امتلاك الأجانب للمنازل في جزر البليار الإسبانية يزعج سكانها

  • 2/16/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

طوال العقد الماضي، تم عرض المنازل في أحياء قديمة في قلب مدينة بالما، في جزيرة مايوركا، للبيع. وبدأ المشترون الأجانب يتدفقون على سانتا كاتالينا، حيث استولوا عليها. ووفقاً للسيدة ماري كارمن جوتيريز، التي عاشت في الحي الهادئ معظم حياتها، فإن المشترين الجدد «سئموا الضوضاء والحياة الليلية، وجاؤوا إلى هنا، حيث كل المنازل لديها طوابق أرضية مع باحات واسعة». ويكشف السير في المنطقة عن واحة من الهدوء في وسط مدينة يبلغ عدد سكانها 415 ألف نسمة. ولا تكاد توجد أي سيارات، وهناك واجهات مطلية حديثاً؛ مع الهندسة المعمارية الحديثة التي تتناسب مع المنازل التقليدية الصغيرة. وللوهلة الأولى، لا يمكنك معرفة أن معظم هذه المنازل بها أفنية وحدائق خلفية جميلة. وتحظى الأحياء المثالية، مثل «شون إسبانيولت» بشعبية بين المشترين الأجانب الأثرياء، خصوصاً أولئك القادمين من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى. ويمتد الجذب إلى كامل أراضي جزر البليار، غير بعيد عن الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط لإسبانيا. وحصل ما يقرب من 60 ألف أجنبي على منازل في الجزر خلال السنوات الـ10 الماضية. وفي عام 2021، شكّل حجم مشتريات الأجانب من العقارات نحو 40% من التعاملات، وفقاً لسجل العقارات المحلي. وتقترب جزر الكناري من هذا الرقم، حيث 25.87% من مبيعات العقارات كانت من نصيب الأجانب. الطلب على المساكن مرتفع بشكل غير عادي، خصوصاً بين المواطنين الألمان والبريطانيين والفرنسيين. وهذا ما يفسر لماذا يبلغ متوسط سعر القدم المربع في جزر البليار نحو 300 دولار، ما يجعلها ثاني أغلى سوق عقارية في إسبانيا؛ بعد مدريد (329 دولاراً). تأشيرات ذهبية أدى تصاعد الأسعار إلى قيام حكومة منطقة البليار (ائتلاف مكون من أحزاب اليسار الثلاثة)، بتشكيل لجنة للنظر في إمكانية منع حيازة المساكن من قبل غير المقيمين في الجزر، لمدة خمس سنوات على الأقل. وأيّد خوان بيدرو يلانيس، من حزب بوديموس اليساري المتطرف، هذا النوع من القيود قبل أيام. وذكر يلانيس كندا باعتبارها «نموذجاً يحتذى به». وفي الأول من يناير، طبقت حكومة جاستن ترودو حظراً على ملكية المنازل لغير الكنديين، لمدة عامين على الأقل. وفي حين أن العديد من البلدان قد فرضت حظراً كاملاً على امتلاك المنازل من قبل الأجانب، فقد شجع البعض - بما في ذلك إسبانيا - الاستثمار السكني الأجنبي من خلال منح «تأشيرات ذهبية» مثيرة للجدل. وإذا اشترى شخص ما شقة أو منزل بقيمة لا تقل عن 500 ألف يورو، فيمكنه التقدم بطلب للحصول على إقامة دائمة. العديد من الخبراء الذين تحدثت إليهم «إلبايس» يشككون في الجدوى القانونية لمنع شراء العقارات من قبل غير الإسبان. وعلى أي حال، فهم لا يرون أن هذا النوع من السياسة يمكن أن يكون له أي تأثير كبير على السعر الإجمالي للسكن. وفي حي «شون إسبانيولت»، أصبح العثور على سكن بأسعار معقولة أمراً صعباً بشكل متزايد، بسبب ضغوط الطلب. ويتفق العديد من السكان على الحاجة إلى القيود المقترحة. وفي ذلك يقول عضو مجلس الحي، خوان أنطونيو بيريز: «إن النرويجي الذي اشترى العديد من المنازل في الحي سيقرع الباب ويعرض عليك 700 ألف يورو إذا ذهبت معه إلى كاتب العدل في اليوم التالي لإضفاء الطابع الرسمي على البيع وتصديق العقد». وقضى بيريز سنوات في النضال ضد المشترين الأجانب، وكثير منهم يشترون العقارات لتأجيرها للسياح. الأجواء متوترة مع اشتباكات بين أصحاب المنازل المحليين والمستثمرين. ويتذكر بيريز بمرارة: «أخبرنا هذا المستثمر النرويجي، ضاحكاً، أنه في غضون 10 سنوات، لن يتعرف أيّ منا على الحي». قيود مفروضة وفي عام 2022، اشترى الأجانب منازل أكثر من أي وقت مضى في إسبانيا. وفي الربع الأول من العام، سجل كتّاب العدل أن ما لا يقل عن 72 ألفاً و987 معاملة تم تنفيذها من قبل مشترين أجانب. ويمثل هذا نحو 20% من إجمالي مبيعات العقارات السكنية في جميع أنحاء البلاد في تلك الفترة. وتعتبر القيود المفروضة على شراء المنازل من قبل الأجانب أو غير المقيمين أكثر شيوعاً ممّا قد يعتقد المرء. ومثل كندا، فرضت كل من أستراليا ونيوزيلندا قيوداً على شراء المنازل من قبل الأجانب غير المقيمين. ويوجد في الاتحاد الأوروبي العديد من البلدان، مثل الدنمارك ومالطا، حيث يجب أن يكون الشخص مقيماً لبضع سنوات على الأقل قبل أن يتمكن من شراء منزل. والقيود أكثر صرامة في الأرخبيل الفنلندي «ألاند»، حيث يجب على الأوروبيين الذين يرغبون في شراء أرض في هذه المنطقة الشمالية الحصول أولاً على إذن من السلطات. وتم التفاوض على هذه الاستثناءات قبل أن تصبح هذه البلدان جزءاً من الاتحاد الأوروبي. وضع معقّد يقول أستاذ القانون الدولي بجامعة جزر البليار، خوان ديفيد جانر، إن «اتخاذ هذا النوع من الإجراءات يكون أكثر تعقيداً عندما تكون بالفعل دولة عضواً». وتوضح معاهدات الاتحاد الأوروبي أنه لا يمكن أن تكون هناك قيود على أساس الجنسية وحرية الإقامة وحرية تقديم الخدمات وحرية حركة رأس المال. وتُعد منطقة فلاندرز البلجيكية والبرلمان الكورسيكي مثالين للحكومات المحلية التي حاولت فرض قيود على المشترين والمستأجرين غير المقيمين، في عامي 2009 و2014 على التوالي. وتم إلغاء الإجراءات في كلا البلدين، لأنها تتعارض مع القانون الأوروبي. الطلب على المساكن مرتفع بشكل غير عادي، خصوصاً بين المواطنين الألمان والبريطانيين والفرنسيين. عام 2021، شكّل حجم مشتريات الأجانب من العقارات نحو 40% من التعاملات، وفقاً لسجل العقارات المحلي. العديد من الخبراء يشكّكون في الجدوى القانونية لمنع شراء العقارات من قبل غير الإسبان. 60000 أجنبي اشتروا منازل في الجزر الإسبانية خلال السنوات الـ10 الماضية. تأثير عكسي سواء كانت مبادرة حكومة جزر البليار قابلة للتنفيذ أم لا، يشير الخبراء إلى أنه على الرغم من أن مثل هذه الإجراءات قد يكون لها تأثير مباشر في أحياء معينة، فلن يكون هناك تغيير كبير بشكل عام. ويوضح إدواردو روبسي، وهو اقتصادي كان يشغل منصب المدير العام للإسكان في جزر البليار، حتى ربيع عام 2022، أن الدراسات تشير إلى أنه «عندما تكون هناك زيادة في الأسعار في قطاع العقارات الفاخرة، ينشأ تأثير عكسي في قطاعات أخرى؛ وينتهي الأمر بالمساكن ذات الأسعار المعقولة إلى أن تصبح أغلى ثمناً». ووفقاً لروبسي، عادةً ما تستجيب مشكلات الإسكان في المنطقة - وفي مناطق مضغوطة أخرى من العالم - للنمو في عموم السكان الذي يدفع الطلب. ويتوقع المعهد الوطني للإحصاء أن يزيد عدد سكان إسبانيا أربعة ملايين نسمة على مدار الـ15 عاماً المقبلة. ومن المتوقع أن تنمو جزر البليار بشكل نسبي؛ بنسبة 25٪ على الأقل. ولهذا السبب، فإن روبسي مقتنع، من بين أمور أخرى، بالحاجة إلى مزيد من الاستثمار في الإسكان المدعوم، ويقول: «لا توجد حلول سحرية». سياسات شعبوية يتفق رئيس جمعية عقارات جزر البليار، هانز لينز، على أن المشكلة الكبرى في المقاطعة هي نقص المعروض، ويعلق بالقول: «لم يحصل سكان جزر البليار على مساكن جديدة بأعداد كافية لفترة طويلة؛ إذ تشير التقديرات إلى أن هناك حاجة إلى ما لا يقل عن 16 ألف منزل». وكان تأثير الحظر على شراء المنازل للأجانب ضئيلاً في حالة بلدان، مثل نيوزيلندا، حيث تم اعتماد هذا النوع من التدابير في عام 2018. ومنذ ذلك الحين، أصبح الإسكان أكثر كلفة بنسبة 55٪، كما يقول خوسيه غارسيا مونتالفو، أستاذ الاقتصاد في جامعة بومبيو فابرا، في برشلونة. ويسخر مونتالفو من مثل هذه السياسات، معتبراً أنها شعبوية ومضللة، إذ «إنها تعتمد على محاولة إقناع السكان المحليين بأن الآخرين هم المسؤولون»، متابعاً «أيضاً، هذه المبادرات لا تكلف الحكومة أموالاً. إن بناء المزيد من المساكن المدعومة أمر مكلف، وحظر امتلاك الأجانب سيكون خطة أكثر فاعلية». وفي كندا، ارتفعت أسعار المساكن دون انقطاع منذ عام 2010. وفي عام 2022، قبل أن ينفذ حزب ترودو الليبرالي الحظر، انخفضت الأسعار بالفعل بنسبة 12٪، مقارنة ببداية الوباء. وكان من المتوقع أن تنخفض أسعار المساكن بنسبة 15٪ إضافية، في عام 2023، دون أخذ الإجراءات الجديدة في الاعتبار.  حظر امتلاك الأجانب لا يحلّ مشكلة الإسكان. أرشيفية تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share طباعة فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

مشاركة :