لندن - مراقبون يفصحون عن "استماتة" كل من "الولايات المتحدة" "وإيران" في الدفاع عن تقاربهما، يرجّح فرضية وجود صفقة سرية دفعت إلى التغير المفاجئ في موقف كل طرف من الآخر، بعد سنوات من العداء والتراشق. هؤلاء اعتبروا دوافع إيران في التطبيع مع الولايات المتحدة تبدو مبررة بالرغبة في الخروج من العزلة، والتخلص من العقوبات، لكن ما يظل محل تخمين هو المقابل الذي ستتقاضاه واشنطن ويجعل أوباما يهدد باستخدام كل سلطاته لمنع فرض عقوبات جديدة على إيران. البيت الأبيض كان قد أعلن فى وقت سابق أن أوباما سيستخدم حقه في تعطيل قرار بفرض عقوبات جديدة على إيران قد يتخذه الكونغرس، داعيا إلى عدم تقويض الاتفاق المرحلي المبرم في نوفمبر الماضي حول برنامج طهران النووي. هذا التحذير النادر جاء بعد رفع 26 سيناتورا من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري مشروع قانون يهدف إلى تشديد العقوبات على طهران بسبب برنامجها النووي إذا فشلت المفاوضات الحالية. وعلى الجانب الإيراني علمت "العرب" من مصادر إيرانية رفيعة المستوى أن وزير الخارجية محمد جواد ظريف أبلغ نظيره الأميركي جون كيري الذي كان قد اتصل به هاتفيا أن قرارا إيرانيا اتخذ بالإجماع داخل المجلس الأعلى للأمن القومي، الذي يترأسه الرئيس حسن روحاني وحظي بتأييد المرشد الأعلى علي خامنئي، بالمضي في تطبيق اتفاق جنيف النووي مع القوى الكبرى، والتعاون مع واشنطن في كل الأزمات الإقليمية والدولية وفتح حوار مباشر معها حول استئناف العلاقات الثنائية المقطوعة منذ أبريل1980. وتوقع مراقبون أن يكون تعاون إيران مع الولايات المتحدة في ملفات وقضايا إقليمية، جزءا من الصفقة التي يصفونها بـ"السريّة". ورشحت معلومات عن أن طهران أظهرت لواشنطن أنها مستعدة للوصول بالتعاون إلى حد تخلّيها عن دعم نظام بشار الأسد في سوريا والمساعدة في تفكيك حزب الله في لبنان، وعدم استئناف الدعم المتوقف لحــركة حماس. طهران تلعب بورقة التهديد بمزيد تطرف المجتمع الإيراني، وسقوط مسيرة "الاعتدال" التي بدأت مع روحاني. المصادر تؤكد أن ظريف حذّر كيري من أن بلاده ستتجه إلى خانة المزيد من التطرف ولا تملك غير ذلك وأن العقوبات الجديدة ستجعل لغة الاعتدال باهتة في الداخل الإيراني حيث يُصعّد المتشددون من انتقاداتهم للاتّفاق النووي رغم أن المرشد خامنئي باركه وأيّده. مراقبون يقولون إن تشبث إيران بالتطبيع مع الولايات المتحدة تجلى من خلال عودتها إلى المفاوضات بشأن النووي على مستوى الخبراء رغم إقرار عقوبات أميركية جديدة. وكانت جولة المفاوضات السابقة بين خبراء الجانبين وفق "العرب اللندنية " قد عقدت في العاصمة النمساوية فيينا في التاسع من كانون الأول/ ديسمبر الجاري ولمدة 4 أيام. لكن تلك الجولة من المفاوضات توقفت إثر الإجراء الأميركي الأخير بإضافة أسماء شركات وأشخاص جدد إلى لائحة العقوبات الأميركية المفروضة ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، مما جعل الوفد الإيراني يعود إلى طهران. يوم الثلاثاء التقى "عراقجي " في بروكسل المنسقة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاترين أشتون بناء على طلبها، حيث اتفق الجانبان على استئناف المفاوضات على مستوى الخبراء. وفى نفس السياق يحذر البيت الأبيض من فرض عقوبات جديدة على إيران، وقال المتحدث باسمه إن مشروع قانون لفرض عقوبات جديدة على إيران من شأنه أن يعطل الدبلوماسية الرامية لمنع طهران من صنع سلاح نووي. وأضاف أن العقوبات يمكن فرضها سريعا إذا فشلت جهود التوصل إلى اتفاق. وقال المتحدث جاي كارني "لا نعتقد أن الوقت الحالي مناسب لأن يفرض الكونغرس أية عقوبات إضافية جديدة.. من المهم جدا الامتناع عن أي عمل قد يعطل فرصة الحل". ومضى يقول "لا نعتقد أن هذا التحرك ضروري. لا نعتقد أن القانون سيُسَنّ. إذا حدث ذلك فإن الرئيس سينقضه".
مشاركة :