تحليل: منح الغرب أصولا روسية مجمدة فكرة بسيطة تواجه مشكلات قانونية كبيرة

  • 2/12/2023
  • 22:45
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تبدو فكرة تسليم الغرب مليارات الدولارات من الأصول الروسية المجمدة لأوكرانيا من أجل تمويل عملية إعادة الإعمار، بسيطة لكنها تواجه مشكلات قانونية كبيرة، ما يعني أنه لم يحرز أي تقدم يذكر في هذا الشأن وفق تحليل أوردته "الفرنسية". بعد الحرب الروسية في أوكرانيا في شباط (فبراير) الماضي، جمدت مصارف ومسؤولون غربيون بموجب عقوبات اقتصادية غير مسبوقة ضد موسكو، ما يقدر بنحو 350 مليار دولار من أصول الدولة واحتياطيات أجنبية وممتلكات أثرياء قريبين من السلطة. وبعد 12 شهرا تقريبا، يمارس سياسيون وناشطون في الغرب ضغوطا من أجل توظيف هذه الثروة في عملية إعادة بناء البنى التحتية المدمرة والمنازل والشركات الأوكرانية التي انهارت خلال الحرب، وفقا لـ"الفرنسية". وقالت كريستيا فريلاند نائبة رئيس الوزراء الكندي ووزيرة المال، أمام الحضور في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس الشهر الماضي "هناك كثير من الأضرار ويجب على الدولة التي تسببت فيها دفع" تكاليف إصلاحها. في كانون الأول (ديسمبر)، أطلقت كندا إجراءات للمرة الأولى لتسليم 26 مليون دولار تعود إلى شركة خاضعة للعقوبات يملكها رجل الأعمال رومان إبراموفيتش، في خطوة وصفها السفير الروسي بأنها "سرقة في وضح النهار". في وقت سابق من الشهر الجاري، تعهدت المفوضية الأوروبية "تكثيف جهودها الرامية إلى استخدام الأصول الروسية المجمدة في دعم عملية إعادة إعمار أوكرانيا". وطالبت بولندا وثلاث من دول البلطيق بالتحرك "في أقرب وقت ممكن". من جهتها، أعلنت إستونيا خططا لتكون الدولة الأولى في الاتحاد الأوروبي الذي يأخذ مبادرة على هذا الصعيد. من جهة أخرى، تطرح أصول الدولة مثل احتياطات البنك المركزي مشكلات مختلفة، لكنها شائكة أيضا لأنها مغطاة بما يسمى "الحصانة السيادية" وهو تفاهم يقضي بألا تستولي دولة على ممتلكات دولة أخرى. ويعتقد أن مصارف مركزية غربية مثل الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان جمدت احتياطات تبلغ قيمتها 300 مليار دولار تحتفظ بها روسيا لدى هذه المؤسسات. وكتب بول ب. ستيفن في مجلة "كابيتال ماركتس لو جورنال" في حزيران (يونيو) الماضي في مراجعة للتشريع القائم "القانون الدولي العرفي لحصانة الدول يحمي عموما أصول دولة ما من المصادرة". وأضاف أن "الاستثناءات موجودة لكن نطاقها غير واضح". ويدور نقاش حيوي بين خبراء قانونيين منذ الحرب حول الظروف التي يمكن الدول الغربية بموجبها "منح" أصول مثل احتياطات البنك المركزي. وأشار البعض إلى القانون الدولي للتدابير المضادة الذي ينص على أنه يمكن لدولة ما أن تفرض على دولة أخرى دفع تكاليف عندما تتصرف خارج حدود القانون الدولي. لكن هذه "التدابير المضادة" كما تسمى وضعت لتكون قابلة للعكس. ويعتقد عديد من المحامين أن أفضل فرصة لأوكرانيا للحصول على تعويض هي محاولة فرض اتفاق مؤات لإنهاء القتال قد يشمل تعويضات مستحقة بموجب القانون الدولي. لكن آخرين يدعون إلى نهج أكثر تشددا من شأنه أن يوجه رسالة إلى دول أخرى، بما فيها الصين. من جهة أخرى، قال يوري تشيكانشين مدير دائرة الرقابة المالية الروسية إن روسيا كانت ولا تزال ملتزمة بالانصياع التام لواجباتها الخاصة بمحاربة عائدات الجرائم. وطوال 20 عاما، باعتبارها عضوا في مجموعة العمل المالي، نجحت في تطوير أحد أكثر نظم مكافحة غسل الأموال تقدما في العالم. وأضاف في تقرير نشرته مجلة ناشيونال انتريست الأمريكية أمس، أن ذلك، أثبت التقييم المتبادل لمجموعة العمل المالي في 2019، وعلاوة على ذلك، اكتسبت وحدة الاستخبارات المالية الروسية خبرات فريدة على استعداد دائم لأن توفرها لكل الدول المهتمة بذلك. ومن أجل تعزيز قدرة أجهزة إنفاذ القانون، تم توفير برامج تعليمية لخبراء من آسيا الوسطى، وأمريكا اللاتينية، وإفريقيا. وقال تشيكانشين إن العام الماضي لم يسبق له مثيل بالنسبة لإضفاء الطابع السياسي على المؤسسات الدولية التي تحارب غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وفقا لـ"الألمانية". وأشار إلى أنه في اتباع أعمى لتوجيهات بإلحاق "هزيمة استراتيجية" بروسيا ردا على رغبتها في وضع نهاية لظلم صارخ طوال أعوام عديدة في أوكرانيا، هناك رغبة في تسوية الحسابات مع روسيا عبر مختلف منصات الحوار. وقال إنه لم يكن هناك أي استثناء، حتى بالنسبة لأجهزة الخبراء والأجهزة الفنية التي تهدف لتعزيز التعاون الدولي في مكافحة مختلف الجرائم المالية- مجموعة العمل المالي، ومجموعة إيجمونت، والإنتربول. ويبدو أن واضعي المبادرة المضادة لروسيا، في محاولة لـ"طرد" روسيا من كل مكان، فقدوا تماما اتصالهم بالواقع ونسوا التداعيات الخطيرة لتفكيك النظام العالمي لمحاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وعلى الرغم من الإجراءات التي اتخذها المجتمع الدولي، لم يختف تهديد الإرهاب. ومن السذاجة اعتقاد أن الإرهابيين ومن يسهلون لهم الأمور قد تخلوا عن خططهم لشن هجمات ضد الإنسانية. فهم بمهارة يتكيفون مع الحقائق الراهنة ويعدلون التكنولوجيات الجديدة لتلائم احتياجاتهم. وقال تشيكانشين إن قضايا الجريمة العابرة للدول والمشاركة المتزايدة للمنظمات الإرهابية مع مهربي المخدرات خطيرة، وفي هذا السياق، يتعين تذكر أن أغلبية إنتاج الأفيون غير المشروع (86 في المائة) تتم في بلاد بعينها ومن الممكن أن تؤدي الزيادة في تدفق المخدرات إلى زعزعة استقرار أي منطقة في العالم.

مشاركة :