منصور نظام الدين: مكة المكرمة :- أم فضيلة الشيخ الدكتور بندر بن عبدالعزيز بليلة – امام وخطيب المسجد الحرام- في خطبة اليوم الجمعة التاسع عشر من شهر رجب الحالي 1444 هجرية -; بالمسجد الحرام وأكد فضيلته :بان أشرف ما في الإنسان قلبه، وهو سيد أعضائه وقائدها، وصـلاح قالبـه بصلاح قلبه، وفساده بفساده، عن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صل الله وعليه سلم قال : (إن) في الجسد مضغة إذا صلَحَت صلح الجسد كله، وإذا فَسَدَت فَسَدَ الجسد كله، ألا وهي القلب) أخرجه البخاري ومسلم. واضاف فضيلته : القلب مصدر القوة، ومستقر الروح، ومستودع الإيمان، وهو موضع نظر الرب ومحل رضاه، وهو عدة لصاحبه إن سلم يوم الوفود على مولاه، قال سبحانه: (يوم لا يَنفَعُ مال ولا بنون ، إِلَّا مَن أتى الله بقلب سليم ، وقال النبي : (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) أخرجه مسلم. وأشار فضيلته : تعاهد القلب ورعايته، وإصلاحه وتطهيرة ووقايته واجب محتم، وأمر عند الله معظم ، وبه فوز العبد ونجاوه، وسعدة وهناؤه، وهل النعيم إلا نعيم القلب؟ وهل العذاب إلا عذاب القلب ؟! ألا وإن لذلك وسائل وأسبابا، وطرقا وأبوابا، فأولها وأولاها: الإخلاص لله تعالى بأن يعلق العبد قلبه بربه سبحانه، ويكون له قوله وعمله وتركه ويبرأ مما سواه من المخلوقات. ومما يُصلح القلب فعل الطاعات، من فرائض وواجبات ومستحبات فإنها تنور القلب وتجلوه، وتثبته وتقويه، وبضدها المعاصي والذنوب؛ فإنها تُظلِمُ القلب وتغويه، وتمرضُهُ وترديه قال المصطفى : تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا، فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفاء فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا، لا يعرف معروفًا ولا يُنكر منكرًا إلا ما أشرب من هواه، أخرجه مسلم. وأضاف فضيلته: ذكر الله جلاء للقلب وروح يحيا به، ونور يستضيء بقبسه، وهو له كالغذاء للجسد، والماء للزرع، قال الله سبحانه: ألا بذكر الله تَطْمَئِنَّ القُلُوبُ، وجاء رجل إلى النبي فقال: يا رسول الله: إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبْتُ (به) فقال عليه الصلاة والسلام: (لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله، أخرجه أحمد والترمذي وحسنه. ومَن عُمَلَ أو ألم بخطيئة فل يلجهم بالاستغفار: فإنه ممحاة للذنب، ومطهرة للقلب، قال الحق سبحانه: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أَنفُسَهُم ذَكَرُوا الله فاستغفروا لذُنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يُصِرُوا عَلَى مَا فَعَلُوا وهم يعلمون). وقال النبي عليه الصلاة والسلام: إنه ليغان على قلبي. وإني لاستغفر الله في اليوم مئة مرة) أخرجه مسلم. وتابع :وإذا أقبل العبد على القرآن تلاوة وعملاً وتدبرا رق قلبة وراق، وحفه الخير والضياء والإشراق، كيف لا وكتاب الله هو الهدى من الضلالة والمبدد لظلم الجهالة، وهو الشفاء من الأسقام البدنية والقلبية والعصمة في الأمور الدينية والدنيوية (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربِّكُم وَشِفَاء لِمَا فِي الصُدور وهدى ورحمة للمؤمنين). لله في أكوانه آيات ظاهرات، ومعجزات باهرات تشهد بعظمة الخالق وجمال الخلق. وتدعو إلى التدبر والتبصر واليقين. ألم تروا إلى هذه الأرض التي منها تخلقون، وعليها تعيشون، وعلى ظهرها تدرجون، وفي بطنها تدفنون؟ جعلها الله بساطا ومهاذا وقرارا، وقدر فيها الأرزاق والأقوات إنعاما منه وإفضالا واقتدارا، ثم شاء سبحانه فزلزلها إعذارا وإنذارا (ولقد مكناكم في الأرض وجَعَلنا لكم فيها معايش، والله الذي جَعَلْ لكم الأرض قرارا، وهو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشورة. ألا إن تزلزل الأرض مدعاة لتزلزل القلب ويقظته ولينه بعد قسوته، تعظيما لله ووقارا، وإخباثا له وانكسارا، وبعدا عن مناهيه وتلمسا لمراضيه. لقد فجع الناس بما جرى في بعض ديار المسلمين من الزلازل المدمرة. والرجفات المروعة ولله سبحانه الحمد على ما قدر وقضي، يبتلي بالسراء والضراء، ويختبر في المنع والعطاء، ويعد الصابرين بالرحمة والهدى والصلوات. وله الحكمة البالغة والرحمة السابقة في البلايا والمصيبات، وإنا لنرجو منه سبحانه أن يجعل أولئك المنكوبين في حذره وضمانه، وكنفه وإحسانه، وأن يشفي مرضاهم ويداوي جرحاهم ويرحم موتاهم. ولقد كانت هذه البلاد المباركة المملكة العربية السعودية خير معوان في هذا المصاب الجلل، فمدت أيادي العون والعطاء، وغدت للمضرورين منه روض خير وسحاب ندى، فشكر الله لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده – ما أمرا به ووجها، وأحسن إليهما، وأجزل لهما الأجر والثواب ولا يفتكم أيها الموفقون أن تصيبوا من هذا الخير برفد المصابين في ذاك الحدث ومساعدتهم من خلال الجهات الرسمية، والله في عون العبد ما كان العبد ما في عون أخيه.
مشاركة :