في عالم الطب والدواء والوقاية يوصي الأطباء الناس لا سيما المرضى منهم بالعمل على تقوية مناعاتهم ضد ما يهدّد حياتهم من أوبئة أو مخاطر صحية عامة، ومنهم من يستجب فتقل نسبة إصابته أو تنعدم ومنهم من لا يستجب فيحصل المرض ويتفاقم ثم الموت. أكتب هذه المقدمة وأنا أتأمل في ما لو اهتمينا بتقوية مناعة هي أهم من سابقتها، بل أعظم مناعة منها وهي المناعة النفسية التي تقوي مناعة النفس من كل ما يهددها من خواطر تدمرها أو وساوس تقتلها. (ومنها احتقار الذات، والشعور بالانهزامية، والخوف من آراء الناس، تثاقل المسؤوليات، رهبة المواجهة…الخ). ومن المعلوم أنّ ما يضر النفس من تلك الخواطر والوساوس ممتدٌّ ضرره للجسد والجوارح. وانظر إلى كثير من القاعدين المتواكلين والكسالى العاجزين كيف أقعدهم الكسل وأعْياهم القعود حتى ملّ الناس منهم بل ملّوا هم من أنفسهم، فأصبحوا أسرى للأمراض النفسية والعضوية، ذلك لأنّهم لم يهتموا بحماية أنفسهم وصيانة أرواحهم من تلك الخواطر السيئة والوساوس المهلكة. ولكي تقوّي مناعتك النفسية من كل خطر يحارب نفسك أو يهدّدها بأي شكل من الأشكال فإليك مجموعة من العوامل التي تعينك على ذلك بإذن الله تعالى: ١- “إذا استعنت فاستعن بالله” ولا خاب من كان الله معه، وقوتك الحقيقية في ارتباطك بالقوي الناصر جل وعلا، وهذا الشعور الإيماني يجعل منك صاحب همّة متّقدة نحو الخير، ومن نفسك منطلقاً للجد والبذل، الأمر الذي يقضي تماماً علي السلبية والتردد بداخلك. ٢- بذل الأسباب التي تساهم في صدق نيّتك ورفع همّتك وسمو نظرتك وتمكين ثقتك ومن أهمّها: مداومة النظر في آيات الله الكونية والقرآنية، والعمل للآخرة، ومصاحبة أصحاب الهمم العالية، ومحاكاة القدوات، وغيرها. ٣- الشعور الدائم بأنّك حاضر، وبامكانك فعل شيء، وأن الفرص متاحة، وأنّ لديك القدرة على التأثير، وأن هناك من القريبين منك والبعيدين كذلك ينتظرون مبادراتك والبدء في خطواتك، أجزم أن حملك لهذا الشعور سينفض عن داخلك غبار العجز والضعف. ٤- استشعر قيمة ما وهبك الله وأعطاك من نعم ( الوقت، الصحة، القدرة على التفكير، المهارات..الخ) ومتى ما استثمرتها بحق ستكون لك عوناً على الإقدام نحو الأمام، ومن طبيعة الأوائل في كل شأن عظم أهدافهم وجسارة إقدامهم. ٥- الشعور بالمسؤولية تجاه نفسك وأسرتك ووطنك وأمّتك، وأنّ لكل منهم حقوقاً عليك، فإذا أعطيت كل ذي حق حقّه من الحب والاهتمام والرعاية والخدمة عندها ستعيشُ تلقائياً بنفس نقية جادة صعب أن يخترقها خطر أو يهددها وسواس. ختاماً: علينا أن لا نهمل أمر نفوسنا، وأنّ نوليها جل اهتمامنا، وأن نعمل على جعلها نفوساً قوية جادة متوثّبة، ولا يكون ذلك إلّا إذا سعينا في تقوية مناعتها ضد كل ما يهددها من خواطر سيئة أو وساوس شيطانية أو أفكار سلبية.
مشاركة :