شراكة متينة بين المغرب واسبانيا تُعيد إحياء مشروع النفق البحري

  • 2/8/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

مدريد - عاد مشروع النفق البحري للربط بين إسبانيا والمغرب إلى الواجهة بعد أن ظل حبيس الأدراج لسنوات طويلة، فقد كان من ضمن الملفات التي تم التطرق إليها خلال الاجتماع رفيع المستوى بين حكومتي البلدين الأسبوع الماضي في الرباط، في ظل عزمهما تقوية شراكتهما. وتأتي هذه الخطوة إثر توصل البلدين إلى تجاوز التوتر الدبلوماسي وتطبيع علاقاتهما منذ أن وافقت مدريد العام الماضي على تأييد مقترح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب حلا وحيدا للنزاع في الصحراء المغربية وهو ما دفع حكومتيهما إلى إعادة طرح عدة ملفات مشتركة. وأطلق المشروع في العام 1979 من طرف ملك المغرب الراحل الحسن الثاني ونظيره الاسباني خوان كارلوس الأول وهو عبارة عن نفق بحري يربط إفريقيا بأوروبا بواسطة القطار عبر مضيق جبل طارق. وأنشئت شركتان عامتان إحداهما مغربية (الشركة الوطنية لدراسة مضيق جبل طارق) والأخرى إسبانية (Secegsa) تشرف عليهما لجنة مشتركة من أجل إجراء دراسات تقنية حول مدى قابلية المشروع للإنجاز وقد أجريت لهذا الغرض عدة عمليات تنقيب ودراسات وتجارب منذ 40 عاما. بعدما طرحت عدة خيارات استقر قرار الشركتين نهاية التسعينات على بناء نفق بحري على شاكلة نفق المانش بين فرنسا وبريطانيا على أن يكون مدخله بين حي مالاباطا في مدينة طنجة ومنطقة بونتا بالوما قرب مدينة طريفة الإسبانية. ويفترض أن يشتمل المشروع الذي يعد من بين الأضخم في العالم على سكتين حديديتين ورواق للخدمات والإغاثة ويقدر طوله بـ38.5 كيلومترا، بينها 28 كيلومترا تحت الماء بعمق أقصاه 475 مترا. ومن خلال ربط شبكتي السكك الحديدية في البلدين سيكون النفق بمثابة "محفز للاقتصاد الأوروبي والإفريقي"، كما يؤكد لوكالة فرانس برس كلاوديو أولالا المهندس والأستاذ الفخري في جامعة البوليتكنيك في مدريد الذي عمل في هذا المشروع لبعض الوقت. وتقول شركة "Secegsa" الإسبانية إن المشروع سيسمح بمرور أكثر من 13 مليون طن من البضائع و12.8 مليون مسافر سنويًا على المدى المتوسط وهو ما يمكن أن يساهم بشكل كبير في التنمية الاقتصادية لغرب البحر الأبيض المتوسط. وتعد إسبانيا بالفعل الشريك التجاري الأول للمغرب الذي يصدر جزءًا كبيرًا من إنتاجه وخاصة الإنتاج الزراعي إلى الاتحاد الأوروبي لكن مضيق جبل طارق الذي تعبره 100 ألف سفينة كل عام مزدحم مما يقيد عبور البضائع بين البلدين. وبقي المشروع يراوح مكانه خلال السنوات الماضية بسبب اقتطاعات مالية في إسبانيا على إثر الأزمة المالية للعام 2008 وأيضا بسبب توترات دبلوماسية متكررة بين الرباط ومدريد. وقد خصصت الحكومة الاسبانية مبلغًا ماليا ضمن ميزانية عام 2023 لتمويل دراسة جديدة ضرورية حول إطلاق إجراءات تشييد المشروع كما تم التطرق للموضوع خلال الاجتماع رفيع المستوى بين حكومتي البلدين في الرباط في 2 فبراير/شباط. وقالت وزيرة النقل الإسبانية راكيل سانشيز في بيان أثناء هذا الاجتماع "سوف نعطي دفعة لتسريع الدراسات"، معلنة أيضا استئناف اجتماعات اللجنة المشتركة بين الشركتين المكلفتين بالمشروع الذي يواجه بالأساس مشكلة تقنية تتمثل في أن مضيق جبل طارق يقع على حدود الصفيحتين التكتونيتين الأوروبية والإفريقية وهي منطقة جيولوجية معقدة تتخللها مقاطع طينية غير مستقرة فضلا عن تيارات بحرية عنيفة. ويرى الباحث كلاوديو أولالا أن نوعية التربة سيئة لا علاقة لها بالأحجار الكلسية التي توجد تحت بحر المانش، معتبرا أن الظروف التقنية لا تلائم إطلاقا إقامة هذا النفق. ومن شأن هذا أن يرفع كلفة المشروع التي لم يتم تحديدها حتى الآن بدقة ويضيف أولالا "على المستوى التقني يمكن تجاوز هذه العقبات، لكن السؤال المطروح يتعلق بمدى نجاعته الاقتصادية". وينضاف إلى هذه العوائق احتمال إبداء تردد من جانب الاتحاد الأوروبي بسبب المخاوف من أن يستغل المشروع في الهجرة غير النظامية وهي مخاوف يقول رعاة المشروع إنه لا أساس لها. وتجعل هذه العقبات احتمال إطلاق المشروع ضعيفا على المديين القصير والمتوسط لكن أولالا يقول "أعتقد أنه سيرى النور في النهاية، لكن ليس بالضرورة غدا".

مشاركة :