هزيمة شعب وانتصار ممثل فاشل | فاروق يوسف | صحيفة العرب

  • 2/14/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

هو: اللعنة.. كيف لي أن أشتري 14 دبدوبا هذه الليلة؟ هي: اللعنة.. لم تعد غرفتي الصغيرة تتسع لهذا الكم الهائل من الدباديب. ويمضي بائعو الدباديب والورود الحمراء والشوكولا في عد النقود كل عام. عفوك يا قداسة سانت فالانتاين، أنت قديس إلا قليلا.. أنت جابي ضرائب على ما يبدو. اليوم، وفي عيد هذه القيمة الإنسانية التي تحتفل بها البشرية جمعاء، يقول لي الناس -وبطريقة غير مباشرة- “إننا نكرهك”، وذلك حين يغشني بائع في بضاعته، وتساومني امرأة على جمالها، ويعاقبني أحد على طيبتي، وينكرني آخر لصدق ما أتحدث. كيف للإنسانية أن تحتفل بوجود ما لم يعد موجودا؟ وكيف للبشرية أن تتفق على ما لم يعد متفقا عليه؟ ما كان في الأمس ألفة، صار اليوم غباء، وما عهدناه مودة، أمسى في أزمنة المصالح سوء تدبير. العالم يمضي نحو حتفه بفعل أصحاب القلوب البغيضة والعقول المريضة، لأن الحب لا يكلف أصحابه سوى أن يكونوا محبين. ما قيمة أن تقول “عفوا” لمن أعليت صوتك في وجهه، وما الخسارة في أن تبتسم لمن كان على أهبة العبوس واليأس وفقدان الأمل. البارحة، خاطب سائق المترو في أحد خطوط الضواحي بالعاصمة التونسية الركاب عند خط النهاية منتصف الليل، بعبارة “سايسوا أرواحكم، ليلتكم زينة، وتصبحون على خير” فابتهج الجميع، شكروه ونزلوا خفافا إلى منازلهم وقد نسوا معاناة اليوم، وقصدوا ديارهم ليعانقوا أطفالهم وكأن نهاراتهم كانت في منتهى الغبطة والسرور. كم طفلا وكم زوجة وكم جارا سيشكر سائق المترو، ضمنيا، ويدعو له بالخير،على هذه الهدية التي لا تُقدّر بالورود الحمراء، ولا الشوكولا، ولا قصائد الحب. فعل هذا السائق الدمث الخلوق من المسرة في الناس ما لن تفعله النقود التي يدخرها أصحابها من أجل شراء الهدايا الخاصة بالاحتفال في عيد الحب. يحدث هذا، ويزداد لمعانا، في أزمنة الحاجة والتجهم والعبوس التي تذكي نيران النفور والكراهية في خلق الله.. عنوان المحبة الإنسانية، وصندوق بريدها الذي لا يتوه عنه كل سعاة البريد. انسوا عيد الحب، ولنتخيل يوما تحتفل البشرية فيه بالكراهية.. كم هدية ستستقبلها في 14 فبراير من كل عام؟ وكم ظرفا ملغوما سيصل إليك على صندوق بريدك؟ وكم رسالة حقد ستهنئك بالعيد وأنت تحاول الرد على التحية بمثلها أو بأحسن منها؟ أنت في هذه الحالة لن تقصد بائعي الزهور والشوكولا والدباديب، لكنك سوف تظل تحافظ على اللون الأحمر الذي يجري في عروقك، وما عليك وقتئذ إلا أن تحدد مجراه. كن محبا حتى وإن كنت كذوبا، كرمسيس الثاني الذي قال لزوجته نفرتيتي، يوما، أجمل بيت شعر “لأجلك تطلع الشمس” ثم تبين أنه كان يحب عليها أكثر من 54 امرأة.

مشاركة :