تناقش القمة الحكومية مواضيع صحية هذا العام من أبرزها مستقبل المجتمعات والرعاية الصحية الذي يتناول أثر العولمة على المجتمعات الافتراضية، وأهمية معالجة القضايا المتعلقة بأخلاقيات العمل والسلوك ومعالجة حالة الأنظمة الصحة العالمية، بما يضمن الصحة العقلية وتحليل التطورات المستقبلية، حيث تسهم القمة الحكومية من خلال مخرجاتها الإبداعية المستقبلية في تسريع عملية التحول الرقمي لأنظمة الرعاية الصحية، الأمر الذي يؤكد دور القمة العالمية للحكومات في استشراف المستقبل وصولاً إلى أفضل الخطوات التي تلبي حاجة المتعاملين والارتقاء بجودة الحياة. طفرة كبيرة وقد شهد القطاع الصحي في الإمارات طفرة كبيرة تتماشى مع أحدث ما توصل إليه الطب والعلم والمعرفة البشرية على المستوى العالمي، إلى جانب تقديم خدمات طبية ذكية ومتخصصة تسخر التكنولوجيا، وخدمات صحية مبنية على العلوم الطبية الحديثة، مثل علم الجينوم وتكنولوجيا النانو. وستشهد المرحلة القادمة تطوراً ونمواً متسارعيْن لمستقبل الرعاية الصحية والخدمات الطبية لاستشراف ومواكبة المتغيرات في المجال الصحي، من خلال حزمة مشاريع مبتكرة في القطاع الصحي الخاص، يرتكز معظمها على تقنيات الجيل القادم من الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي، مع التركيز على الرعاية الصحية الوقائية والخدمات الذكية على مدار الساعة من دون تدخل بشري، فضلاً عن تعزيز المكانة المرموقة للدولة على خريطة السياحة العلاجية. وقد أظهرت التغيرات في أنظمة الرعاية الصحية في الدولة فرصاً مثالية لتسريع عملية التحول الرقمي لأنظمة الرعاية الأولية والمجتمعية، خاصة بعد أن كان لأزمة «كوفيد 19» جوانب إيجابية تمثلت بكونها عاملاً محفزاً للتغيير إلى التحول الرقمي، حيث أدركت الجهات الصحية أن ما تحتاجه اليوم هو نظام رعاية صحية يساعد على تلبية حاجات المريض وحصوله على تجربة أفضل ونتائج أفضل في نهاية المطاف، مما يسمح للأطباء بتركيز جهودهم على الاهتمام بالمرضى ذوي الحالات الحرجة، وتلبية متطلبات الحكومة في الوقت نفسه من خلال إدارة الاحتياجات الاقتصادية العامة. وقد أدركت الجهات الصحية الدور الذي تلعبه التكنولوجيا على المستوى التفصيلي في دعم تحقيق هذه الرؤية، وهو ما يتطلب تغيير طريقة التفكير، لا سيما مع بلوغها شوطاً في هذا الاتجاه، فعلى سبيل المثال يحجز الناس المواعيد عبر الإنترنت، ويطلبون الاستشارات الطبية عبر الفيديو في بعض الأحيان بدلاً من لقاء الطبيب بشكل مباشر. التطبيب عن بعد وقد اعتبرت الجهات الصحية أن تبني التكنولوجيا الرقمية لتقديم خدمات الرعاية الصحية «التطبيب عن بعد» إحدى أهم الخطوات خلال جائحة «كوفيد 19» مما يسمح للتكنولوجيا بمراقبة حالة المريض والعناية به بدون التدخل الفعلي للطبيب، فمن فحص العلامات الحيوية مثل ضغط الدم ومستويات السكر في الدم ودرجة الحرارة، تسمح التكنولوجيا بالكشف الدقيق عن أي تدهور في الحالات المزمنة، وذلك من دون الحاجة لزيارة أقسام الإسعاف، مما يعني في نهاية الأمر إمكانية استخدام التكنولوجيا لجمع بيانات المريض خارج مراكز تقديم الرعاية الصحية التقليدية، ونقل مكان الحصول على الرعاية الصحية لتصل إلى أماكن الإقامة والعمل والتسلية. وأدى ذلك إلى رفع مستويات الراحة والتفاعل، وبالتالي أسهمت مراقبة المرضى عن بعد في تحسين مستوى الخدمات الصحية المقدمة. ولم تقتصر فوائد ذلك على المرضى الذين سترتفع نسبة تفاعلهم مع مزودي الخدمات الصحية بل ستتعداها لتطال الأطباء الذين سيكونون أكثر قدرة على معالجة الحالات الصحية لمرضاهم بفضل المتابعة المستمرة للبيانات التي تصلهم، مما يعطيهم تصوراً أفضل عن حالة المريض الصحية. تحول رقمي ومما لا شك فيه أن أفضل مثال على ذلك كان منصة المراقبة عن بعد في أبوظبي، التي أثبتت استعداد دول الشرق الأوسط لتبني هذا التوجه نحو التحوّل الرقمي والرعاية الصحية من المنزل، فقد أتاحت المنصة للمرضى تجديد وصفاتهم الطبية، وبشكل خاص لمن تتطلب حالتهم الانعزال عن بقية أفراد المجتمع بسبب حساسية وضعهم الصحي. وامتد ذلك ليشمل تطوير نموذج الرعاية الصحية الرقمي في المملكة العربية السعودية، والذي يشمل خدمات واسعة ابتداءً من مساعدة المرضى على إجراء العزل الذاتي خلال جائحة «كوفيد 19» إلى تلقي الاستشارات الطبية من المنزل وتوفير تواصل أكبر بين مزودي الخدمات الطبية والمرضى، فنرى هنا بوضوح كيف أسهمت أزمة «كوفيد 19» في تحفيز الناس على التفكير بأسلوب مختلف، وكيف كان للتكنولوجيا الدور الرئيسي في تحقيق ذلك. وتشهد دولة الإمارات أكثر من أي وقت مضى استخداماً متسارعاً لتطبيقات التتبع الآني لمعدات المستشفيات، مثل تتبع معدات مراقبة القلب ومضخات التسريب تبعاً لمكان وجود المريض، وهذا ما ساعدها في تخصيص الموارد بين المستشفيات بشكل أكثر كفاءة، وسمحت لها بتعقب أثر المعدات أو الأشخاص. وقد ثمّن المكتب الإقليمي لشرق المتوسط التابع لمنظمة الصحة العالمية جهود دولة الإمارات في تحويل التحديات والتبعات الصحية التي نتجت عن جائحة «كوفيد 19» إلى فرص حقيقية للابتكارات الرقمية ودعم الرعاية الصحية في الدولة بطرق وأساليب جديدة سهلت وصول خدمات الرعاية الصحية لجميع المرضى رغم الحظر المفروض جراء «كوفيد 19»، مشيراً إلى أن دولة الإمارات من دول الإقليم التي لديها سياسات واستراتيجيات وأنظمة حكومية في الصحة الإلكترونية، وتمتلك بنية تحتية تستوعب مستجدات التطبيب الإلكتروني عن بعد. وأوضح تقرير المكتب الإقليمي أن الزيارات الإلكترونية في دولة الإمارات في ظل جائحة «كورونا» وفرت الرعاية الصحية لأصحاب الأمراض المزمنة والاستشارات عبر الهاتف أو الفيديو، بالإضافة إلى الوصفات الطبية الإلكترونية وتوصيل الأدوية إلى المنزل. وأكد تقرير المكتب الإقليمي أن «التطبيب عن بعد» هو شكل ناجح من أشكال تقديم الرعاية الصحية، يستخدم في أكثر من 85 دولة وإقليماً حول العالم، وهو متاح في الوقت الحاضر في دولة الإمارات العربية المتحدة ويتيح للمرضى التحدث إلى الأطباء والحصول على المشورة الطبية عبر الهاتف بدلاً من زيارة الطبيب في العيادة أو المستشفى. وبين المكتب الإقليمي لشرق المتوسط أن الصحة الرقمية في الإمارات تُستخدم أيضاً وسائل التواصل الاجتماعي لتزويد الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة المعلومات والرسائل حول «كوفيد 19» ومدى تعرضهم لأعراض أكثر حدة بسبب ظروفهم، وأهمية تجنب السلوكيات غير الصحية مثل تعاطي التبغ، والأنظمة الغذائية غير الصحية، كما أن التعلم الإلكتروني يتم باستخدام منصات التعلم الرقمي والمواقع الإلكترونية. دور البيانات من الطبيعي أن يوفر التحول الرقمي في نماذج الرعاية الصحية المزيد من البيانات، التي يمكن تحليلها بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، واستخدام وسائل التقنية في جمع وتحليل وعرض البيانات ذات الصلة بالحالة وتقديمها للطبيب الذي يستطيع بدوره القيام بالإجراء المناسب للمريض. وينطوي ذلك على توفير معلومات سهلة القراءة والمشاركة تساعد الأطباء على اتخاذ قرارات أفضل، وبشكل خاص الذين يعملون تحت الضغط، ليتيح ذلك لهم الوقت للتركيز على أكثر الأمور أهمية، وهو توفير الرعاية الصحية المثلى للمرضى. وقد أعلنت وزارة الصحة ووقاية المجتمع ودائرة الصحة في أبوظبي وهيئة الصحة بدبي، إنجاز الربط الإلكتروني بين الملف الوطني الصحي الوطني الموحّد، لتصبح دولة الإمارات أول دولة في العالم تشارك البيانات الصحية للمرضى بين منشآتها الصحية الحكومية والخاصة، عبر منصاتها «رعايتي» وملفي ونابض ويهدف هذا الربط إلى توحيد البيانات الصحية للمرضى في منصة وطنية واحدة، لتعزيز جودة الخدمات الطبية والوصول إلى منظومة صحية متكاملة تتماشى مع المعايير الدولية. ووصل عدد السجلات الطبية المتصلة بنظام رعايتي، أكثر من 1.9 مليار سجل طبي لـ 9.5 ملايين مريض، يمكن الوصول إليهم عن طريق أكثر من 90 ألف مزود للخدمات الصحية في 3.057 منشآت طبية متصلة بالنظام. ويستطيع 60 ألف طبيب الدخول على النظام والوصول لبيانات المرضى، حيث سيسمح للأطباء ومقدمي الرعاية الصحية في كافة الإمارات بالوصول إلى معلومات المريض الصحية بسهولة من أي مكان بالدولة، مما سيمكنهم من تقديم رعاية صحية أفضل للمرضى. ويشكّل الدمج بين المنصات إنجازاً مهماً في مجال الرعاية الصحية في الدولة، والذي يأتي ضمن استراتيجية التحول الرقمي لمنشآت قطاع الرعاية الصحية لبناء نظام صحي مستدام وفعّال، لتمكين المرضى من الحصول على خدمات رعاية صحية متميزة. ويُعد الدمج بين منصات «رعايتي» و«ملفي» و«نابض» خطوة نوعية في جهود الارتقاء بصحة وسلامة أفراد المجتمع في الدولة، حيث أصبحت تجربة الإمارات في تبادل المعلومات الصحية نموذجاً متميزاً يحظى بتقدير واهتمام النظم الصحية الأخرى في المنطقة، حيث إن البيانات تمثل عنصراً أساسياً يسهم في تعزيز النظم الصحية، حيث تساعد الأطباء على اتخاذ القرارات الطبية التي تناسب المرضى، وتجعلهم قادرين على تحليلها وتحويلها إلى معلومات يستند إليها في تطوير وإطلاق البرامج والمبادرات ووضع السياسات اللازمة لجعل المجتمع أكثر صحة، ولترسيخ مكانة دولة الإمارات المتميزة في الصحة الرقمية على مستوى العالم. خدمات متنوعة وأكدت الجهات الصحية أن استخدام التطبيب عن بعد والصحة الطبية في الإمارات ساعد بشكل كبير على ضمان استمرار الخدمات للأشخاص الذين يعيشون مع الأمراض غير المعدية في جائحة «كوفيد 19» وتظهر البيانات أن هناك زيادة في عدد الأشخاص الذين يستخدمون خدمة الزيارة الإلكترونية ورضاهم عن هذه الخدمة. ومن واجب ممارسي الرعاية الصحية اتخاذ ما يلزم للحفاظ على سرية المعلومات الطبية الشخصية بما يتفق مع تفضيلات المريض. على سبيل المثال، ينبغي إجراء المناقشات الطبية بين الطبيب والمريض بشكل مغلق، وقد يفضل المريض أن يتصل الطبيب به عبر الهاتف الخلوي وليس رقم المنزل الثابت حتى أفراد الأسرة المقربون الذين يتمتعون بالوعي الكافي قد لا يسمح لهم بالضرورة بالحصول على معلومات عن الحالة الطبية لأحد أفراد أسرتهم. ويحق لجميع المرضى التمتع بالسرية ما لم يمنحوا الأذن برفع السرية عن بياناتهم الطبية، حيث إن هناك قانوناً اتحادياً يسمى نظام حماية معلومات المرضى مطبق على معظم ممارسي الرعاية الصحية والتشريعات المرتبطة بذلك، والتي تُعرف باسم «قواعد الخصوصية»، ويضع هذا القانون قواعد مفصلة بشأن الخصوصية، والوصول إلى المعلومات، والكشف عنها على سبيل المثال، ينص نظام حماية معلومات المرضى على ما يلي: ينبغي أن يكون المرضى قادرين على رؤية نسخ من سجلاتهم الطبية والحصول عليها وطلب إجراء تصحيحات في حال اكتشاف أخطاء فيها. كما إن أي شخص مخول قانونياً باتخاذ قرارات الرعاية الصحية نيابةً عن المريض الفاقد لهذه القدرة له نفس الحق في الوصول إلى المعلومات الطبية الشخصية للمريض، ويجب على ممارسي الرعاية الصحية الكشف بشكل روتيني عن إجراءاتهم المتعلقة بخصوصية المعلومات الطبية الشخصية، ويمكن لممارسي الرعاية الصحية مشاركة المعلومات الطبية للمريض فيما بينهم، ولكن فقط بقدر ما هو ضروري لتوفير الرعاية الطبية، كما يجب على العاملين في مجال الرعاية الصحية اتخاذ الاحتياطات المناسبة لضمان سرية اتصالاتهم مع المرضى. الصحة النفسية تؤثر التكنولوجيا الحديثة والتقنيات الذكية على الأشخاص وعلى المجتمع، ويعتبر تأثير التكنولوجيا الحديثة على الصحة النفسية للإنسان هو الأكثر أهمية وخطورة، حيث إن الأمر يتعلق بصحة الإنسان ونفسيته، فالتكنولوجيا تسبب الكثير من الاضطرابات لبعض الأشخاص، لذا يجب على الجميع توخي الحذر عند التعامل مع جميع التقنيات الحديثة لمحاولة التقليل من سلبياتها. وقد أثبتت الدراسات والأبحاث أن استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي يسبب النوم المتقطع لكثير من الأشخاص، مما تؤثر سلباً على الصحة العقلية، ذلك بالإضافة إلى زيادة نسبة القلق والاكتئاب وعدم اكتساب صداقات جديدة. سلبيات يسبب الاستخدام المفرط للتكنولوجيا الحديثة العديد من المشاكل الصحية ووفقاً لبعض الدراسات العالمية، فإن الاستخدام المفرط للهاتف المحمول والجهاز الوحي والحاسوب والتعرض للأشعة الصادرة عنها تسبب منع إفراز الهرمون المسؤول عن الرغبة في النوم، كما أن إدمان الإنترنت يعتبر نوعاً من أنواع الاضطراب السلوكي، يحدث هذا الاضطراب للأشخاص الذين يقضون أوقاتاً طويلة في استخدام الإنترنت، وغالباً ما يصاب الأطفال والمراهقون بإدمان الإنترنت والتكنولوجيا، ويمكن أن يسبب ذلك تأثيراً سلبياً كبيراً على صحتهم العقلية والنفسية؛ لذا يجب ألّا يتجاوزوا الوقت المسموح لهم باستخدام الإنترنت. تابعوا أخبار الإمارات من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :