دريد لحّام.. شاعراً إيرانياً

  • 1/31/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

باع دريد لحّام كل تاريخه الفني والثقافي بسرعة من يهرول إلى الجحيم من دون أن يلتفت قليلاً إلى ماضيه وتراثه الذي تشبّع به أكثر من جيل من شرقي الوطن العربي، وحتى مغربه، ليتبين أن الرسالة الفنية والأخلاقية التي ملأ بها وجداناتنا العربية هي مجرد قشرة أو مجرد قناع سرعان ما تكشف عن وجه شوّهته السياسة، ويتناقض تماماً مع المحتوى الأدبي والفكري والنقدي الذي كانت تحمله مسرحياته التي كان عمودها الفقري الشاعر الراحل المبدئي والأخلاقي والمنسجم مع نفسه ومع قناعاته محمد الماغوط. سقط دريد لحّام في وحل السياسة من دون أن يكون ذلك مطلوباً منه، فهو فنان أولاً وأخيراً، والفنان بطبعه كينونة مستقلة، وكلما ارتفعت صورته المستقلة هذه زاد احترام الناس له، واحتفظوا أكثر بتاريخه وبشخصيته، والاستقلالية في ظروف سياسية معقدة ودموية لا تكلف أثماناً باهظة، إلا إذا كان الفنان في شيخوخته أو ما يسمى أرذل العمر رمى بنفسه إلى اللامبالاة والمنفعة والمصالح الفردية الضيقة. سقوط دريد لحّام، وركوعه البائس أمام الخامنئي الإيراني، وتحوله الكوميدي إلى شاعر إيراني مدّاح مفاجأة قاسية لجيل عربي صفق وغنى وضحك وبكى في مسرحية كاسك يا وطن. اقرأ ماذا يقول الشاعر الإيراني دريد لحّام أمام الخامنئي: .. في روحك القداسة، في عينيك الأمل، في يديك العمل، وفي كلامك أمر يلبّى.. ومن يدقق في هذه العبارات جيداً يستشف دلالاتها المرجعية الفكرية والمذهبية ليس بلغة السياسة، ولكن بلغة المرجع من باب تقديسه والجلوس على الأرض أمامه، وقريباً من جلبابه الذي يغطي حذاءه. ثم، يواصل الشاعر المتصوّف دريد لحّام العزف على لغة القداسة هذه قائلاً للخامنئي: ازدادت قدسية ترابنا بارتقاء بعض رجالاتك إلى سمائها. هذا التقديس للمرجع الإيراني هو الذي يستوقفك ويطرح عليك الكثير من الأسئلة والشكوك، ويدفعك رغماً عنك للتوقف عند مثل هذه اللغة غير البريئة مطلقاً في إحالاتها وإرجاعها إلى جذرها الثقافي الإيراني الفارسي، وهذا هو الخطير في كلام فنان مثقف من المفترض أنه يدرك جيداً ما يقوله، وبخاصة أنه يعرف أن هذه الإشارات المرجعية الدينية الثقافية لن تقال في غرفة مغلقة تحت حذاء الخامنئي، بل، سوف يتناقلها الإعلام. قراءة جملة الشاعر الإيراني الفارسي دريد لحّام في جلباب الخامنئي، يجب أن يتم التمهل في تحليلها النفسي والتاريخي، وهذا الأمر أعتقد أنه لن يمر مرور الكرام من المتخصصين في هذا الشأن الثقافي الأكثر دراية من أصحاب التعليقات الانفعالية السريعة. من حق دريد لحّام أن يؤيد النظام في بلده سوريا، كما من حق غيره أن يؤيد المعارضة. إلى هنا نعتقد أن من حق الإنسان أن يؤمن بالرأي والرأي الآخر. لكن هذه القفزة المباغتة من القلب السوري النابض بالعروبة إلى قلب إيراني وبخشوع مبجّل وانحناء بل وحنان وحنوّ (شعري) فيه من البلاغة والتركيز والثقة ما يدفع إلى الريبة مسألة فيها نظر كما يقولون. yosflooz@gmail.com

مشاركة :