أتتهُ الخلافةُ منقادةً إليه تُجرجرُ أذيالها فلم تَكُ تصلُحُ إلا لهُ ولم يَكُ يصلُحُ إلاَّ لها ولو رامها أحدٌ غيرُه لزُلزلت الأرضُ زلزالها يومٌ تاريخي مشهود لا يُنسى أبدا عندما وقف سمو الشيخ صباح الأحمد في 29 يناير 2006 تحت قبة البرلمان ليؤدي اليمين الدستورية حاكماً وأميراً للكويت ، ففي مثل هذا اليوم قبل عشر سنوات تولى سمو الشيخ صباح الأحمد مسند الإمارة ومقاليد الحكم وحظيَ بتأييدٍ شعبيٍّ ورسميٍّ كبيرٍ عندما بويع بالإجماع من قبل أعضاء السُّلطتين التنفيذية والتشريعية أميراً للبلاد ليصبح بذلك أولَ أميرٍ منذ عام 1965 يؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة الكويتي . وقد بدأت مسيرة سموِّه مع العمل السياسي الخارجي والدبلوماسية في عام 1963 م وقد برع فيها ليستحق عن جدارة لقب مهندس السياسة الخارجية الكويتية وعميد الدبلوماسيين في العالم بعد أن قضى أربعين عاما على رأس تلك الوزارة المهمة قائدا لسفينتها في أصعب الظروف والمواقف السياسية التي مرت على الكويت وبذل سموه طوال سنوات قيادته لوزارة الخارجية جهداً كبيراً في تعزيز وتنمية علاقات الكويت الخارجية مع مختلف دول العالم وخصوصا الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن. وشهدت البلاد نتيجةً لذلك استقراراً في سياستها الخارجية وثباتاً اتضحت آثاره في الثاني من أغسطس عام 1990 عندما وقف العالم أجمع مُناصراً للحق الكويتي في وجه العدوان العراقي الغاشم . ولم تقف مسيرة نجاحات سمو الشيخ صباح الأحمد عند محطة السياسة الخارجية فقط وإنَّما استمر هذا العطاء والنجاح بعد توليه قيادة دفة السياسة الداخلية للبلاد فقد حرص سموه من اللحظات الأولى لتوليه منصب رئاسة الوزراء على تبنِّي رؤية شاملة وعميقة للتنمية في الكويت شملت مختلف قطاعات الدَّولة وعلى رأسها القطاع الاقتصادي فقام سموه بتشجيع القطاع الخاص وفتح فرص العمل الحُرِّ أمام الشباب الذين يضعهم سموه في مقدمة اهتماماته ورعايته من خلال دعم المشروعات الصغيرة ونتيجة لهذا الاهتمام بتنمية القطاع الاقتصادي في الدولة قام سموه عام 2004 بجولة آسيوية على رأس وفد اقتصادي رفيع المستوى شملت الصين واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة حيث تمكن من عقد 10 اتفاقيات وبروتوكولات ومشاريع اقتصادية ضخمة مع هذه الدول . وفي يناير عام 2006 اجتمع مجلس الوزراء واتخذ قرارا بالإجماع بتزكية سمو الشيخ صباح الأحمد أميراً للبلاد وفقاً للمادة 3 من قانون توارث الإمارة الصَّادر عام 1964 وانطلاقاً من هذا القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء ومن مبايعة أسرة الصباح الكرام عُرضَ الأمرُ وفقاً للدستور على مجلس الأمة الذي عقد جلستين يوم الأحد 29 يناير 2006 خصصت الأولى لتلقِّي مُبايعة أعضاء مجلس الأمة لسمو الشيخ صباح الأحمد أميراً للبلاد فيما أدَّى سموُّهُ خلال الجلسة الثانية اليمين الدستورية أمام المجلس بحضور جميع أعضاء مجلس الوزراء . وشهدت البلاد خلال السَّنوات العشر من تولي سُموه الحكم نهضةً تنمويةً شاملةً تركَّزت على مجموعة من المشروعات الضخمة ، أمَّا على الصعيد الخارجي فقد تبوأت الكويت بفضلِ سياسات سمو الأمير ورؤيته الحكيمة الثاقبة القائمة على تولي زمام المبادرات في العمل الخيري الإنساني مركزاً مرموقاً بين دول العالم خلال السنوات العشر الماضية استحقت عليه أن يتم اختيارها من قبل الأمم المتحدة ( مركزاً للعمل الإنساني ) وتسمية سمو الشيخ صباح الأحمد ( قائدا للعمل الإنساني ) لا سيَّما بعد أن استضافت الكويت المؤتمر الدولي للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سورية لثلاث دورات متتالية على أرضها معلنة تبرعها السخي بمئات الملايين لإغاثة اللاجئين السوريين في دول جوار سورية ، كما استضافت الكويت في عهد سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح القمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية العربية الأولى في يناير 2009 التي شهدت أول مبادرة تنموية عربية طرحها سمو أمير البلاد متمثلة بإنشاء صندوق لدعم وتمويل المشروعات التنموية الصغيرة والمتوسطة في الدول العربية برأسمال قدره (2) مليار دولار تساهم الكويت فيه بحصة تبلغ 500 مليون دولار. كما استضافت الكويت في ديسمبر 2013 قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في دورتها الـ 34 ومنتدى حوار التعاون الآسيوي الأول في أكتوبر 2012 الذي أعلن صاحب السمو خلاله تبرع الكويت بمبلغ 300 مليون دولار لمصلحة برنامج تمويل مشروعاتٍ إنمائية في الدول الآسيوية غير العربية. وفي نوفمبر 2013 استضافت الكويت القمة العربية الإفريقية الثالثة التي حضرها رؤساء وممثلو ما يقارب 60 دولة حيث أعلن سموه في كلمته الإفتتاحية للقمة عن توجيه المسؤولين في الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية بتقديم قروض ميسرة للدول الافريقية بمبلغ مليار دولار على مدى السنوات الخمس اللاحقة. وعلى الرغم من كل ما سبق ذكره من إنجازات تفخر بها الكويت والكويتيون إلا أنها تبقى قليلة في مُجملِ إنجازات سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد حفظه الله فقد كانت الكويت وما زالت وستبقى أولى اهتمامات سموه فأخلص لها وكرس حياته لخدمتها والوفاء لها وقد قال في أول خطاب له بعد تولي سموه الحكم : (الكويتُ تاجٌ على رؤوسنا وهوى مُتغلغلٌ في أعماق أفئدتنا ) . عبدالله الهدلق
مشاركة :