التضخم أحد المعضلات الاقتصادية التي يمكن أن تحصل للاقتصاد، ورغم أن التضخم يمتد في الأغلب لفترة ليست بطويلة، إلا أنه بعد أن تم فك العملات الورقية بالدولار أصبح التضخم داء مستديما، بمعنى أن تضخم الأسعار قد يتحرك في فترة قصيرة، لكن تبقى الأسعار الجديدة أقرب إلى الثبات منها إلى الانخفاض، أي إنه من خلال النظر إلى الارتفاعات في الأسعار تجد من النادر أن أسعار السلع تعود إلى المستويات السابقة، فالأغلب أن الأسعار قد تنخفض قليلا، لكن لا تعود إلى المستويات السابقة بما أن هذه السلع ما زالت الحاجة إليها قائمة ولم يتم إحداث تطورات تقنية تزيد من كميات الإنتاج بتكاليف أقل، أو وجود متغيرات فعلية ولذلك من المهم على المستهلك التفكير بالطرق الصحيحة في الحد من أثر التضخم فيه ومن ذلك: أهمية التفكير بتطوير المهارات والتعليم المستمر وأن هذه المهارة لها قيمة تنعكس على مدخول الفرد المادي، ومن الجيد أن تكون هذه المهارات أكثر اتساقا مع هوايات ورغبة الفرد، لأن التعليم سيتحول إلى متعة، وبالتالي احتراف وتميز وعائد مالي عال، ومن الملاحظ الآن وفي ظل اتساع حجم السوق وتنوع الاهتمامات وسهولة الوصول إلى المستفيدين، أصبحت المهارات التي كان البعض لا يعطي لها قيمة ذات عائد مادي، فأي مهارة أو هواية يهتم لها شخص سيجد له مهتمين كثرين في العالم والتواصل معهم أصبح أكثر سهولة من ذي قبل وعنصر اللغة لم يعد حاجزا في التواصل، وتقدم الفرد في الخبرة والتجربة سيزيد من عدد المهتمين بتجربته وخبرته، ويمكن أن يحولها إلى قيمة اقتصادية، ولذا نجد أن الحكومات تهتم بهذه المواهب والمهارات من خلال إنشاء أندية مختصة وملتقيات دورية وقيمة اقتصادية وجزء رئيس من مخرجات جودة الحياة، ولذا نجد أنه منذ البدء في برنامج رؤية المملكة 2030 كان الاهتمام بالمواهب وتنميتها وتحويل ذلك إلى قيمة اقتصادية بارزة. في الظروف التي يمر بها المجتمع بحالة من التضخم يلجأ المستهلك إلى بعض القرارات المختلفة، وذلك بحسب تأثير التضخم فيه وفي قناعاته، ولعل أحد القرارات التي يجب أن يعاد النظر إليها هو البحث عن البدائل الأرخص بغرض الضغط على المصنعين الآخرين لتخفيض الأسعار، وفي خلال هذه الفترة تتحول الاختيارات فعلا إلى منتجات أرخص سعرا، لكن في كثير من الأحيان أقل جودة وبالتالي وفي حال واجهت الشركات التي تقدم منتجات أعلى جودة صعوبات في الأسواق التي بدأ الناس في ترك منتجاتها، فقد تلجأ إلى خيارات منها عدم الاهتمام بهذه الأسواق أو تقديم منتجات من الصنف نفسه، لكن بأقل جودة، ما قد يضر بالمستهلكين حتى من الناحية المادية، فلو افترضنا أن البعض اختار نوعا من السيارات الأقل جودة سيكون لذلك أثر فيما يتعلق بصيانتها وكذلك إعادة البيع، كما أن اللجوء إلى المنتجات الرديئة سواء الأطعمة أو التجميل أو غيرها سينعكس على صحته، ولجوء الشركات الجيدة إلى توفير منتجات أقل جودة في السوق بغرض استمرار المنافسة، لا شك أنه غير جيد، ولذلك فإن العمل على تخفيض التكاليف بالتخلص من الصرف بشكل أكبر على الكماليات، فإنه أولى من التحول إلى المنتجات الأقل جودة. التضخم قد يولد عادات جيدة ومن الممكن أن يكون لدى الشركات والمنتجين أيضا دور فيها، ومن ذلك نجد أنه في بعض الأحيان يكون المستهلك بحاجة إلى منتج، لكن هذا المنتج يقدم في الأغلب مع إضافات تزيد من القيمة مثل الوجبات التي تقدم في المطاعم، رغم أن المستهلك يهدف إلى شراء الطبق الرئيس أو الساندويتش مثلا والمشروب، والإضافات إلى الوجبة قد لا تكون أولوية للمستهلك، بل يمكن أن يستبدلها ببديل صحي أو غير ضار، وفيما يتعلق بالشركات، فبالإمكان إعادة النظر في طرق التغليف والتعبئة والعرض والتكاليف على الإعلانات، لتتحول إلى خصم في القيمة لمصلحة العميل، ففي هذه الفترات سيكون العميل الذي يرضى عن السعر أكبر مسوق للمنتج في ظل اهتمام عموم المجتمعات بمسألة الأسعار. الخلاصة، إن التضخم مشكلة فيما يظهر أنها مستعصية على الاقتصاد ولذلك مهم أن يفكر الفرد بطريقة مختلفة حيث يرفع هو أيضا من قيمته اقتصاديا، ويهتم بتنمية المهارات التي يمكن أن يحولها إلى منفعة مالية له من خلال التعليم والتدريب والقراءة والمتابعة للمبدعين، خصوصا في مجال اهتمامه أو هواياته، وفي المقابل ينبغي ألا يكون خيار المستهلك المنتجات الأقل جودة بهدف التوفير في السعر بما ينعكس على تكاليف الحياة عليه على المدى الطويل.
مشاركة :