مع تراجع طفيف في التضخم، ساعد ارتفاع الإيجارات وانتعاش سعر البنزين على بقاء أسعار المواد الاستهلاكية مرتفعة في الولايات المتحدة في كانون الثاني (يناير)، وفق بيانات حكومية صدرت أمس، ما يؤشر إلى أن المعركة لم تنته بالنسبة لصانعي السياسات. رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) معدلات الفائدة بشكل سريع خلال العام الماضي لزيادة تكاليف الاستدانة وتخفيف الطلب في أكبر قوة اقتصادية في العالم، بينما ارتفع معدل التضخم بشكل كبير. لكن حتى مع تراجع مؤشر أسعار المواد الاستهلاكية الذي يعد مقياسا مهما للتضخم عن المستويات المسجلة العام الماضي التي كانت الأعلى منذ عقود، تشير الأرقام إلى وجود صعوبات، بحسب "الفرنسية". وفيما يشعر الاقتصاد بأكمله بتداعيات سياسات البنك المركزي، ارتفع مؤشر أسعار المواد الاستهلاكية بنسبة 6.4 في المائة في يناير مقارنة بما كان عليه قبل عام، بحسب بيانات وزارة العمل. وتعد النسبة أقل بقليل من الرقم المسجل في كانون الأول (ديسمبر) وهي أقل زيادة سنوية منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2021. لكنها تبقى أعلى بكثير من هدف صانعي السياسات البالغ 2 في المائة. ومن ديسمبر حتى يناير، ارتفع مؤشر أسعار المواد الاستهلاكية بنسبة 0.5 في المائة، مقارنة بـ0.1 في المائة في ديسمبر وهو ما يدل على أنه ما زال على الاحتياطي الفيدرالي التحرك. وأفاد التقرير بأن "المؤشر للمرتبط بالمسكن كان المساهم الأكبر .. إذ يشكل نحو نصف الزيادة الشهرية في كل المواد". وأضاف أن مؤشري الغذاء والبنزين أسهما أيضا. ومع استثناء الغذاء والطاقة المتقلبين، ارتفع المؤشر الأساسي بنسبة 5.6 في المائة منذ يناير 2022، وهي أصغر زيادة أيضا منذ نحو عام. وأفاد الرئيس الأمريكي جو بايدن في بيان "ما زال هناك مزيد من العمل الذي يتعين القيام به مع انتقالنا إلى نمو أكثر ثباتا واستقرارا. وقد نشهد انتكاسات على الطريق". وأضاف أن البيانات الأخيرة "تؤكد أننا حققنا تقدما تاريخيا وأننا على المسار الصحيح وعلينا إتمام المهمة". وبينما تراجعت أسعار السلع مع تراجع حدة الاضطرابات في سلاسل الإمداد، إلا أن سوق العمل القوية تدعم الأجور وبالتالي الطلب. ويتذبذب الرقم الأساسي خلال الأشهر الماضية إذ تراجع إلى 5.6 في المئة في حزيران (يونيو) قبل أن يرتفع إلى 6.6 في المائة في أيلول (سبتمبر) ويعود للتراجع مجددا. وفي الأثناء، يعتقد محللون أن الاحتياطي الفيدرالي يراقب عن كثب تكاليف الخدمات باستثناء السكن والغذاء والطاقة. وقالت روبيلا فاروقي خبيرة الاقتصاد الأمريكي في مجموعة "هاي فريكوينسي إكونوميكس" إن "لدى صانعي السياسات مزيدا من العمل الذي يتعين عليهم القيام به لتخفيف التضخم باتجاه الهدف ويرجح بأن يواصلوا زيادة المعدلات وإبقاء السياسة تقييدية لبعض الوقت". وحذرت ميشيل بومان عضو مجلس حكام الاحتياطي الفيدرالي يوم الإثنين من أنه سيكون من "الضروري (على الأرجح) تشديد السياسة النقدية أكثر لخفض التضخم باتجاه هدفنا". وأضافت أن في ظل الضبابية المرتبطة بالتوقعات الاقتصادية، "أتوقع أننا سنواصل مواجهة مفاجآت جراء التطورات الاقتصادية والجيوسياسية والبيانات المقبلة". وزاد التضخم الشهري إلى حد ما جراء ارتفاع أسعار البنزين 3.6 في المائة الشهر الماضي. وكان اقتصاديون استطلعت "رويترز" آراءهم توقعوا ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين 0.5 في المائة. وأجري جانب كبير من الاستطلاع قبل نشر مكتب إحصاءات العمل التابع لوزارة العمل المراجعات السنوية لبيانات مؤشر أسعار المستهلكين المعدلة موسميا يوم الجمعة. ويعكس الاعتدال في ضغوط الأسعار سياسة نقدية أكثر صرامة ما يؤثر في الطلب إضافة إلى التحسن في سلاسل التوريد. لكن عودة التضخم إلى المستوى الذي يستهدفه مجلس الاحتياطي ويبلغ 2 في المائة لن يحدث قبل مرور فترة من الوقت بسبب ثبات إيجارات العقارات وقلة الأيدي العاملة ما يبقي أسعار الخدمات مرتفعة. وزاد الاحتياطي الاتحادي سعر الفائدة 450 نقطة أساس منذ آذار (مارس) الماضي من قرب الصفر إلى ما بين 4.50 و4.75 في المائة وحدث القسط الأكبر من الزيادات بين مايو وديسمبر. ويعتقد اقتصاديون أن الاحتياطي الفيدرالي قد يرفع سعر الفائدة فوق ذروة 5.1 في المائة التي توقعها في ديسمبر ويثبت السعر عند هذا المستوى لبعض الوقت. إلى ذلك، قالت كاثرين تاي الممثلة التجارية الأمريكية، في مؤتمر صحافي بهانوي، إن الولايات المتحدة وفيتنام حسمتا الخلافات بشأن ممارسات العملة وتجارة الأخشاب في تلك الدولة التي تقع جنوب شرقي آسيا. وأضافت تاي أن الدولتين نجحتا في تخفيف حدة التوترات التجارية عام 2021 عندما توصلت فيتنام إلى اتفاق مع وزارة الخزانة للسماح بمزيد من المرونة فيما يتعلق بعملتها. كما توصل الجانبان إلى اتفاق بشأن الأخشاب التي يتم حصادها وتداولها بشكل غير قانوني، ما أدى إلى تجنب فرض رسوم عقابية. وقالت تاي: "يظهر هذا قدرة الولايات المتحدة وفيتنام على العمل بشكل بناء في مواجهة التحديات". إضافة إلى ذلك، قالت فيتنام عام 2021 إنها ستخفض الرسوم الجمركية على واردات بعض اللحوم المجمدة والذرة والقمح من أمريكا. ودعت كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكي، فيتنام خلال زيارتها فيتنام في وقت سابق العام الجاري، إلى خفض الرسوم الجمركية على المنتجات الزراعية. وتزور تاي فيتنام في إطار جولة تشمل أيضا ماليزيا وألمانيا بهدف تعزيز "الإطار الاقتصادي من أجل رخاء المحيطين الهندي والهادئ"، الذي تقوده واشنطن. وقالت تاي إن زيارتها لفيتنام أكدت التزام الولايات المتحدة بـ"استدامة" علاقاتها مع فيتنام والمنطقة.
مشاركة :