تسبب الاحترار العالمي في تغيير خريطة توزيع المحاصيل الزراعية في العالم، إذ أصبحت المناطق الباردة سابقاً أكثر اعتدلاً وملائمة لزراعة بعض المحاصيل الاستوائية، فيما يتوقع البعض أن تتحول بعض المناطق الزراعية الحالية إلى مناطق جافة غير صالحة للزراعة خلال العقود المقبلة. وذكرت صحيفة «اندبندنت» البريطانية أن ارتفاع الحرارة الذي شهدته المملكة المتحدة خلال السنوات الأخيرة، سمح بزراعة بعض المحاصيل الاستوائية التي كان من غير الممكن زراعتها في بريطانيا خلال القرن الماضي، مثل المشمش، والخوخ، والبطاطا الحلوة، وزهرة عباد الشمس، والبطيخ، وأشجار الجوز، والشاي. ويعتقد البعض أن زراعة المحاصيل الاستوائية ستستمر وتتحسن خلال العقود المقبلة في بريطانيا وكافة أنحاء شمال أوروبا بسبب الارتفاع المستمر في درجات الحرارة الناتج عن ظاهرة الاحتباس الحراري. ويرى المدير السابق لمعهد «روثامستد» الزراعي البروفيسور إيان كروت إنه «منذ العام 2000 رأينا كثيراً من العلامات الدالة على أن التغير المناخي في العالم سيخلق بيئة زراعية أفضل في بريطانيا، إذ سيصبح الجو أكثر اعتدالاً». وأشار كروت إلى أن «التغير المناخي الذي ستستفيد منه البيئة الزراعية في بريطانيا، سيؤثر سلباً على المناطق الزراعية الموجودة حالياً في العالم، خصوصاً في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، والذي قد يشهد موجات جفاف وفياضانات تدمر محاصيله وبيئته الزراعية بالكامل». واعتبر ان «على بريطانيا وغيرها من الدول التي قد تشهد تحسناً وتنوعاً في محاصيلها خلال العقود المقبلة، أن تعوض العالم عن النقص في الغذاء الذي قد يسببه التغير المناخي في المناطق الجنوبية، حتى لا نشهد هجرات جماعية من الجنوب إلى الشمال بحثاً عن الغذاء». وقال الخبير البريطاني في مجال الاكتفاء الغذائي كريس إليوت إنه «على مدى قرون، كان نصف الكرة الجنوبي مسؤولاً عن زراعة غالبية المحاصيل لإطعام العالم بأكمله، لكن قد تتبدل الأحوال خلال العقود المقبلة ليصبح الشمال هو المسؤول عن توفير الغذاء لسكان العالم». وأوضح إليوت أن هذا التغير المتوقع في المناخ، سيدفع بعض البلدان إلى تغيير نوعية المحاصيل التي تنتجها، وهو ما بدأته بالفعل دول أميركا الجنوبية التي استبدلت زراعة القهوة بالكاكاو الذي يتطلب نموه درجات حرارة عالية. وأضاف أنه «حتى الآن لم يُعرف الكثير عما ستكون عليه الزراعة خلال العقود المقبلة، ولا الخطوات التي يجب اتخاذها عالمياً للتأكد من وجود كميات كافية من الغذاء لسكان الكرة الأرضية». وكشف إليوت انه «يعمل حالياً على مشروع قد يساعد في توقع المستقبل الزراعي في جميع مناطق العالم، ويحدد المحاصيل المهددة في كل منطقة، ويضع اقتراحات لاستبدالها بمحاصيل تلائم البيئة الجديدة». ولا يقتصر تأثير التغير المناخي على النباتات والإنسان، بل امتد ليشمل الحيوانات. وكانت صحيفة «تلغراف» البريطانية أفادت بأن الشتاء الدافئ الذي مرت به بريطانيا أخيراً تسبب في بدانة السناجب التي عادة ما تكون في مرحلة سبات شتوي خلال الفصول الباردة. وتعتمد السناجب في العادة على الثمار الساقطة على الأرض، والتي عادة ما تغطيها الثلوج في فصل الشتاء، لكن بسبب ارتفاع الحرارة لم تشهد البلاد كميات كافية من الثلوج لتغطية هذه الثمار التي واصلت السناجب تناولها، ما تسبب في زيادة وزنها. وتراوحت دراجات الحرارة في بريطانيا خلال كانون الأول (يناير) الماضي، بين 4.1 و7.9 درجة مئوية، وهي أعلى من المتوسط في مثل هذا الوقت من العام.
مشاركة :