أعلن "جوجل"، الذي لطالما أحكم هيمنته على محركات البحث على الإنترنت، الإثنين الماضي، عن طرح خدمة الذكاء الاصطناعي للمحادثة "بارد" بشكل تجريبي خلال الأسابيع المقبلة. وأعلنت مايكروسوفت في اليوم التالي أنها تعمل حاليا على إدماج تكنولوجيا شبيهة لـ "تشات جي بي تي" في منتجاتها، شاملا ذلك محركها البحثي "بنج"، كما أعلنت أنها ستستقبل ممثلي شركة أوبن إيه آي، مطورة تطبيق "تشات جي بي تي"، في مقرها الرئيسفي واشنطن. وعلق ريتشارد واترز الصحافي في صحيفة فاينانشال تايمز على هذا بقوله "عادت حروب محركات البحث على الإنترنت"، وأضاف أن الذكاء الاصطناعي فتح جبهة جديدة للصراع على الهيمنة منذ أن تصدى جوجل لتحدي محرك البحث "بنغ"الذي أطلقته مايكروسوفت منذ عقد مضى. إلا أن الوتيرة السريعة لهذا التطور التكنولوجي تثير أسئلة أخلاقية أيضا، خاصة مع طرح هذه النوعية من الأدوات بسرعة فائقة في الأسواق. قالت بينا أماناث المسؤولة عن "أخلاقيات التكنولوجيا" في شركة ديلويت للخدمات المهنية "نعيش عصر وسائل التواصل الاجتماعي من جديد"، وأضافت بحسب "سي إن إن" أن "كل تكنولوجيا جديدة تصاحبها نتائج غير محسوبة"، كما أعربت عن ثقتها في أن روبوتات المحادثة القائمة على الذكاء الاصطناعي معرضة لذلك أيضاإذا لم يتم اتخاذ إجراءات احترازية. وإلى الآن، ترى أماناث أن الحماية المطلوبة غير موجودة، إذ شبهت الوضع الحالي ببناء حديقة حيوان والاكتفاء بوضع لافتات تحذيرية من دون غلق الأبواب على الوحوش. وشددت أماناث أن على المطورين حل مشكلة التحيز والتي تمتد لأعوامطويلة، إضافة إلى عدد من المعضلات الأخرى التي ابتليت بها هذه التكنولوجيا، مثل عدم قدرة روبوتات الذكاء الاصطناعي على التمييز بين الحقيقة والخيال. وقالت أماناث "نماذج اللغة الجديدة تخلط بين الحقيقة والخيال، وذلك هو التحدي الجديد"، مضيفة "فهو يقوم بنشر المعلومات المغلوطة بشكل فعال، ولا يفهم المحتوى، لذا يستطيع أن ينشر بثقة كبيرة محتوى يبدو منطقيا، إلا أنه خاطئ". حدث هذا بالفعل خلال الشهر الماضي حين قام موقع الوسائط التعليمية الأمريكي "سي نت" بتعديل عدد من المقالات المنشورة بعد استخدام أداة مدعومة بالذكاء الاصطناعي لجمع الأخبار وكتابة عشرات المقالات، وبدأت بعدها مواقع أخرى مثل "بزفيد" في الاستعانة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لمساعدتها في إنشاء محتواها. قال سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لجوجل، "من المهم أن نجلب هذه النماذج الجديدة إلى العالم بطريقة شجاعة ومسؤولة"، مشيراأن شركته "ملتزمة بتطوير الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول". كان بيتشاي قد أكد للعاملين في شركته، في وقت سابق، أن جوجل لديه إمكانات مماثلة لـ "تشات جي بي تي"، وأن السبب وراء عدم توفير نتائج بحث مدعومة بخاصية الذكاء الاصطناعي إلى الآن هو الخوف من إمداد مستخدميها بمعلومات غير دقيقة. وعلى الرغم من ذلك، فإنه لا يمكن إنكار أن الضغط الذي وقع على جوجل من قبل المستثمرين بعد إطلاق "تشات جي بي تي" قد سرع من قرار طرح منتجها الجديد في السوق. ومن الواضح أيضا، أن شركتي جوجل ومايكروسوفت تتفهمان قدرة تقنية الذكاء الاصطناعي على إعادة تشكيل العالم الذي نعرفه، لكن السؤال هنا: هل ستطبقان مقولة وادي السيليكون الشهيرة التي تحث على التحرك بسرعة لإحداث التغيير والتي تسببت في الكثير من الأزمات في الماضي؟
مشاركة :