ ‬بها‭ ‬منذ‭ ‬طفولتي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التعليم،‭ ‬وبدأت‭ ‬رحلتي‭ ‬مع‭ ‬عالم‭ ‬المكفوفين‭ ‬المحبب‭ ‬بشدة‭ ‬إلى‭ ‬نفسي‭. ‬ ‭*‬هل‭ ‬واجهت‭ ‬أي‭ ‬صعوبة‭ ‬عند‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الفئة؟ لقد‭ ‬التحقت‭ ‬بدورات‭ ‬تؤهلني‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬بكل‭ ‬سهولة،‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬متعددة‭ ‬منها‭ ‬وذلك‭ ‬قبل‭ ‬البدء‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التدريس،‭ ‬وتدربت‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬المهارات‭ ‬المطلوبة،‭ ‬واكتشفت‭ ‬مع‭ ‬الوقت‭ ‬أن‭ ‬التعاطي‭ ‬معهم‭ ‬فقط‭ ‬يتطلب‭ ‬قلبَ‭ ‬محب،‭ ‬فحين‭ ‬تحبهم‭ ‬بالفعل‭ ‬سوف‭ ‬تعطيهم‭ ‬بقدر‭ ‬الاستطاعة‭ ‬بل‭ ‬وتبدع‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬لأنهم‭ ‬يتمتعون‭ ‬بدرجة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬الإحساس‭ ‬المرهف،‭ ‬ونظرا‭ ‬إلى‭ ‬تقارب‭ ‬أعمارنا‭ ‬فقد‭ ‬نشأ‭ ‬بيني‭ ‬وبينهم‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الأخوة‭ ‬والصداقة،‭ ‬وكنت‭ ‬أحرص‭ ‬دوما‭ ‬على‭ ‬الخروج‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬رحلات‭ ‬خارجية‭ ‬كي‭ ‬يتلمسوا‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬بأنفسهم،‭ ‬حتى‭ ‬الخضراوات‭ ‬والفواكه‭ ‬كنت‭ ‬أجلبها‭ ‬لهم‭ ‬ويتعلمون‭ ‬الفروق‭ ‬بينها‭ ‬باللمس،‭ ‬كما‭ ‬كنت‭ ‬أستمتع‭ ‬بإعداد‭ ‬وجبات‭ ‬متنوعة‭ ‬لهم‭ ‬بالمنزل،‭ ‬وقضيت‭ ‬26‭ ‬عاما‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬من‭ ‬الأخذ‭ ‬والعطاء‭.‬ ‭*‬ماذا‭ ‬منحك‭ ‬هذا‭ ‬العالم؟ ‭-‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬أعطيت‭ ‬لهؤلاء‭ ‬أخذت‭ ‬منهم‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المعاني‭ ‬والقيم‭ ‬والمشاعر‭ ‬النبيلة،‭ ‬فقد‭ ‬تعلمت‭ ‬منهم‭ ‬الصبر،‭ ‬والرضا‭ ‬عند‭ ‬الابتلاء،‭ ‬وجمال‭ ‬الروح،‭ ‬والابتسامة‭ ‬من‭ ‬القلب،‭ ‬كما‭ ‬خرجت‭ ‬بصداقات‭ ‬حقيقية‭ ‬وعلاقات‭ ‬طيبة‭ ‬معهم،‭ ‬كان‭ ‬لي‭ ‬شرف‭ ‬الإشراف‭ ‬على‭ ‬دمج‭ ‬المكفوفين‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الإعدادية،‭ ‬وكانت‭ ‬تجربة‭ ‬ممتعة‭ ‬ومرعبة‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭.‬ ‭*‬وما‭ ‬هو‭ ‬وجه‭ ‬الرعب‭ ‬في‭ ‬ذلك؟ ‭-‬الرعب‭ ‬هنا‭ ‬نابع‭ ‬من‭ ‬حرصي‭ ‬على‭ ‬طلابي‭ ‬وقلقي‭ ‬من‭ ‬تعرضهم‭ ‬لأي‭ ‬مواقف‭ ‬صعبة‭ ‬تؤثر‭ ‬سلبا‭ ‬في‭ ‬نفسيتهم‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬لهم‭ ‬عالمهم‭ ‬الخاص‭ ‬المنغلق‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬الذين‭ ‬اعتادوا‭ ‬عليه‭ ‬سنوات،‭ ‬وكانت‭ ‬التجربة‭ ‬الأولى‭ ‬لطالبة‭ ‬تدعى‭ ‬حورية،‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬حققت‭ ‬نجاحا‭ ‬لافتا،‭ ‬حيث‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬تندمج‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬جديد‭ ‬عليها‭ ‬بل‭ ‬وأحبته‭ ‬كثيرا‭ ‬وكونت‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬علاقات‭ ‬صداقة‭ ‬قوية،‭ ‬وقد‭ ‬أنهت‭ ‬الجامعة،‭ ‬وفازت‭ ‬بالمركز‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬مسابقة‭ ‬الشارقة‭ ‬لحفظ‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬وشعرت‭ ‬ببالغ‭ ‬السعادة‭ ‬تجاه‭ ‬ما‭ ‬حققته‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬التجربة‭ ‬والتي‭ ‬مارست‭ ‬حياتها‭ ‬خلالها‭ ‬بصورة‭ ‬طبيعية،‭ ‬هذا‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬طلابي‭ ‬تمكنوا‭ ‬من‭ ‬إنهاء‭ ‬مشوارهم‭ ‬العلمي‭ ‬وتخرجوا‭ ‬في‭ ‬الجامعة،‭ ‬بل‭ ‬وحصل‭ ‬أحدهم‭ ‬على‭ ‬رسالة‭ ‬الدكتوراه‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭.‬ ‭*‬ما‭ ‬أهم‭ ‬احتياجات‭ ‬هذه‭ ‬الفئة؟ هذه‭ ‬الفئة‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬التعلم،‭ ‬والحوار،‭ ‬وليس‭ ‬العطف‭ ‬أو‭ ‬الشفقة،‭ ‬لأنهم‭ ‬يتمتعون‭ ‬بدرجة‭ ‬من‭ ‬الوعي‭ ‬والثقافة‭ ‬وسرعة‭ ‬الاستجابة‭ ‬والحساسية‭ ‬تفوق‭ ‬كل‭ ‬التوقعات،‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬تطور‭ ‬الوسائل‭ ‬التعليمية‭ ‬الصوتية‭ ‬وأدواتها‭ ‬الخاصة‭ ‬بهم‭ ‬اليوم‭ ‬بدرجة‭ ‬كبيرة،‭ ‬مثل‭ ‬الكمبيوترات‭ ‬الصوتية،‭ ‬والأشياء‭ ‬البارزة‭ ‬المحسوسة،‭ ‬واستخدامات‭ ‬الموسيقى‭ ‬وغيرها‭. ‬ ‭*‬متى‭ ‬جاء‭ ‬قرار‭ ‬التقاعد؟ ‭-‬بعد‭ ‬مرض‭ ‬والدي،‭ ‬ومرافقتي‭ ‬له‭ ‬شهورا‭ ‬طوال‭ ‬بالعناية‭ ‬المركزة،‭ ‬قررت‭ ‬التقاعد،‭ ‬والتفرغ‭ ‬لعملي‭ ‬التطوعي‭ ‬والخيري،‭ ‬وذلك‭ ‬عقب‭ ‬اطمئناني‭ ‬على‭ ‬طلابي،‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬وتهيئة‭ ‬المدارس‭ ‬لاستقبالهم،‭ ‬وتخرجهم،‭ ‬واندماجهم‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وأجد‭ ‬متعة‭ ‬كبيرة‭ ‬وراحة‭ ‬نفسية‭ ‬فائقة‭ ‬عند‭ ‬تقديم‭ ‬وجبة‭ ‬إفطار‭ ‬يومية‭ ‬للعمال‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬متفرقة،‭ ‬وكذلك‭ ‬لبعض‭ ‬الأسر‭ ‬المتعففة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬وجبة‭ ‬غداء‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة،‭ ‬وهو‭ ‬واجب‭ ‬روتيني‭ ‬عزمت‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬العدول‭ ‬عنه‭ ‬طالما‭ ‬حييت،‭ ‬لما‭ ‬يمنحه‭ ‬من‭ ‬طاقة‭ ‬إيجابية‭ ‬هائلة‭ ‬لي،‭ ‬ويشاركني‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬زوجي‭ ‬وأبنائي‭.‬ ‭*‬ولماذا‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية؟ ‭-‬اختياري‭ ‬للعمال‭ ‬الأجانب‭ ‬خصيصا‭ ‬لأنني‭ ‬أشعر‭ ‬بمعاناتهم‭ ‬وغربتهم،‭ ‬ومدي‭ ‬حاجتهم‭ ‬إلى‭ ‬الدعم‭ ‬والمساندة‭ ‬وتخفيف‭ ‬الضغوط‭ ‬الواقعة‭ ‬عليهم،‭ ‬وقد‭ ‬اعتدت‭ ‬أن‭ ‬أذهب‭ ‬إليهم‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬وجودهم،‭ ‬وتربطني‭ ‬بهم‭ ‬علاقات‭ ‬طيبة‭ ‬وأصبحوا‭ ‬يعرفونني‭ ‬جيدا،‭ ‬كذلك‭ ‬أسعى‭ ‬أنا‭ ‬ومجموعة‭ ‬من‭ ‬المتطوعين‭ ‬إلى‭ ‬توزيع‭ ‬المستلزمات‭ ‬المختلفة‭ ‬وتوصيلها‭ ‬إلى‭ ‬المحتاجين،‭ ‬ولعل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬أقوم‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬خيري‭ ‬تعمق‭ ‬أكثر‭ ‬بداخلي‭ ‬أثناء‭ ‬معايشتي‭ ‬لوالدي‭ ‬أثناء‭ ‬تجربة‭ ‬مرضه‭. ‬ ‭*‬ما‭ ‬الدرس‭ ‬المستفاد‭ ‬من‭ ‬تجربة‭ ‬مرض‭ ‬الوالد؟ تجربة‭ ‬مرض‭ ‬والدي‭ ‬منحتني‭ ‬الفرصة‭ ‬لمشاهدة‭ ‬حالات‭ ‬كثيرة‭ ‬بالعناية‭ ‬المركزة‭ ‬كانت‭ ‬بين‭ ‬الحياة‭ ‬والموت،‭ ‬ومنهم‭ ‬أناس‭ ‬يملكون‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المال،‭ ‬لكنهم‭ ‬لم‭ ‬يستطيعوا‭ ‬تحقيق‭ ‬الشفاء،‭ ‬وكنت‭ ‬أرى‭ ‬بنفسي‭ ‬كيف‭ ‬يصارع‭ ‬الإنسان‭ ‬الموت،‭ ‬وتعلمت‭ ‬حينئذ‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬الذي‭ ‬يتمتع‭ ‬بالصحة‭ ‬والعافية‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬نعمة‭ ‬كبيرة،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يشكر‭ ‬الخالق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬عليها‭ ‬وأن‭ ‬يشعر‭ ‬بالرضا‭ ‬والقناعة،‭ ‬ويدرك‭ ‬أن‭ ‬الوالدين‭ ‬نعمة‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يشبع‭ ‬منهما‭ ‬في‭ ‬حياتهما‭ ‬ولا‭ ‬يقصر‭ ‬معهما‭ ‬أبدا،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حاولت‭ ‬أن‭ ‬أغرسه‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬أبنائي‭ ‬الخمس،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬حرصي‭ ‬على‭ ‬تعليمهم‭ ‬قيمة‭ ‬العطاء‭ ‬لوجه‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مقابل،‭ ‬وهذه‭ ‬رسالة‭ ‬أوجهها‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬ربة‭ ‬بيت،‭ ‬فبإمكانها‭ ‬أن‭ ‬تنتج‭ ‬أجيالا‭ ‬معطاءة‭ ‬ما‭ ‬أحوج‭ ‬مجتمعنا‭ ‬إليها‭. ‬ ‭*‬كيف‭ ‬ترين‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد؟ ‭-‬أنا‭ ‬أرى‭ ‬غالبية‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬غير‭ ‬مسؤولة،‭ ‬وللأسف‭ ‬نحن‭ ‬من‭ ‬زرع‭ ‬فيهم‭ ‬ذلك،‭ ‬وهذا‭ ‬ينطبق‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬تجربتي‭ ‬شخصيا،‭ ‬فبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬أبنائي‭ ‬الكبار‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬بأنهم‭ ‬نشأوا‭ ‬على‭ ‬تحمل‭ ‬المسؤولية،‭ ‬حيث‭ ‬كنت‭ ‬أشاركهم‭ ‬أنشطة‭ ‬علمية‭ ‬وصحية‭ ‬متنوعة،‭ ‬كما‭ ‬عودتهم‭ ‬على‭ ‬القراءة‭ ‬والاطلاع،‭ ‬حتى‭ ‬أصبحوا‭ ‬منتجين‭ ‬وفاعلين،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬لم‭ ‬أنتهج‭ ‬نفس‭ ‬النهج‭ ‬مع‭ ‬ابني‭ ‬الصغير،‭ ‬نظرا‭ ‬إلى‭ ‬المتغيرات‭ ‬التي‭ ‬طرأت‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬حديثا،‭ ‬فقد‭ ‬شب‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬مغايرة،‭ ‬واعتاد‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬احتياجاته‭ ‬بسهولة،‭ ‬لمسايرتي‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأمور‭. ‬ولكني‭ ‬أحمد‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أبنائي‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬يدركون‭ ‬جيدا‭ ‬قيمة‭ ‬الأشياء‭ ‬ويتمتعون‭ ‬بالقناعة‭ ‬والرضا‭ ‬والمسؤولية‭ ‬والالتزام،‭ ‬وأتمنى‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الآباء‭ ‬أن‭ ‬يسعوا‭ ‬إلى‭ ‬احتواء‭ ‬أبنائهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العصر،‭ ‬وللاستماع‭ ‬إليهم،‭ ‬للتغلب‭ ‬على‭ ‬حالة‭ ‬الصمت‭ ‬الموجودة‭ ‬اليوم‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬لكسر‭ ‬أي‭ ‬حاجز‭ ‬بينهما‭.‬ ‭*‬إنجاز‭ ‬محبب‭ ‬إلى‭ ‬نفسك؟ ‭-‬رغم‭ ‬ما‭ ‬حققته‭ ‬عبر‭ ‬مشواري‭ ‬من‭ ‬إنجازات‭ ‬مهمة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬حصولي‭ ‬على‭ ‬دبلوم‭ ‬عال‭ ‬في‭ ‬طرق‭ ‬تدريس‭ ‬التربية‭ ‬بجامعة‭ ‬البحرين‭ ‬واحتلالي‭ ‬المرتبة‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬الدفعة‭ ‬رغم‭ ‬عدم‭ ‬التفرغ‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الإنجازات‭ ‬التي‭ ‬حققتها‭ ‬والتي‭ ‬استحققت‭ ‬عنها‭ ‬تكريمي‭ ‬في‭ ‬عيد‭ ‬العلم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المرحوم‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يشعرني‭ ‬بفخر‭ ‬شديد‭. ‬ ‭*‬حلمك‭ ‬القادم؟ ‭-‬أتمنى‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬قلبي‭ ‬أن‭ ‬أتمكن‭ ‬من‭ ‬حفظ‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬وتجويده،‭ ‬وأتمنى‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬هذا‭ ‬الحلم‭ ‬في‭ ‬القريب‭ ‬العاجل‭.‬

مشاركة :