إن هذا المهرجان حدث سنوي نعتز به أيما اعتزاز، ولم يكن نجاحه وليد صدفة، بل تحقق نتيجة إخلاص أبناء الإمارات من محبي رياضات الإبل لتراثهم ووطنهم ومجتمعهم. نعمل جميعاً في مشروعنا الوطني الذي تبنيناه منذ انطلاقة الحدث في مدينة سويحان، للارتقاء بمنظومة نشاطاته وفعالياته وبرامجه التي تتصدرها مزاينة الإبل الأصايل، لتظل هي النموذج الحي المتفرد في عرض أجمل الإبل، وتشجيع الملاك والمربين، المحافظة على سلالاتها العربية الأصيلة، وما يتبع ذلك من مسابقات ومنافسات في سباق الإبل التراثي، ومسابقات مخصصة للشعر المتعلق بمناخات المهرجان، وغيرها من أنشطة هادفة، توفر نوافذ مشرعة يطل منها أبطال هذه الرياضات على فضاءات الفرح والجوائز والاحتفاليات والمجالس التراثية والشعرية، التي تحدث بتنوعها وشموليتها تجمعاً إنسانياً فريداً بين أبناء الإمارات وأشقائهم في دول مجلس التعاون الخليجي، في إطار هذه الاحتفالية الثقافية التراثية التي أصبحت الشعار الأهم لمدينة سويحان، وهي تستقبل فرسان الصحراء، وضيوف المهرجان من كل الجنسيات والثقافات، وجمهور من كل إمارات الدولة ودول مجلس التعاون الخليجي، يفدون إلى أرض المهرجان محفوفين بكرم الضيافة، والترحيب الإماراتي المعهود، لنتشارك جميعاً في بث نسمات الفرح في جنبات المكان، ونعمل معاً بكل طاقاتنا الإيجابية لكي يخرج المهرجان إلى العالم بأبهى حلّة وصورة مشرقة، وبذلك نكون قد وضعنا أيدينا على أروع المؤشرات الإيجابية التي قدمها الماضي الأصيل من أجل تحديد معالم الطريق الواسع نحو المستقبل. لقد أثبت حسن الإعداد والتنظيم لفعاليات المهرجان، مصحوباً بجهد منضبط مسؤول من قبل اللجنة العليا المنظمة واللجان الفرعية المنبثقة عنها، أن هناك غاية يسعى إليها الجميع، تتمثل في إنجاح الحدث، والاستفادة في كل دورة جديدة من الإنجازات التي تحققت والخبرات التي تراكمت، عبر الزمان والمكان، في اتساق فكري ومنطقي لا يعرف التردد أو التراجع أو التخلخل أو الاهتزاز، لهذا نأمل ألا تتحول عناصر هذه الريادة بعد ذلك إلى مجرد مرحلة إنجاز، ثم تنتهي دلالاتها بانتهاء الفترة الزمنية للمهرجان، بل علينا العمل جميعاً متكاتفين متحابين، حتى يبقى المهرجان جزءاً حيّاً ومتجدداً وملهماً لانطلاقات تالية تنهض بها الأجيال الجديدة، لأننا لا نعمل وفق قوة آنية مؤقتة، علينا أن نكون جنوداً مجهولين في نكران الذات، مستعدين على الدوام لمزيد من العمل وفق منظومة متكاملة تحقق الارتقاء وتطوير الحدث بما ينسجم مع روح العصر وتطوره التقني، وأن نصنع على الدوام صفوفاً من الخبرات تتولى زمام الحدث الذي يعكس الصورة الحضارية لدولة الإمارات، وكيف نجحت في تحقيق المكانة الرفيعة لرياضة الهجن، وكل ما له صلة بها من الناحية التراثية والثقافية والفنية والإنسانية، لتشكل هذه الجهود في النهاية بؤرة ضوء ساطع، وقدرة هادية لحياة العلم والخبرة والتراث والعمل الوطني المثمر. منذ البداية ومنذ كان نادي تراث الإمارات فكرة تتراءى في ذهني ملامحها، كانت دعوة الوالد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) للاهتمام بالتراث وإحيائه وبناء المستقبل، فكرة تلح على أن تظهر مجسدة فاعلة في حيز الواقع والتطبيق، وكنت أرى مهمات هذا النادي تشمل تراث الإمارات كله، من الناحيتين: الجغرافية بمعنى أن يشمل عمله كل بقعة من بقاع هذا الوطن العزيز من أقصاه إلى أقصاه ومن أطرافه إلى أطرافه، ومن الناحية النوعية، بمعنى أن يشمل عمله كل أنواع التراث المادية والمحسوسة والشفهية والمحفوظة وما يتفرع عنهما من أنماط وأشكال وممارسات وتطبيقات عديدة لا تخفى على المهتمين. إن نشاط النادي قد برز بتفوق وظهرت آثاره واضحة جلية في مجال التطبيقات التراثية المحسوسة والخطاب الثقافي العقلاني المتوازن التي نشهدها حية دون انقطاع منذ إنشائه، وهو أمر نفتخر به ونسعى لكي يستمر ويتعاظم كمّاً ونوعاً. ولا يعني أن اهتمام النادي سيكون مقتصراً على هذه النشاطات، وإنما نعني أنه يجب علينا زيادة جرعة التركيز والاهتمام بجوانب التراث الأخرى من شعر شعبي وحكايات شعبية وأمثال وحكم وموروث وما إليها، وهي غاية في الأهمية والثراء الفكري والإنساني لأنها تحمل روح الشعب ونظرته إلى الحياة وتحمل هويته وفلسفته، ومن ذلك ما يحمل النادي على عاتقه من مسؤوليات كبيرة تجاه تعزيز مجالات الموروث الشعبي، والارتقاء بها بما ينسجم مع روح العصر، وإيصاله إلى كل شرائح المجتمع، ونقله إلى العالم، ضمن رؤية ثقافية ذات صلة بخطاب عقلاني مؤثر، تؤكد معادلة الأصالة والمعاصرة، اقتداء بما أرساه المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) من قواعد وثوابت تعزز فكر الموروث الشعبي، وتؤصله في صورة الهوية الوطنية التي نسعى جميعاً لأن تكون هي الشعار والهدف والاستراتيجية في كل نشاطاتنا، ومنها «مهرجان سلطان بن زايد التراثي 2015، في نسخته الجديدة، التي تترجم بامتياز رؤى واهتمامات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة (حفظه الله) نحو تفعيل وريادة لتراثنا وموروثنا حتى يبقى أصيلاً ومتواصلاً في الذاكرة الجمعية، وبخاصة ذاكرة أبنائنا من الجيل الجديد، ليكون هذا الموروث بمثابة بوصلة، تهديهم إلى برّ الأمان في مواجهة الصعاب والتحديات واختراقات الثقافة الخارجية. سلطان بن زايد آل نهيان ... المزيد
مشاركة :