يسعى ملالي طهران من خلال الإجراءات الأخيرة، وخصوصاً العفو عن مجموعة واسعة من الموقوفين، إلى التهدئة بعد أشهر التوتر على خلفية الاحتجاجات، وفق مراقبين يؤكدون في الوقت عينه أن استراتيجية الحكم في الفترة المقبلة تبقى موضع تساؤل. وأفرجت السلطات في الأيام الماضية عن الكثير من الأسماء المعروفة، بينها أشخاص أوقفوا على خلفية الاحتجاجات التي اندلعت منذ 16 سبتمبر إثر وفاة مهسا أميني بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس في إيران. ولم تحدد السلطات عدداً إجمالياً للمفرج عنهم، إلا أن صحيفة "اعتماد" الإصلاحية نشرت على صفحتها الأولى الاثنين، صورا لزهاء 50 شخصية. عوامل عدة وأتت سلسلة الإفراجات بعد موافقة علي خامنئي، على اقتراح رئيس السلطة القضائية، العفو أو تخفيف العقوبة الصادرة في حق "عدد كبير" من السجناء، بينهم بعض من تمّ توقيفهم على خلفية الاحتجاجات الأخيرة. وأوقف الآلاف على هامش الاحتجاجات، منهم صحافيون وناشطون ومحامون وممثلون. وأعلن القضاء إصدار 18 حكما بالإعدام، تمّ تنفيذ أربعة منها في حق مدانين باعتداءات على قوى الأمن. ووفق أرقام رسمية، قضى مئات بينهم متظاهرون وعناصر من الأمن، على هامش الاحتجاجات التي اعتبرت السلطات أن جزءاً كبيراً منها هو "أعمال شغب" يقف خلفها "أعداء" إيران. وفي حين خفّفت السلطات بعض القيود التي فرضت على الاتصال بالانترنت في الآونة الأخيرة، تبقى القيود الأساسية قائمة، خصوصا تلك المتعلقة بوقف تطبيقي واتساب وانستغرام اللذين يحظيان بشعبية واسعة في إيران. واعتبر خسروي أن إجراءات مثل الإفراجات وتخفيف القيود ستؤدي إلى "تهدئة الأجواء على المدى القصير". من جهته، اعتبر المحلل السياسي أحمد زيد أبادي أنه "في حال توقف العفو عند هذه المرحلة ولم يشمل كل السجناء السياسيين، لن يؤدي لتحسين الوضع". ولفت المحلل الذي أودع السجن مراراً خلال مسيرته، الى أن "عوامل عدة مسبّبة للسخط. أدت الى الوضع الحالي، لاسيما الصعوبات الاقتصادية للسكان، التوترات في العلاقات الدولية والضغوط المتعلقة بوضع الحجاب" الإلزامي في إيران. وفي شأن قواعد اللباس، أبرز خسروي ضرورة "متابعة كيف ستتصرف السلطات مع النساء اللواتي سيخفّفن من تغطيتهن مع ارتفاع درجات الحرارة". ويلزم القانون في إيران النساء، سواء الإيرانيات أو الأجانب، وضع غطاء للرأس في الأماكن العامة. وبعد اندلاع الاحتجاجات، بات يمكن في أنحاء طهران ومدن أخرى، رؤية نساء يتجوّلن بلا غطاء للرأس، من دون أن يكنّ عرضة لإجراء أو تنبيه من الشرطة. من جهتها، رأت صحيفة "جوان" المحسوبة على التيار المحافظ المتشدد، أن العفو يؤشر إلى أن "الفتنة انتهت". إلا أنه ومهما قدم من قبل الملالي يظل الإيرانيون متمسكين بإزالة هذه الزمرة الفاشية وتغيير الحكم مهما كلف الأمر.
مشاركة :