عبرت نحو 143 شاحنة تحمل مساعدات إنسانية إلى شمال غرب سوريا منذ 9 فبراير عبر معبري باب الهوى وباب السلامة على الحدود مع تركيا، حسبما أفادت الأمم المتحدة أمس. وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، ينس لايركه، خلال مؤتمر صحفي دوري للأمم المتحدة في جنيف، إن «الحركة مستمرة، وستستمر كل يوم طالما هناك حاجة». وأضاف لايركه: «حالياً لدينا معبران حدوديان كما تعلمون، باب الهوى وباب السلامة، وننتظر أن يكون لدينا معبر ثالث، كما تم الاتفاق عليه أيضاً»، مشيراً إلى أنّ أي مساعدات لم تدخل بعد عبر معبر الراعي، الذي وافق الرئيس السوري بشار الأسد على فتحه أيضاً. وتابع: «لم أشهد أي عبور حتى الآن»، في إشارة إلى معبر الراعي، مضيفاً: «هذا لا يعني أن ذلك لن يتم، لكن المعبر بعيد قليلاً عن المركز وآلية المراقبة التابعة للأمم المتحدة التي تتفقد كل المساعدات». وقال: «نتوقع أن تعبر شاحنات كل يوم». وشملت المساعدات المقدمة من ست وكالات تابعة للأمم المتحدة حتى الآن خياماً ومواد غير غذائية مثل فرش وبطانيات وملابس شتوية، وأدوات لفحص الكوليرا، وأدوية أساسية، ومواد غذائية من برنامج الغذاء العالمي. وبعد مرور 11 يومًا على الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 43 ألف شخص في تركيا وسوريا، لا يزال الوضع في شمال غرب سوريا حيث تسيطر المعارضة صعباً على نحو خاص، بسبب بطء وصول المساعدات إلى هذه المنطقة التي أنهكتها سنوات من الحرب. وقبل الزلزال، كانت تقريبًا كل المساعدات الإنسانية الضرورية لأكثر من أربعة ملايين شخص يعيشون في هذا الجزء من البلاد، تمر عبر معبر واحد هو «باب الهوى»، وتوقفت العمليات عبره مؤقتًا بسبب الأضرار الناتجة عن الزلزال. وفي هذه الأثناء، انتشلت فرق إنقاذ ناجيين آخرين من تحت الأنقاض في تركيا، أمس، بعد 11 يوماً من الزلزال المدمر، الذي خلف ملايين المشردين وأطلق جهود إغاثة ضخمة. وأقامت مساجد حول العالم صلاة الغائب على قتلى الزلزال في سوريا وتركيا، الذين لم يحظ الكثير منهم بمراسم الدفن اللائقة ولا جنازات أو شعائر تشييع مناسبة بالنظر إلى فداحة الكارثة. وعلى الرغم من أن بعض فرق الإنقاذ الدولية غادرت المنطقة المنكوبة الشاسعة إلا أن ناجين لا يزالون يخرجون من تحت منازل وبنايات منهارة في تحد لكل الصعاب. وفي مدينة أنطاكية في جنوب شرق تركيا، انتشل منقذون عثمان حلبية البالغ من العمر 14 عاماً خلال الليل بعد 260 ساعة من وقوع الزلزال في السادس من فبراير. وأشارت إلى أنه نقل للمستشفى للعلاج. كما عثر المنقذون على مصطفى أفجي، البالغ 34 عاماً، على قيد الحياة في أنطاكية بعد 261 ساعة من الزلزال. ولدى نقله على محفة ورده اتصال عبر الفيديو من والديه ليروه طفله حديث الولادة. وبحسب الخبراء، فإن أغلب عمليات الإنقاذ تتم في الساعات الأربع والعشرين الأولى بعد الزلزال. لكن فتاة جرى إنقاذها بعد 15 يوماً من زلزال مدمر ضرب هايتي في 2010 مما يمنح الناس الأمل بالعثور على مزيد من الناجين. لكن عمليات انتشال ناجين باتت نادرة بشكل متزايد بعد أكثر الزلازل فتكاً في تاريخ تركيا الحديث، وأصبح التركيز الآن على مساعدة المشردين. وبلغت قوة الزلزال 7.8 درجة وتلاه آخر مماثل في القوة بعد ساعة. وفي سوريا المجاورة التي مزقها بالفعل صراع دائر منذ أكثر من 11 عاماً، أبلغت السلطات عن مقتل 5800 وهو رقم لم يتغير كثيراً على مدى أيام. وكثفت وكالات الإغاثة الدولية جهودها لمساعدة ملايين المشردين، فيما حذرت منظمة الصحة العالمية، في رد على سؤال لـ«الاتحاد»، عبر البريد الإلكتروني، من زيادة خطر الإصابة بالأمراض المعدية، خصوصاً مع تفشٍّ مستمر للكوليرا بسوريا وغيرها من الأمراض التي تنقلها المياه، بسبب تعطل الوصول للمياه الصالحة للشرب والصرف الصحي، إلى جانب توفير المأوى والحماية من تفشي مرض الحصبة والأمراض التنفسية مثل «كوفيد 19» والإنفلونزا في المناطق المتأثرة بالازدحام. وحذرت من الأضرار الكارثية في شمال غرب سوريا، حيث دمر الزلزال آلاف المنازل، مما ترك الناس بلا مأوى، بينما يوجد 3 ملايين شخص بحاجة إلى المساعدة، منهم 1.9 مليون، معظمهم من النساء والأطفال، كانوا بالفعل يعيشون في المخيمات. ولفتت إلى أن العديد من الشركاء والعاملين الصحيين عانوا من خسائر كبيرة بين القوى العاملة في الخطوط الأمامية. وتقول منظمات إغاثة إن الناجين سيحتاجون مساعدة لأشهر للتعايش مع الدمار الذي لحق بأغلب البنية التحتية. وينام الناجون في المناطق المنكوبة الممتدة على مساحة شاسعة في الخيام أو المساجد أو المدارس أو السيارات في ظل برد الشتاء القارس المقترب من التجمد. ووفقاً لمسح أجرته منظمات غير حكومية، فهناك نحو 50 ألف أسرة في شمال غرب سوريا في حاجة إلى خيام أو ملاجئ عاجلة.
مشاركة :