# قصة_قصيرة الصحفي: لماذا تريد الانضمام إلى داعش؟ الطفل: لأن نظام الأسد قتل أخي ورفيقي. الصحفي: لكن أنت صغير على حمل السلاح؟ الطفل: الكل يحمل السلاح وأنا أريد حمله. الصحفي: وإذا قال لك أبوك لا تحمل سلاحا؟ الطفل متجهما: سأقتله. الصحفي: لكن حرام تقتل أباك؟ الطفل: «لا.. الوالي قال لنا حلال». ما سبق جزء من محادثة صحافية أجرتها «عكاظ» مع طفل أحب باعتزاز أن يطلق على نفسه كنية «أبو الليث» ليكون لقبه حسب أعراف تنظيم داعش، اللافت أن الطفل لم يتجاوز الـ12 عاما من عمره في قرية حريتان في ريف حلب. لقد قرر الالتحاق بتنظيم داعش ولم تتمكن أي قوة على الأرض من إقناعه أن ما يقدم عليه نهاية لبراءته. في الحالة السورية المعقدة، لا يمكن تحديد أو توصيف الحالة التي يتم بموجبها تجنيد الأطفال، فالعوامل متداخلة، منها النفسية والاجتماعية والدينية ومعطيات أخرى، لكن الثابت بين كل هذه المعطيات هو طريقة الجذب للأطفال باعتبارهم هدفا إستراتيجيا يوليه تنظيم داعش كل الاهتمام. ويقول المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية ومؤلف كتاب («داعش»: داخل جيش الرعب) الباحث حسن حسن إن تنظيم داعش على قناعة أن الأطفال هم الفئة الوحيدة التي ستمكنها من البقاء طويلا في سوريا والعراق، «وهم يعتقدون أيضا أن الأجيال الحالية هي نتاج الأنظمة الفاسدة في سورية والعراق، لذا لا بد من تأسيس جيل على طريقتهم، حيث يمكن غسل عقول هؤلاء الأطفال وتحويلهم إلى جيل المستقبل ونواة لجيش الخلافة المزعومة». تبدأ عملية «الغسل» من المدارس الدينية التي يؤسسها التنظيم في كل مكان يحل فيه، هذه المدارس يتولاها من حيث الإدارة رجلان، الأول شخصية اجتماعية محلية موالية للتنظيم أو كما يعرف «بايع» دولة «الخلافة» والشخصية الثانية في أغلب الحالات تكون ما يطلق عليه التنظيم «بالمهاجرين» -هؤلاء هم أصحاب القرار الحقيقي في التنظيم- ويستعينون بالشخصيات المحلية لإضفاء الثقة والشرعية على عملهم وأساليبهم. التجنيد الفكري يبدأ من هذه المدارس، وهي ذات بعد أمني واستخباراتي بحت، بحيث يستجوبون الأطفال بطريقة غير مباشرة عما يدور في الأسرة من نقاشات وانطباعات حول التنظيم ومعرفة من هو مؤيد ومناهض له وبالتالي دراسة المجتمع باعتبارهم غرباء، بحسب حسن. ويزيد أن التجنيد لا يكون إجباريا، وإنما بطريقة «الغواية» والتأثير خصوصا من ناحية التباهي بالسلاح وارتداء الزي التقليدي للإرهابيين ذوي الطبيعة «الأفغانية»، ويؤخذ هؤلاء الأطفال إلى ميادين التدريب للمشاهدة، «وهناك تبدأ عملية التأثير النفسي وشحن روح التمرد والتغذية على العنف». ويشير حسن إلى أن التنظيم يروج لفلسفة خطيرة وهي اعتبار الآباء فاسدين وبالتالي لا يجب أن يكون لهم تأثير على أبنائهم، وهي نقطة ذات بعد نفسي «إذ إن الأبناء عادة ما يحبون التمرد على سلطة الأسرة وبالتالي فهم صيد سهل لشبكة التنظيم المتوغلة في تفاصيل المجتمع، وبالفعل نجحت داعش في تجنيد عديد من الأطفال وإرسالهم إلى الخطوط الأمامية في العراق وسورية». ويوضح أنه في الإستراتيجية «الداعشية» يأتي تجنيد الأطفال في المرحلة الثانية، لأن المرحلة الأولى هي «جس» نبض المجتمع والتوغل في تفاصيله، بيد أنه حين يقرر الطفل «المبايعة» دون معرفة أهله يكون ذلك عقد تملك للطفل ويصبح ملكا للتنظيم لا يحق للأب أو الأم الاعتراض، بل أصدر التنظيم «فتوى» تجيز للطفل قتل أبيه أو أمه لو رفضا انضمامه إلى داعش. ولأن تجنيد الأطفال سلوك لم يعتد عليه السوريون حتى في حربهم مع نظام الأسد، عمد «المهاجرون» (المقاتلون الأجانب في صفوف التنظيم الإرهابي) إلى إنشاء معسكرات تدريب خاصة بأبنائهم بحيث تكون مصيدة للأطفال الذين انتهت المدارس من حياتهم بين طواحين الحرب. وفي الآونة الأخيرة طور داعش من أساليب غسل الأدمغة لدى الأطفال، وخصص فرقا خاصة من أجل تأهيلهم للذبح وجز الرؤوس، كانت البداية بالقتل بالرصاص في ريف اللاذقية، عندما أقدم طفل «مهاجر» على قتل أحد أسرى النظام، إلى أن انتهى الأمر بمذبحة تدمر، عندما اصطف الأطفال وهم يحملون السكاكين خلف الأسرى ليبدؤوا عملية الذبح الجماعي. ورجوعا للطفل أبو الليث الذي لم يتجاوز الـ12 عاما، أبلغ ناشطون «عكاظ» أنه قتل والده بالفعل بثلاث رصاصات وجهها إلى رأسه، بعد ممانعة والده من الانخراط في التنظيم والتورط في إرهابه، وهذه ليست المرة الأولى التي يفعلها أطفال داعش.
مشاركة :