رغم فداحة خسائره التي لم تحصى بشكل نهائي حتى الآن، قد يسهم الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، في ترميم العلاقة بين الجارتين، بل وفي إعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي بالمنطقة. فالوضع الإنساني الذي خلفته الكارثة، والتضامن الذي أبدته دول بينها وبين دمشق وأنقرة خلافات، قد يمهد الطريق لإمكانية التفاهم بين البلدين المنكوبين حول القضايا العالقة، عبر فتح قنوات للحوار. لكن الأولى الآن – وفق نداءات أممية ودولية – هو فتح المعابر كافة بين الدولتين، بما يسمح بإيصال المساعدات إلى سوريا. وبحسب تصريحات تركية نقلتها وكالة رويترز، تدرس أنقرة حاليا إعادة فتح معبر “يايلاداغي – كسب” الحدودي الرابط بين محافظة هاتاي التركية، ومحافظة اللاذقية الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية. لأنه وفق قرار التمديد الصادر عن مجلس الأمن في يناير الماضي ، تدخل المساعدات الدولية من تركيا إلى مناطق المعارضة السورية عبر معبر “باب الهوى” فقط. ولكن، مع تفاقم المعاناة الإنسانية جراء الزلزال، تعالت الأصوات الداعية لرفع ولو مؤقت للعقوبات السياسية والاقتصادية المفروضة على سوريا. ما جعل واشنطن تسمح بتعاملات مع دمشق تتعلق بمساعدة ضحايا الزلزال، والتي كانت ممنوعة بموجب ما يعرف بقانون قيصر. وبناء على كل ما سبق ، يحق لنا الآن أن نتساءل .. هل نحن أمام مرحلة جديدة من إلغاء قطيعة دامت عشر سنوات بين أنقرة ودمشق؟. الزلزال والتفاهمات الدبلوماسية ومن دمشق، قال خورشيد دلي، الكاتب والباحث السياسي، إن الكوارث الطبيعية وعلى رأسه الزلازل عادة ما تفتح قنوات اتصال بين الدول، خاصة الزلزال الأخير والذي فتح نافذة إنسانية قوية قد تتولد منها دبلوماسية بين تركيا وسوريا. وأضاف خورشيد دلي، في برنامج “مدار الغد” أنه يجب على كل الدول في المنطقة الدخول مرحلة جديدة من العلاقات يتم فيها معالجة التداعيات الكارثية التي وقعت، والانتقال لمرحلة جديدة وعلى رأسها العلاقات التركية السورية. كما أوضح خورشيد دلي أن الانفتاحات خلال أزمة الزلزال في تركيا وسوريا قد تكون وقتية فقط، وقد لا تتحول إلى مرحلة يمكن النباء عليها فيما بعد انتهاء كارثة الزلزال. وأبدى خورشيد دلي غضبه من عدم فتح المعابر من أجل إيصال المساعدات الإنسانية للشعب السوري. كما عبّر عن غضبه من طريقة تعامل المجتمع الدولي مع الأزمة في سوريا، واصفًا إياها بـ«العار»، على حد قوله. انهيار سور القطيعة بين سوريا وتركيا ومن إسطنبول، قال محمد زاهد غول رئيس تحرير إندبندنت تركية، إن سور القطيعة قد انهار بين أنقرة ودمشق. وأضاف زاهد غول أن 8 معابر، 6 منها تعمل في مناطق المعارضة السورية، لكن المعبرين الرئيسيين بين الحدود التركية والسورية، سيتم فتحها لمساعدة الشعب السوري جراء الزلزال. كما أوضح زاهد غول أن تركيا تريد تفاهمات ستتجلى خلال الساعات القادمة، لا سيما وان الكارثة التي ضربت البلدين تدفع نحو إعاة العلاقات بينهما. الدور الروسي لتقريب وجهات النظر ومن موسكو، قال الدكتور ألكسندر جورنوف، أستاذ العلوم السياسية بمعهد موسكو للعلاقات الدولية، إن روسيا نجحت في تقريب وجهات النظر بين أنقرة ودمشق. وأوضح ألكسندر جورنوف أن الصراع السوري التركي قديم جدًا، موضحا أن موسكو تحاول أن تكون وسيطًا بين دمشق وأنقرة، مشيرا إلى أن حلف شمال الأطلسي يثير الاضطرابات في سوريا. وأضاف جورنوف أن فتح المعابر مع سوريا مهم للغاية بالنسبة لمساعدة الشعب السوري، لكن الرئيس التركي يتخوف ويتعامل بحذر شديد في هذا الملف، خاصة فيما يتعلق بالهجرة والنزوح. وضرب تركيا وسوريا زلزال عنيف بقوة 7.7 درجة على مقياس ريختر، وارتفعت حصيلة الزلزال إلى أكثر من 24 ألف قتيل، فقد تجاوز عدد الوفيات في تركيا 20,665 بينما ارتفع العدد في سوريا إلى أكثر من 3,500. يأتي هذا في وقت لا تزال فرق الإنقاذ تواصل العثور على ناجين بعد مرور أكثر من خمسة أيام على وقوع الزلزال. ونجح عمال الإنقاذ في تركيا في انتشال امرأتين على قيد الحياة من تحت ركام بنايات متهدمة بعد أن مكثتا هناك 122 ساعة، بحسب ما أعلنت السلطات التركية.
مشاركة :