ما أن انتهت الجلسة العاصفة التي جمعت أعضاء مجلس الشورى بوزير العمل، ووصلت إلى حد مطالبة أحد أعضاء المجلس وزير العمل بتقديم استقالته؛ حتى ارتفعت أصوات أخرى لاستدعاء المجلس لوزير الصحة، لمساءلته، والحصول منه على إيضاحات عن أداء الوزارة، والمعوّقات التي تواجهها، ومناقشة تقرير الأداء للعام المالي 1435- 1436هـ، خصوصًا وأنه كانت هناك مطالبات سابقة ومتعددة من اللجنة الصحية في المجلس لمندوبي الوزارة للاجتماع بهم لمناقشة ذلك التقرير، وذلك وفق ما أوردته الصحف، وقد سبق ذلك كله مبادرة معالي وزير الشؤون الاجتماعية في المشاركة في الجلسة العادية السادسة للمجلس، حيث قام بعرض خطط الوزارة وبرامجها المستقبلية، والتي تطمح لتنفيذها متطلعًا إلى تقويم المجلس لإنجازات الوزارة، والاستفادة من الآراء والمقترحات للارتقاء بالعمل الاجتماعي في وطننا. هذه الجلسات تُعدُّ نقطة تحوّل هامة في منصب الوزير، والذي كان في السابق بعيدًا -كل البُعد- عن النقد المباشر، أو حتى التلميح، أو المساءلة من قِبل المجتمع، أو الإعلام، أو مجلس الشورى، فقد كان يعيش صاحب ذلك المنصب في ما يُسمّى بالحصانة، وكان محميًّا بسياج من النواب، والوكلاء، والمساعدين، وغيرهم من موظفي الوزارة، وكان كثير منهم لا يسمع إلاَّ المديح والثناء، ولا يجد إلاَّ التصفيق والإشادة. أمّا اليوم فقد اختلف الوضع تمامًا، فالمحاسبة ليست فقط من مجلس الشورى، بل نجدها في المقالات الصحفية، والتغطيات الإعلامية، وفي الندوات، والجلسات، ووسائل التواصل الاجتماعية، وكثير من أفراد المجتمع. الوزراء اليوم في موقف لا يُحسدون عليه، فمنهم من يعمل بجد وينجز، ويغير بصمت بعيدًا عن الإعلام، ويبقى عرضة للنقد؛ لأنه لا يشعر أحد بإنجازه، ومنهم من يلجأ لتمرير الوقت بدون تطوير، أو تغيير، أو تحسين فلا تسمع له صوتًا، وكأنه بعيد عن الساحة، حرصًا منه على البُعد عن الانتقاد، ومثل ذلك غير مقنع للمجتمع، ومنهم من يكون همّه الإعلام والحرص على الوجود الإعلامي المكثّف يوميًّا دون أيّ مؤشر إيجابي في أداء وزارته، وأمثال أولئك ينكشفون خصوصًا عند المساءلة، والاستجواب من قبل المسؤولين. مسؤولية الوزراء اليوم مسؤولية كبرى، فقد وضع ولي الأمر ثقته فيهم، كما عقد أفراد المجتمع الآمال عليهم في أن يساهموا في تحسين وتطوير خدمات وأعمال الوزارة، التي أوكلت لهم، ونحن اليوم في زمن مختلف تمامًا، ولذلك فلم يعد مثل هذا المنصب منصب تشريف، بل هو تكليف، وتكليفٌ قاسٍ يحتاج إلى جهد كبير، وعمل دؤوب للوفاء بالتزاماته، وتحقيق التطلعات المرجوّة منه. Ibrahim.badawood@gmail.com
مشاركة :