ذكرى التجارب النووية تختبر مآلات العلاقة بين الجزائر وفرنسا

  • 2/14/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الجزائر - تحيي الجزائر ذكرى التفجيرات النووية التي أجرتها فرنسا في جنوب البلاد، وأدت حينها إلى وقوع خسائر بشرية وبيئية مازالت آثارها إلى الآن، وهي أحداث تقع ضمن التسوية التاريخية بين البلدين. ويتزامن إحياء هذه الذكرى مع التوتر المستجد في العلاقة بين الجزائر وفرنسا على خلفية إجلاء باريس ناشطة جزائرية من تونس قبيل ترحيلها إلى بلدها، حيث تواجه عقوبة بالسجن. وتشكل هذه الذكرى اختبارا جادا لنوايا الطرفين في تحييد التقارب عن ملف الذاكرة، بحسب التوجهات التي أعلن عنها الرئيسان عبدالمجيد تبون وإيمانويل ماكرون. ودعا رئيس جمعية ضحايا التفجيرات النووية في الجزائر عمار منصوري إلى رفع الملف إلى الأمم المتحدة بغية إثراء وإثبات التورط الفرنسي فيما أسماه بـ”الإبادة الجماعية”، وإلى تنظيم ندوة دولية من أجل إيجاد آليات فعّالة للتعويض، سواء بشكل ثنائي أو بواسطة القضاء الدولي. إحياء الذكرى يتزامن مع التوتر المستجد في العلاقة بين الجزائر وفرنسا على خلفية إجلاء باريس ناشطة جزائرية وكان توتر دبلوماسي مفاجئ طرأ بين البلدين، على خلفية تسفير القنصلية الفرنسية بتونس للناشطة الفرانكو – جزائرية أميرة بواروي إلى باريس بدعوى حمايتها من الملاحقة القضائية والأمنية في بلدها الأم، وهو ما قابلته الجزائر بسحب سفيرها في باريس من أجل التشاور. وكان الرئيسان الجزائري والفرنسي قد اتفقا فيما عرف بـ”إعلان الجزائر” للشراكة الإستراتيجية المتجددة، المبرم بين البلدين بمناسبة زيارة الرئيس ماكرون إلى الجزائر في أغسطس الماضي، على وضع آلية لمعالجة ملف التاريخ والذاكرة المشتركة، وتم تشكيل لجنة ثنائية من الخبراء والمؤرخين من الطرفين لدراسة الملف. وتعد التفجيرات النووية التي نفذتها فرنسا خلال ستينات القرن الماضي في بعض بلدات الجنوب الجزائري، أحد الجوانب الرئيسية في الملف المذكور، إلى جانب الأرشيف وجماجم المقاومين ومخطط الألغام، وغير ذلك. وفيما لم يصدر أي موقف أو تعليق رسمي من طرف السلطات الجزائرية بالمناسبة، يمكن أن يستشف منه الاستمرار في الاتفاق المبرم بين الطرفين حول مسألة التاريخ والذاكرة المشتركة، أو إعادة توظيفه في إطار تصفية جديدة للحسابات، ألمحت برقية وزعتها وكالة الأنباء الرسمية وبثتها مواقع ووسائل إعلام محلية، إلى انزعاج الجزائر مما باتت تصفه بـ”دوائر الحنين الاستعماري”، في إشارة إلى ما وصفه الرئيس تبون في تصريح سابق بأنه “لوبي متغلغل داخل دوائر القرار يحاول إجهاض التقارب” الذي أرساه رفقة نظيره إيمانويل ماكرون. وذكرت برقية وكالة الأنباء أن “دوائر الحنين إلى الماضي الاستعماري، والتي تحاول مقاومة مبدأ إقامة علاقة طبيعية وندّية مع الجزائر، تسعى لاختلاق حوادث هامشية في مسار المعالجة المسؤولة للملفات المتعلقة بالذاكرة، حيث أنه بعد مرور أزيد من نصف قرن على وقوع هذه الجريمة الاستعمارية في حق سكان عدة مناطق بالجنوب الجزائري وما تبعها من إنكار، فإن القضية طُرحت خلال الدورة التاسعة من المشاورات السياسة الجزائرية – الفرنسية التي جرت أشغالها في نهاية الشهر الماضي بالجزائر العاصمة”. Thumbnail وأضافت “التزم الجانب الفرنسي حينها بتسريع مسار إعادة الأرشيف ومعالجة مسألة مواقع التجارب النووية التي ينبغي إعادة تأهيلها، وبالتالي الإسهام في التعامل مع المستقبل في جو من الهدوء والاحترام المتبادل، وتمت خلال المشاورات مناقشة هذه المسألة من بين عدة محاور أخرى تضمنها إعلان الجزائر الذي وقع عليه رئيس الجمهورية، مع نظيره الفرنسي، في نهاية الزيارة الرسمية لرئيس الدولة الفرنسية إلى الجزائر شهر أوت (أغسطس) 2022”. ولفتت إلى أن الجانب الجزائري يحرص على “معالجة مسؤولة لكل قضايا الذاكرة، مثلما أكد على ذلك رئيس الجمهورية في عدة مناسبات، حيث اعتبر أن الجرائم التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي في حق الشعب الجزائري لن يطالها النسيان ولن تسقط بالتقادم، وأنه لا مناص من المعالجة المسؤولة والمنصفة والنزيهة لملف الذاكرة والتاريخ في أجواء المصارحة والثقة”. وهي رسالة وجهها لسان حال أعضاء المؤسسة الرسمية في البلاد إلى نظرائهم الفرنسيين في ذروة التوتر القائم بين الطرفين، للتأكيد على تمسك الجزائريين بمضمون الاتفاق الذي جرى التوصل إليه بين رئيسي البلدين. وأعاد الخبير في الهندسة النووية ورئيس جمعية ضحايا التفجيرات النووية عمار منصوري التذكير بما جرى خلال تلك التجارب قائلا إن “الجيش الفرنسي في تفجيراته التي حملت مسميات (اليرابيع الزرقاء والحمراء والبيضاء والسوداء)، استخدم آلاف الجزائريين وعناصر أجنبية كفئران تجارب”.

مشاركة :