يعد تاريخ العالم على كوكب الأرض أكثر إثارة للدهشة من الخيال العلمي الأكثر جنونا، وهي حقيقة تم توضيحها بما لا يدع مجالا للشك في "أذارلاندز"، وهو عمل غير خيالي للكاتب البريطاني، توماس هاليداي، يدور عن كوكب الأرض قبل ملايين الأعوام. ويعيد هاليداي، وهو عالم حفريات وخبير في علم الأحياء التطوري، ذلك التاريخ إلى الحياة من جديد، بطريقة مبدعة وجذابة، بداية من سهوب الماموث في العصر الجليدي في ألاسكا، وصولا إلى الغابات المطيرة الخصبة في القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا) خلال عصر الـ"إيوسين". ويدعونا الباحث البريطاني لرؤية ذلك في صورة رحلة للعودة بالزمن إلى الوراء، وتحديدا للظهور الأول للحياة الميكروبية قبل 550 مليون عام. وبحسب "الألمانية"، يقول هاليداي، "آمل أن تقرأوا هذا في سياق كتاب لعالم الطبيعة، وإن كان أحد الأراضي البعيدة في الزمن وليس الفضاء، وأن تبدأوا بالنظر لـ500 مليون من الأعوام الماضية، ليس كمساحة لا متناهية من الزمن الذي لا يمكن فهمه، لكن كسلسلة من العوالم الرائعة لكن المألوفة في الوقت نفسه". ويأخذنا هاليداي إلى النظم البيئية التي اختفت منذ زمن طويل، كما لو كنا في رحلة ميدانية، وإلى الحيوانات المفترسة التي تأكل الديناصورات، والخيول ذات حجم القطط، وثعالب الماء العملاقة وطيور البطريق التي كان يبلغ ارتفاعها مترين. ويوضح خبير الأحياء أن "ماضي كوكبنا يختفي تحت التراب، وإنه يحمل ندوب تكويناته والتغيرات التي طرأت على قشرته الأرضية". ومع الاشارة إلى أنه لا يمكننا "زيارة البيئات التي كانت تسير فيها الديناصورات العملاقة، ولا يمكن أبدا أن نمشي على تربتها ولا نسبح في مياهها"، فإن الطريقة الوحيدة لتجربة ذلك تعد من خلال دراسة الصخور، حيث يوضح هاليداي أننا إذا قرأنا "آثارها في الرمال المتجمدة"، فيمكننا أن نحاول تخيل الأرض الخفية. ويقوم هاليداي في إطار عمله باستكشاف الأرض، كما كانت من قبل، ويتتبع التغييرات التي حدثت على مدار التاريخ، والطرق التي تكيفت عليها الحياة أو أخفقت في القيام بذلك. ونعود إلى ذوبان العصر الجليدي (البليستوسين) قبل 20 ألف عام في السهل الساحلي الشمالي لألاسكا، إلى موقع كانابوي في كينيا للحفريات والحياة البشرية القديمة أثناء العصر البليوسيني قبل أربعة ملايين عام، وإلى منطقة "جارجانو" في إيطاليا أثناء عصر الميوسين قبل 5.33 مليون عام. وينتهى بنا المطاف عند موقع "تلال إديكارا" في أستراليا خلال العصر الادياكاري قبل 550 مليون عام. ويقول إن عمله هو بالضرورة تفسير شخصي للنتائج والبيانات المتاحة، مشيرا إلى أنه عادة ما يفسر الباحثون البيانات بشكل مختلف. ويسلط هاليداي الضوء على حقيقة أن هناك مجموعة من الآراء المتضاربة، واستخدم إحدى الفرضيات المتنافسة. ويوضح هاليداي، أن التاريخ الجيولوجي لكوكب الأرض يعود إلى ما يقرب من 4.5 مليار عام، مضيفا أن الحياة قائمة منذ نحو أربعة مليارات عام، وأن حياة الكائنات الأكبر من أحادية الخلية، تعود إلى نحو ملياري عام. ونتعرف على أن هناك عديدا من الحيوانات التي نعد أن وجودها مسلم به، جاءت في وقت متأخر نسبيا، مثل الأعشاب، التي صارت حاليا المكون الرئيس لأكبر النظم البيئية على الكوكب، حيث إنها لم تظهر إلا قبل 70 مليون عام فقط.
مشاركة :