الاقتصاد التركي يخضع لضغوط بعد الزلزال .. صدمة للإنتاج الزراعي والمناطق الصناعية

  • 2/19/2023
  • 21:58
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يتحتم على تركيا الآن بعدما كانت تعول على سخاء بعض الشركاء الأثرياء لتحسين أوضاعها الاقتصادية، أن تواجه تداعيات الزلزال الذي دمر عشرات المدن في السادس من شباط (فبراير) تاركا ملايين الأشخاص بلا مأوى ولا عمل. وبحسب "الفرنسية"، ستضطر تركيا الآن لتخصيص مليارات الدولارات لإعمار 11 محافظة في الجنوب والجنوب الشرقي، لحقها دمار هائل من جراء أسوأ كارثة في تاريخ البلاد المعاصر. كذلك، وعد الرئيس رجب طيب أردوغان، بمنح ملايين الليرات التركية للمواطنين المتضررين، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة في 14 أيار (مايو). وقد يؤدي ضخ كل هذه المبالغ إلى تحفيز الاستهلاك والإنتاج الصناعي، وهما مؤشران أساسيان للنمو الاقتصادي، لكن الواقع أن تركيا تعاني شحا في الأموال. وبحسب الوكالة، تمكنت تركيا من إعادة تشكيل احتياطي البنك المركزي بعدما كاد ينفد، بفضل مساعدة روسيا ودول الخليج. لكن خبراء الاقتصاد يوضحون أن هذه الأموال بالكاد تكفي للحفاظ على المالية التركية ومنع الليرة التي تواجه وضعا صعبا من الانهيار، وذلك حتى موعد الانتخابات إن لم يتم تأجيلها. إلا أن أردوغان مضطر الآن إلى إصلاح أضرار بقيمة نحو 78.9 مليار يورو بحسب تقديرات مجموعة من رؤساء الشركات الكبرى، فيما تقارب تقديرات خبراء آخرين 9.4 مليار دولار. ووعد أردوغان بتوفير مساكن جديدة لملايين المتضررين في غضون عام. وفي حال تمكن من توفير الأموال بفضل مانحين أجانب جدد، سيتحتم على الرئيس التركي تخصيص قسم كبير منها لقطاع البناء من أجل إعمار أجزاء كاملة من البلاد هدمت تماما. ولطالما اعتمد أردوغان على هذا القطاع الذي توجه إليه اليوم أصابع الاتهام باعتباره مسؤولا عن انهيار مبان سكنية كثيرة نتيجة مخالفة معايير البناء المقاوم للزلازل. وكان التطوير العقاري أساسيا في تحديث قسم كبير من البلاد وفتح مطارات وشق طرق وبناء مستشفيات. وعد البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، أن "أعمال إعادة البناء قد تعوض إلى حد بعيد عن الوطأة السلبية للزلزال على النشاط الاقتصادي". وقبل الزلزال كانت المنطقة المتضررة تسهم في الاقتصاد التركي بمستوى 9 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، ولا سيما من خلال مناطق صناعية كبرى في غازي عنتاب ومرفأ إسكندرون الذي تمر عبره منتجات المنطقة المصدرة إلى العالم. كذلك، ستطول الصدمة الإنتاج الزراعي. ولفتت أوناي تامجاك أستاذة الاقتصاد في جامعة توب للاقتصاد والتكنولوجيا في أنقرة إلى أن المنطقة تؤمن 14.3 في المائة من الإنتاج الزراعي التركي بما في ذلك منتجات الصيد والغابات. وحذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) من بلبلة في الإنتاج الغذائي الأساسي في تركيا وسورية. وطال الزلزال أيضا البنى التحتية الخاصة بالطاقة والمواصلات وقنوات الري، بحسب تامجاك. ويراجع البعض الماضي محاولين إيجاد نموذج يمكن اتباعه. غير أن محمود محيي الدين المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي عد أن العواقب الاقتصادية للزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة لن تكون بمستوى أضرار الزلزال بقوة 7.6 درجة الذي ضرب البلد في 1999 وتسبب في مقتل 17 ألف شخص، ولو أن المؤسسة المالية سارعت إلى التوضيح أن المسؤول كان يتكلم بصفة شخصية. وخسر الاقتصاد التركي في ذلك الحين 0.5 إلى 1 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، إذ طال الزلزال قلب تركيا الصناعي، بما فيه عاصمتها الاقتصادية إسطنبول. غير أن الاقتصاد انتعش بسرعة وسجل اعتبارا من العام التالي نموا بنسبة 1.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي بفضل جهود الإعمار، بحسب البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية. وجاء في مذكرة شاركها ولفانجو بيكولي المحلل في مكتب تينيو للاستشارات أن القطاع السياحي الذي "أصبح من المصادر الرئيسة للعملات الأجنبية لتركيا" سيبقى بمنأى نسبيا عن الأضرار، إذ إن المنطقة المنكوبة ليست الوجهة الأولى للسياح الأجانب في البلد. وقال باكي دميريل أستاذ الاقتصاد في جامعة يالوفا بهذا الصدد "من الواضح أن (البلاد) ستحتاج إلى عملات أجنبية"، مشيرا إلى أنه سيتحتم على تركيا زيادة الاستيراد. غير أن الحكومة لديها هامش مناورة، إذ إن الدين السيادي التركي ضعيف نسبيا. من جهة أخرى، يقاطع المستثمرون الأجانب البلاد بسبب سياسة الحكومة الاقتصادية المخالفة للنهج التقليدي، التي قضت بخفض معدلات الفائدة بانتظام، ما تسبب في ارتفاع حاد في التضخم. وعند وقوع الكارثة، كانت تركيا قد أعلنت للتو نسبة تضخم رسمية بقيمة 58 في المائة مقارنة بـأكثر من 85 في المائة في نهاية 2022. غير أن الخبراء يتفقون على أن تركيا تواجه رياحا معاكسة قد تعوق نموها خلال العام الحالي.

مشاركة :