في الوقت الذي تشكل فيه تبعات التغير المناخي، عبئاً إضافياً ثقيلاً، على كاهل ملايين اليمنيين المنكوبين بعدوان ميليشيات «الحوثي» الإرهابية وانقلابها الدموي على الشرعية، لا يتورع إرهابيو تنظيم «القاعدة»، عن السعي لاستغلال هذه الظاهرة، لاستمالة المتضررين منها، وكسب الشعبية في أوساطهم. فتنظيم «القاعدة» في اليمن، الذي يُوصف بالجناح الأكثر عنفاً ودموية لتلك الجماعة الوحشية، حرص خلال الأعوام القليلة الماضية، على الصيد في الماء العكر، ووضع مخططات إرهابية سعياً لتحقيق مكاسب على حساب معاناة اليمنيين مما يسفر عنه «التغير المناخي»، سواء من شح في إمدادات المياه وارتفاع تكاليف الحصول على الغذاء، أو من أعاصير وسيول وفيضانات في بعض الأحيان، أدت في عام 2022 وحده، إلى نزوح عشرات الآلاف من الأشخاص، أو فقدانهم لممتلكاتهم. وكشفت وثائق، عُثِرَ عليها مع عناصر تنتمي لهذا التنظيم الإرهابي، عن أن قياداته سبق أن أجرت اتصالات مع أجنحة أخرى لـ «القاعدة» في المنطقة، ومن بينها جناحه في منطقة شمال أفريقيا، لتأكيد أهمية الحفاظ على المياه، واستمرار إمداد السكان بها بشكل منتظم. وفي عام 2016، زعمت قيادات «القاعدة» في اليمن، أنها معنية بحفر آبار للمياه الجوفية في مناطق خضعت لسيطرة إرهابييها، في محافظات مثل حضرموت، وتوفير البنية التحتية اللازمة للحصول على مياه صالحة للشرب لإمداد السكان بها هناك، بل وتكليف متعهدين محليين، بإنجاز مشروعات بعينها على هذا الصعيد. ووفقاً لتقديرات مستقلة، يفتقر أكثر من 19 مليون يمني، من أصل نحو 30 مليوناً هم كل سكان هذا البلد، إلى المياه النقية، وهو وضع يزداد صعوبة في ظل ارتفاع درجات الحرارة الناجم عن التغير المناخي، ما يحرم كثيراً من المزارعين من الموارد اللازمة لزراعة محاصيلهم. وبحسب التقديرات نفسها، بلغ نصيب الفرد من المياه في اليمن في السنوات الأخيرة، قرابة 86 متراً مكعباً، وهو ما يقل كثيراً عن نظيره في دول أخرى، والذي يصل في بعض البلدان إلى 1500 متر مكعب، وربما أكثر. وبجانب ندرة المياه في اليمن بسبب تغير المناخ، قادت هذه الظاهرة أيضاً، إلى هطول الأمطار بشكل متزايد في بعض مناطق هذا البلد، وهو ما أحدث سيولاً وفيضانات، ألحقت خسائر جسيمة بأحياء سكنية وأراضٍ زراعية. وفي تصريحات نشرها الموقع الإلكتروني لمعهد «أوبزرفر ريسيرش فاونداشين» للأبحاث، شدد الخبراء، على أن إرهابيي «القاعدة» يحرصون في الوقت نفسه، على اللعب بورقة «الأمن الغذائي»، لاستقطاب مجندين جدد، عبر الزعم أنهم يوفرون للمنضوين تحت لواء جماعتهم الدموية، دخلاً مادياً يكفيهم، لتعويض الارتفاع المطرد، في تكاليف الحصول على المواد الغذائية الأساسية. وقبل سنوات، أعلن ذلك التنظيم الإرهابي، أنه انخرط في حملات، لتوزيع تلك المواد على المحتاجين إليها، استغلالاً لوجود نحو 19 مليون يمني، يواجهون انعداماً للأمن الغذائي، في ظل تراجع قدرة الوكالات الإغاثية الدولية، على مواصلة تمويل أنشطتها.
مشاركة :