إن أحد أعظم مواطن القوة في فكر شي تكمن في الكيفية التي يجمع بها بين حكمة وعمق تجربة الصين، التي ترجع إلى آلاف السنين، وبين الأفكار الماركسية التي تطورت في الغرب تحت تأثير الحداثة. بقلم: مارتن ألبرو مع هذا المجلد الرابع من كتاب "شي جين بينغ: حول الحكم والإدارة"، رسخ الظهور المنتظم لخطابات الرئيس شي جين بينغ نفسه باعتباره حدثا عالميا في ساحة النشر. ومع تنامي مكانته كمفكر بالتوازي مع تأثيره في الشؤون العالمية، سينصب اهتمام جميع المفكرين السياسيين الجادين على المساهمات الفكرية التي يقدمها لنظرية الدولة الحديثة في ظل عالم معولم. حظي هذا الكاتب الأجنبي بامتياز مراجعة المجلدات الثلاثة السابقة. وقد ذكرت في الماضي أن شي بث حياة جديدة في مفهوم الحكم من خلال استكشاف المجموعة الكاملة من المفاهيم التي يقوم عليها مجتمع سليم، لتمكين شعبه من مواصلة تطبيق قيمه ومشاطرة تطلعاته إلى السلام والأمن. في الوقت نفسه، ركز بشكل متزايد على المساهمة التي تقدمها الصين لحماية مستقبل البشر على كوكب عرضوه للخطر من خلال أفعالهم. إن الحضارة الأيكولوجية هي المفهوم الصيني الذي يجعل التنمية المستدامة مشروعا قابلا للتحقيق. وإن خلق توازن بين الإنسان والطبيعة هو مفهوم له جذور عميقة في الثقافة الصينية، ويقدم شي المثال العملي على ذلك لوقتنا الحاضر من خلال حزام نهر اليانغتسي الاقتصادي. إن أحد أعظم مواطن القوة في فكر شي تكمن في الكيفية التي يجمع بها بين حكمة وعمق تجربة الصين، التي ترجع إلى آلاف السنين، وبين الأفكار الماركسية التي تطورت في الغرب تحت تأثير الحداثة. هذه نظرة دينامية لعلاقة الأفكار بالواقع، تم استيعابها من خلال فهم الماضي، ثم تطبيقها برسالة مفادها أن الماركسية في حد ذاتها يجب أن تواكب تغير العصر. ويؤكد بشكل قاطع أن الديمقراطية هي "قيمة إنسانية مشتركة ومثل أعلى يعتز به دائما الحزب الشيوعي الصيني والشعب الصيني". لا يوجد نظام واحد ويجب على كل بلد تطوير المؤسسات التي تتناسب مع تاريخه وثقافته. في حالة الصين، يشير شي إلى خمسة مبادئ أساسية يتمسك بها الحزب الشيوعي الصيني وهي: أن الديمقراطية الشعبية هي شريان الحياة للاشتراكية؛ وأن الشعب يدير البلاد؛ وأن الاشتراكية الصينية تتوافق مع الظروف الوطنية؛ وأن جميع قطاعات المجتمع تتوصل، عن طريق الانتخابات والتصويت، إلى توافق في الآراء؛ وأن الاستفادة من مواطن قوة الديمقراطية الاشتراكية يصون ازدهار الحزب والبلاد والاستقرار على المدى الطويل. وهذا دليل على التطور المستمر لفكر الحزب الذي يكتبه شي عن "الديمقراطية الشعبية الكاملة العملية" وكيف تتكامل مع "الديمقراطية الموجهة نحو النتائج". فالديمقراطية تغطي جميع قطاعات المجتمع. ومطلوب من الحزب فيها توسيع مشاركة الشعب في مجالس نواب الشعب لأنها ضرورية للحيوية السياسية للصين. من بين الأمور التي طالما أعجبت بها في نهج شي هي استعداده لمخاطبة الشباب والاستعانة بدعمهم وحماسهم لتحقيق الحلم الصيني كما فعل في خطاب ألقاه في الذكرى المئوية لتأسيس عصبة الشبيبة الشيوعية الصينية. في خطابه، قال شي إنه يتعين على الشباب في عصبة الشبيبة التعلم من تجربة الحزب وتطبيقها من أجل تحسين الذات. وينبغي عليهم القيام بذلك بمساعدة العصبة التي ستسعى هي نفسها دائما إلى وضع معايير عالية في الحوكمة الذاتية من خلال روح تجمع بين الإصلاح وتعبر عن روح العصر على حد سواء. إن المجلد الرابع لشي هو البيان الأكثر ثقة حتى الآن لمهمة الأمة الصينية وآفاقها. إنه موجه إلى الشعب الصيني ولكن يمثل تجربته التاريخية وإنجازاته الأخيرة التي يجب على بقية العالم اعتبارها نموذجا يحتذى به لما يمكن تحقيقه. إنه مصدر إلهام للجهود المشتركة الرامية إلى تأمين مستقبلنا المشترك على هذه الأرض. ملاحظة المحرر: مارتن ألبرو هو مؤلف كتاب ((الصين والمستقبل المشترك للبشرية: استكشاف القيم والأهداف المشتركة)) الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة مواقف وكالة أنباء ((شينخوا)).■
مشاركة :