البيوت والقصور الطينية .. إرث ثقافي وتراث عمراني عريق

  • 2/19/2023
  • 21:40
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تفردت منطقة نجران بعديد من الآثار والمعالم الحضارية، والتراث العمراني، الذي يعد مقوما أساسيا من مقومات السياحة الريفية بالمنطقة، حيث تنتشر نحو 33 قرية طينية على جانبي وادي نجران تمتد من الغرب إلى الشرق، شمالا وجنوبا. وحفاظا عليها من الاندثار، لما تكتنزه من طراز عمراني فريد متداخل مع جمال البيئة المحيطة به بمسطحاتها الخضراء وحدائقها الغناء ونخيلها الباسقات على ضفتي وادي نجران، بادر ملاك "الدروب" القصور والبيوت الطينية التراثية بنجران، بإعادة ترميمها وتهيئتها في بادرة وطنية ذاتية نابعة من وعيهم بأهمية الإرث التاريخي الوطني، وأهمية المحافظة عليه بوصفه هوية وتاريخا، وتأصيلا لماض عريق وحاضر مزدهر، ومستقبل واعد، لتكون مزارا سياحيا وإرثا للأجيال القادمة، وشاهدا على الإرث الثقافي والتراث العمراني للمنطقة والوطن. وتختلف نماذج المباني الطينية في المسميات، وفي الشكل وطريقة البناء، فيما تتوحد مكونات بنائها من الحجر والطين والأخشاب والتبن، ويتميز "الدرب" بصور هندسية ذات فن معماري وجمالي أخاذ يتكون من سبعة إلى تسعة طوابق، ويبنى في سطحه غرفة وحيدة تسمى الخارجة تكشف كامل المحيط الخارجي للدرب وهي مخصصة لرب الأسرة أو كبير العائلة، ويوجد في محيط الدرب بئر تسمي "الحسي"، أما مبنى "المشولق" وهو مبنى على شكل حرف U، فيتكون من طابقين إلى ثلاثة وتطل جميع غرفه على المدخل الرئيس، فيما يتكون مبنى "المقدم" من ثلاثة طوابق وحوش، ويستخدم الطابق الأرضي منه كمجلس وغرف للتخزين، وكذلك المبنى "المربع" الذي يتميز بتساوي أضلاعه. وتبرز جماليات البناء العمراني للقصور والبيوت الطينية في نجران، بأدق تفاصيلها في الزوايا المائلة المتباعدة، وقرب السقف في مبنى "المشولق"، أما "لمربع" و"القصبة" فتبنى بشكل دائري، وتكون القاعدة كبيرة، وتضيق الدائرة، كلما ارتفع للأعلى ويوجد المبنى بالعادة في زوايا القرية للحماية. فيما يأتي نموذج القلاع أو الحصون أو ما يسمى "القصبة"، التي عادة تكون في السور الذي يبنى على بعض المباني أو على القرية، وتبنى بشكل دائري، حيث تكون القاعدة أكبر وتضيق الدائرة كلما ارتفع البناء، وعادة يكون في علو السور المحيط بمجموعة من المباني وضع "العوسج" أو ما يسمى "بالزرب" لإحاطة علو السور لهدف الحماية ومنع التسلق، ويكون للسور باب مكون من خشب "العلب" السدر الصلب، وله مفاتيح تسمى بالضبة أو المفتاح، كما يستخدم خشب السدر في صناعة الأبواب الداخلية والنوافذ "البائجة". ويبدأ بناء بيوت الطين باستخدام الطين والتبن وجذوع وسعف النخل والأثل، بدءا بوضع الأساس المسمى "وثر"، وهو من الحجارة والطين، ثم يبدأ بوضع المدماك الأول وبعد الانتهاء منه يترك لمدة يوم حتى يجف، وذلك في الصيف، أما في الشتاء فيترك يومين أو ثلاثة ثم يقام المدماك الثاني، وهكذا حتى يتم البناء، وبعد الانتهاء، تتم عملية "الصماخ"، وهو لياسة السقف من أسفل بالطين، والسقف عبارة عن خشب من جذوع وسعف النخيل وأشجار الأثل أو السدر، وبعد 15 يوما يتم البدء بما يسمى "القضاض" من الجير الأبيض، ثم تتم عملية "التعسيف" وهو عملية الدرج والتلييس بالطين، بعد ذلك تأتي العمليات الجمالية الإضافية للمباني من الداخل والخارج.

مشاركة :