يواصل عمال الإنقاذ في تركيا وسوريا في أجواء البرد الشديد، جهودهم بحثا عن ناجين تحت الأنقاض مع تضاؤل فرص إنقاذهم بعد مرور ثلاثة أيام على الزلزال، فيما يعاني الناجون من ظروف قاسية، حسب تقارير من عين المكان. الطقس الشتوي القارس ضاعف من معاناة الناجين وصعب عمليات البحث والإنقاذ تدنت الحرارة باكرا صباح الخميس (التاسع من شباط/فبراير 2023) في مدينة غازي عنتاب إلى خمس درجات تحت الصفر، وبالرغم من البرد لا تزال آلاف العائلات الناجية من الزلزال العنيف الذي ضرب تركيا تنام في سياراتها وفي خيم مرتجلة خشية العودة إلى منازلها أو لأنها منعت من ذلك، حسب تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية (أ ف ب). يعبر أهل حاملين أولادهم الملفوفين بأغطية لحمايتهم من البرد الشديد في شوارع غازي عنتاب، المدينة القريبة من مركز الزلزال الذي ضرب البلد الإثنين وتخطت حصيلته 17500 ألف قتيل في تركيا وسوريا المجاورة. وحظرت سلطات المدينة على آلاف السكان العودة إلى مبانيهم التي تعتبر خطيرة بسبب الهزات الارتدادية التي تضرب المنطقة يوميا. ويعبق الهواء بدخان عشرات النيران التي أشعلت، ووفرت المتاجر، للعائلات صناديق خشبية لإحراقها. وقرب قلعة غازي عنتاب التي تعود إلى القرن السادس ولحقت بها أضرار جسيمة جراء الزلزال، تشكو عائلات معدمة من أن السلطات لم تقدم لها أي مساعدة. وأقام الناجون ملاجئ مرتجلة بواسطة شوادر وألواح خشب رماها آخرون. وفي أنطاكية بمحافظة هاتاي، يتجمع ناجون آخرون في موقف أكبر فنادق المدينة للكشف على الجثث الممددة الواحدة جنب الأخرى. وعددت وكالة فرانس برس مساء الأربعاء حوالى مئتي جثة بعضها ملفوفة بأغطية فقط، وضعت من جانبي صف الخيم التي ينشط فيها عناصر طبيون قدموا من جميع أنحاء البلد وبعضهم حتى من الخارج. وقضى ما لا يقل عن 3356 شخصا في محافظة هاتاي وحدها، أي ثلث الضحايا الذين عثر على جثثهم حتى الآن في تركيا وعددهم 14351 قتيلا على الأقل، بحسب آخر حصيلة. وازاء حجم الكارثة، لم يعد هناك مساحة متبقية في موقف السيارات الشاسع، فوضعت سبع جثث عند أسفل حاوية تطفح بالنفايات. وعل مسافة ثلاثين مترا، لا يزال المستشفى الضخم من الإسمنت والزجاج قائما غير أن التصدعات الضخمة التي يمكن رؤيتها رغم عتمة الليل على أحد جوانب المبنى دفعت السلطات لإخلائه. ويتم نقل الجرحى إلى الخيم الحمراء والبيضاء الموزعة على ثلاث مجموعات من ألوان مختلفة طبقا لخطورة الإصابات. ونقل العديد من الجرحى في مروحيات إلى مستشفيات قاومت الهزات، ولا سيما في أضنة. أما القتلى، فينتهي بهم الأمر على الأسفلت. وفي سوريا، بلغت حصيلة الضحايا حتى الآن 3162 قتيلا حسب السلطات السورية ورجال الإنقاذ في مناطق المعارضة. وفي المناطق التي تأخر وصول المساعدات إليها، يشعر الناجون بأنهم مهملون. في جنديرس الواقعة في منطقة تسيطر عليها فصائل المعارضة في سوريا "حتى المباني التي لم يؤد الزلزال إلى انهيارها أصيبت بأضرار بالغة"، على حد قول حسن أحد السكان، الذي طلب عدم ذكر اسم عائلته. واضاف أن "هناك بين 400 و500 شخص عالقون تحت كل مبنى منهار يحاول عشرة أشخاص فقط إخراجهم ولا تتوفر آليات". في قرية بسنايا على الحدود مع تركيا، يزيل مالك إبراهيم الأنقاض بلا كلل بحثًا عن ثلاثين من أفراد عائلته عالقين تحت الأنقاض. وقد تم انتشال عشر جثث حتى الآن. وقال هذا الرجل البالغ من العمر 40 عاما "هناك عشرون شخصًا عالقين تحت الأنقاض. ليست هناك كلمات تكفي.. إنها كارثة. ذكرياتنا دفنت معهم". وأضاف "نحن شعب منكوب بكل معنى الكلمة". ا.ف/ ع.ج.م (أ.ف.ب)
مشاركة :