تاريخنا بعيون شبابنا - د. فهد الطياش

  • 2/2/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أود أن أسجل لدارة الملك عبدالعزيز التقدير لأعمالها الجليلة التي تقوم بها في متابعة توثيق وحفظ تاريخ بلادنا الحديث، وتمكين المهتمين من الوصول اليه. ويعود الفضل في هذا التميز للحرص الذي أولاه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان لهذه المؤسسة الفريدة لعقود من الزمن ومنذ أن كان أميرا للرياض. ويستمر الدعم والاهتمام من سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رئيس اللجنة التنفيذية بالدارة، والذي يسعى الى تحقيق حلم راود الكثير منا ممن سنحت لهم الفرصة في زيارة متاحف عالمية. ويتلخص هذا الحلم في الخطة الوطنية "لتقريب الشباب من تاريخ بلادهم وتعريفهم به" والتي يشير اليها الدكتور فهد السماري المستشار في الديوان الملكي والأمين العام للدارة: "ستقوم الدارة بعمل كبير تجاه تاريخ المملكة وذلك من خلال استهداف طلاب التعليم والجامعات والمنتديات ووسائل التواصل، وسيكون العمل على اتجاهين تفاعلي ومشترك مع الجهات الأخرى". وتصريح الدكتور السماري - الذي أعرف حماسه واهتمامه ومتابعته وفريق العمل معه لكل مستجدات التوثيق والعرض والتفاعل – يعني أن مشوار التحول التفاعلي لتاريخ بلادنا قد بدأ فعلا. ولم يحاول الدكتور السماري التهرب من الاعتراف بالقصور في الوصول للشباب ولكنه أوضح أن الموضوع الآن هو ابعد من الوصول اليهم من خلال مشاركتهم و"الاستعانة بالشباب أنفسهم لوضع برامج تناسبهم وتضمن وصول المعلومة إليهم". جاء هذا التأكيد على هامش الندوة العلمية الكبرى والتي اختتمت أعمالها نهاية الأسبوع الماضي تحت عنوان "المصادر التاريخية لمكة المكرمة عبر العصور: رصدا ودراسة وتحليلا". ما يهمنا الآن هو استثمار التوجه نحو الشباب للمشاركة في هذا الجهد التفاعلي. ولعلي أبدأ أولا من الفصل الدراسي ومواد التاريخ السعودي. فالمتابع لكتب تاريخنا الوطني يستطيع تفهم معاناة الصغار من التفاعل معها. فهي جافة من حيث السرد القصصي الماتع ومليئة بحشو الأسماء أو تكرارها ما يفقد القصص تسلسلها أو الإكثار من التواريخ في عجالات تشتت الانتباه. وقد شاهدت أحد الأطفال في المرحلة المتوسطة وهو يكاد يبكي قبل الامتحان النهائي لعدم تمكنه من حفظ وتذكر كل الأسماء والتواريخ في دروس تاريخنا الوطني. فهل كان الهدف هو تنفير الصغار أم جعل القصة حاضرة في حياته؟ التاريخ كما أراه وربما يختلف معي البعض هو عبارة عن قصة موثقة وتقدم بطريقة مشوقة. ولو قسمنا كلمة تاريخ باللغة الانجليزية لوجدنا أنها تعني القصة الرفيعة التوثيق والإمتاع، وبالتالي نجد أن مترادفة الكلمة في قاموس دلالات الألفاظ هو"قصة" Hi/Story وهنا لا بد من الانتقال الى خطوة تدريبية بحيث ينتقل الطالب من مرحلة الإثراء اللغوي والتفكير البصري ليتمكن من تحقيق هدف المشاركة في عرض تاريخنا للأجيال القادمة. والخطوة التالية أن يتحول المركز التاريخي بالرياض كمرحلة أولى لتطبيق هذه التفاعلية، وبعدها تنتقل وفق النموذج الإنجليزي لتفاعلية الأماكن التاريخية والمتاحف المتخصصة في كل منطقة. بل وحتى المدن والولايات الاميركية التي تطبق التفاعلية في واشنطن وحتى كولورادو. ومن هنا يصبح لليوم الوطني جائزة لشبابنا عبر التطبيقات التفاعلية. والمهم الإشارة التي ذكرها الدكتور السماري فيما يتعلق بمشاركة الجهات المختلفة. فأرامكو على سبيل المثال تساهم بمعرض وتاريخ الزيت في المملكة والعالم. وكذلك مركز الأمير سلطان بن عبدالعزيز يرحمه الله للعلوم "سايتك" في المنطقة الشرقية. نعم لدينا البنية التحتية وربما نحتاج فقط الى نقطة البداية وأتمنى أن تكون من الجامعات وخاصة أقسام التاريخ التي حولتها صورتنا النمطية لأقسام غير مهمة في سوق العمل. ومع ضلوع شبابنا بالتقنية وتخصص التاريخ ووجود الكراسي العلمية بالجامعات مثل كرسي الملك سلمان للتاريخ بجامعة الملك سعود ستكون هي الحاضنة التطبيقية وربما التحكيم لمنافسات الشباب من الجنسين. فتاريخنا يستحق منا الكثير قبل أن نفقده بين دفتي كتب مملة، ولاتجيد فن سرد القصص. والأهم هو البدء الفعلي في تأسيس قناة وثائقية لعرض المنتج الى أهالينا في المنزل، فهم جزء من التاريخ ويحق لهم الاستمتاع به. فخير العلم ما نفع. Draltayash@yahoo.com

مشاركة :